بَعْدَ هُدُوءِ الْعَاصِفَةِ

Wave Image
كَـفَّـرْتُ عَـنْ شِـعْـرِي وَلُـمْـتُ يَـرَاعِي
وَنَــدِمْـتُ بَـعْـدَ تَـطَـوُّعِـي وَدِفَـاعِـي
هَـتَـكَـتْ حِـجَـابَ رِيَـائِـهَـا إِذْ كَشَّرَتْ
عَــنْ نَــابِــهَــا وَبَــدَتْ بِــغَـيْـرِ قِـنَـاعِ
بِـالْأَمْـسِ أَطْـلَـقْـتُ الْـيَـرَاعَ مُـحَامِيًا
مُـسْـتَـلْـهِـمًـا وَحْـيَ الْـهَوَى وَالدَّاعِي
لَـبَّـيْـتُ قَـلْـبِـي فِـي هَـوَاهَـا طَـائِـعًـا
وَالْـيَـوْمَ أُطْـرِقُ فِـي أَسَـى الْـمُـلْـتَاعِ
يَــنْــتَـابُـنِـي فِـيـهَـا الْـوَفَـاءُ وَنَـزْعَـةٌ
وَيَـصُـدُّنِـي عَـنْـهَـا الْـهَـوَى وَنِـزَاعِـي
سَـبَـقَـتْ إِلَـيْـهَـا فِـي الْـفَـجِيعَةِ أَنَّنِي
لَــحْــنٌ حَــزِيـنُ الْـجَـرْسِ وَالْإِيـقَـاعِ
كَــلَّــلْــتُـهَـا بِـالْـغَـارِ وَهْـيَ جَـرِيـحَـةٌ
وَالـــنَّـــاسُ بَــيْــنَ مُــعَــيِّــرٍ أَوْ نَــاعِ
وَزَجَـرْتُ فِـيـهَـا الـشَّـامِـتِـيـنَ تَـعَفُّفًا
عَــنْ جِــيــفَــةٍ فِـي حَـلْـبَـةٍ وَصِـرَاعِ
وَعَـكَـسْـتُ مِـنْ شِـعْـرِي عَـلَـيْهَا هَالَةً
«طُـولُـونُ» مَـصْـدَرُ نُورِهَا وَشُعَاعِي
عَــيَّ الـدِّفَـاعُ فَـلَـيْـتَ مَـنْ أَدْلَـى بِـهِ
قَــدْ عَــيَّ قَــبْــلَ الــدَّفْــعِ وَالْإِقْـنَـاعِ
•••
قُــلْ لِــلَّـبَـاةِ اسْـتَأْسَـدَتْ فِـي مَأْمَـنٍ
هَــلَّا زَأَرْتِ عَــلَــى عَــرِيــنِ سِــبَــاعِ
قُــلْ لِــلْـعَـجُـوزِ يَـسُـومُـهَـا جَـلَّادُهَـا
خَــسْــفَ الْـعَـذَابِ وَذِلَّـةَ الْـمُـنْـصَـاعِ
هَـلَّا انْـتَـفَـضْـتِ مِـنَ الْـقُـيُودِ كَرِيمَةً
أَفَـــتُـــؤْثِـــرِيــنَ مَــرَارَةَ الْأَوْجَــاعِ؟
أَخْــلَــفْـتِ ظَـنِّـي وَالـظُّـنُـونُ تَـعِـلَّـةٌ
لِـــمُـــتَـــيَّـــمٍ وَمَـــطِــيَّــةٌ لِــلَــكَــاعِ
فَـاسْـتَـغْـفِـرِي مِـمَّـا جَـنَـاهُ «مُـمَـثِّلٌ»
وَتَــنَــكَّــرِي فِــي مَــظْـهَـرِ الْـمُـرْتَـاعِ
لَا زِلْـتُ أُولِـيـكِ الـنَّـصِـيـحَـةَ صَـادِقًا
فَإِذَا أَذِنْــتِ تَــعَــطَّــفِــي بِــسَــمَــاعِ
•••
لُــبْــنَــانُ يَــا جَـارَ الـدُّرُوزِ وَغَـابَـهُـمْ
وَعَـــرِيـــنَ كُـــلِّ مُـــظَـــفَّــرٍ مَــنَّــاعِ
عَـاثَـتْ ذِئَـابٌ فِـي الـشَّـرَى وَتَـنَمَّرَتْ
مَــا بَــيْــنَ عَــاطِـشَـةٍ وَبَـيْـنَ جِـيَـاعِ
فَــارْبَأْ بِــحِــلْـمِـكَ أَوْ يُـؤَوِّلُ مُـجْـتَـرٍ
وَابْطِشْ بِهَا فِي السَّفْحِ أَوْ فِي الْقَاعِ
إِنَّ الَّـتِـي زَعَـمَـتْ حُـقُـوقَـكَ مِـنْـحَةً
سَــلَــبَـتْـكَ هَـذَا الْـحَـقَّ بَـعْـدَ خِـدَاعِ
رَدَّتْـــهُ رَاغِـــمَـــةً وَلَـــوْلَا غَــضْــبَــةٌ
مُــضَــرِيَّــةٌ مَــا ارْتَــدَّ بَــعْـدَ ضَـيَـاعِ
فَـلْـيَـعْـتَـبِـرْ مَـنْ لَا يَـزَالُ «مُـحَـايِدًا»
وَلْـيَـفْـقَـهِ الـدَّرْسَ الـلَّـبِـيـبُ الْوَاعِي
الْــحَــقُّ يُـؤْخَـذُ لَـيْـسَ يُـمْـنَـحُ مِـنَّـةً
مِــنْ مُــنْــعِــمٍ مُــتَــفَــضِّـلٍ بِـمَـتَـاعِ
وَالْـحَـقُّ يُـؤْخَـذُ عَـنْـوَةً أَوْ يُـشْـتَـرَى
حَــتَّــى تَــعَــادَلَ صَـفْـقَـةُ الْـمُـبْـتَـاعِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤