حَظُّ الشُّعَرَاءِ

Wave Image
مُـــلُــوكٌ فَأَمَّــا حَــالُــهُــمْ فَــعَــبِــيــدُ
وَطَـــيْــرٌ وَلَــكِــنَّ الْــجُــدُودَ قُــعُــودُ
أَقَـامُـوا عَـلَـى مَتْنِ السَّحَابِ فَأَرْضُهُمْ
بَــعِــيــدٌ وَأَقْــطَــارُ الــسَّـمَـاءِ بَـعِـيـدُ!
مَـجَـانِـيـنُ تَاهُوا فِي الْخَيَالِ فَوَدَّعُوا
رَوَاحَــةَ هَــذَا الْــعَــيْـشِ وَهْـوَ رَغِـيـدُ
وَمَـا سَـاءَ حَـظُّ الْـحَـالِـمِـيـنَ لَـوَ انَّـهُمْ
تَـــدُومُ لَــهُــمْ أَحْــلَامُــهُــمْ وَتَــجُــودُ
فَـوَا رَحْـمَـتَـا لِـلـظَّـالِـمِـيـنَ نَـفُـوسَـهُمْ
وَمَــا أَنْــصَــفَـتْـهُـمْ صُـحْـبَـةٌ وَجُـدُودُ
وَيُـذْرُونَ مِـنْ مَـسِّ الْـعَذَابِ دُمُوعَهُمْ
فَــيُــنْــظَــمُ مِــنْــهَـا جَـوْهَـرٌ وَعُـقُـودُ
بَنِي الْأَرْضِ كَمْ مِنْ شَاعِرٍ فِي دِيَارِكُمْ
غَــبِــيـنٌ وَغُـبْـنُ الـشَّـاعِـرِيـنَ شَـدِيـدُ
بَـنِـي الْأَرْضِ أَوْلَـى بِـالْـحَـيَـاةِ جَـمِيلَةً
مُــحِــبٌّ عَــلَــيْـهَـا مِـنْ حِـلَاهُ نُـضُـودُ
مُــحِــبٌّ تُــنَــاجِــيــهِ بِأَسْـرَارِ قَـلْـبِـهَـا
وَمَـهْـمَـا تُـرِدْ فِـي الْـعَـيْـشِ فَـهْوَ يُرِيدُ
عَـلَـى أَنَّـهُ قَـدْ يَـبْـلُـغُ الـسُّـؤْلَ خَاطِبٌ
خَــلِــيٌّ وَيُــزْوَى عَــنْ هَــوَاهُ عَــمِـيـدُ
بَـنِـي الْأَرْضِ لَا تَـنْـضُوا لَهُ السَّيْفَ إِنَّهُ
يُــذَادُ عَــنِ الــدُّنْــيَــا وَلَــيْــسَ يَـذُودُ
أُرِيــدَ بِــهِ لِــلــنَّـاسِ خَـيْـرٌ فَـلَـمْ يَـزَلْ
بِـــهِ عَـــمَــهٌ عَــنْ نَــفْــسِــهِ وَشُــرُودُ
تَــجَـمَّـعَـتِ الْأَضْـدَادُ فِـيـهِ فَـحِـكْـمَـةٌ
وَحُـــمْــقٌ وَقَــلْــبٌ ذَائِــبٌ وَجُــمُــودُ
حُــمَــادَاهُ صَـبْـرٌ فِـي الْـحَـيَـاةِ وَإِنَّـمَـا
هِــيَ الــنَّــارُ تَــخْــبُـو سَـاعَـةً وَتَـعُـودُ
مُـقِـيـمٌ عَـلَـى عَـرْشِ الـطَّبِيعَةِ حَاضِرٌ
وَلَـــكِـــنَّـــهُ بَـــيْـــنَ الْأَنَـــامِ فَــقِــيــدُ
إِذَا جَـالَ بِـالْـعَـيْـنَـيْـنِ فَـالْـكَـوْنُ بَـيْتُهُ
فَإِنْ مَــدَّ بِــالْــكَــفَّــيْــنِ فَـهْـوَ طَـرِيـدُ
وَأَقْــصَـى مُـنَـاهُ فِـي الْـحَـيَـاةِ نَـهَـارُهُ
وَأَدْنَــى مُــنَــاهُ فِـي الْـمَـمَـاتِ خُـلُـودُ
يَـرَى الْـغَـيْـبَ عَـنْ بُـعْـدٍ فَمُقْبِلُ عَهْدِهِ
قَــدِيــمٌ وَمَــاضِـيـهِ الْـقَـدِيـمُ جَـدِيـدُ
إِذَا عَــاشَ فِــي بَأْسَـائِـهِ فَـهْـوَ مَـيِّـتٌ
وَإِنْ مَـاتَ عَـاشَ الـدَّهْـرَ وَهْـوَ شَـهِيدُ
شَــقَـاوَتُـهُ فِـي الـشِّـعْـرِ وَهْـوَ هَـنَـاؤُهُ
وَلَــيْــسَ لَــهُ عَــنْ حَـالَـتَـيْـهِ مَـحِـيـدُ
جُــنُــونٌ أَحَـقُّ الـنَّـاسِ طُـرًّا بِـهَـجْـرِهِ
أُولُــو الْــفَـهْـمِ لَـوْ أَنَّ الْـفُـهُـومَ تُـفِـيـدُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عباس محمود العقاد: أَدِيبٌ كَبِير، وشاعِر، وفَيلَسُوف، وسِياسِي، ومُؤرِّخ، وصَحَفي، وراهِبُ مِحْرابِ الأدَب. ذاعَ صِيتُه فمَلَأَ الدُّنْيا بأَدبِه، ومثَّلَ حَالةً فَرِيدةً في الأدَبِ العَرَبيِّ الحَدِيث، ووصَلَ فِيهِ إِلى مَرْتَبةٍ فَرِيدَة.

وُلِدَ «عبَّاس محمود العقَّاد» بمُحافَظةِ أسوان عامَ ١٨٨٩م، وكانَ والِدُه مُوظَّفًا بَسِيطًا بإِدارَةِ السِّجِلَّات. اكتَفَى العَقَّادُ بحُصُولِه عَلى الشَّهادَةِ الابتِدائيَّة، غيْرَ أنَّهُ عَكَفَ عَلى القِراءَةِ وثقَّفَ نفْسَه بنفْسِه؛ حيثُ حَوَتْ مَكْتبتُه أَكثرَ مِن ثَلاثِينَ ألْفَ كِتاب. عمِلَ العقَّادُ بالعَديدِ مِنَ الوَظائفِ الحُكومِيَّة، ولكِنَّهُ كانَ يَبغُضُ العمَلَ الحُكوميَّ ويَراهُ سِجْنًا لأَدبِه؛ لِذا لمْ يَستمِرَّ طَوِيلًا فِي أيِّ وَظِيفةٍ الْتحَقَ بِها. اتَّجَهَ للعَملِ الصَّحَفي؛ فعَمِلَ بجَرِيدةِ «الدُّسْتُور»، كَما أَصْدَرَ جَرِيدةَ «الضِّياء»، وكتَبَ في أَشْهَرِ الصُّحفِ والمَجلَّاتِ آنَذَاك. وَهَبَ العقَّادُ حَياتَه للأَدَب؛ فلَمْ يَتزوَّج، ولكِنَّهُ عاشَ قِصَصَ حُبٍّ خلَّدَ اثنتَيْنِ مِنْها في رِوايَتِه «سارة».

كُرِّمَ العقَّادُ كَثيرًا؛ فنالَ عُضْويَّةَ «مَجْمَع اللُّغَةِ العَرَبيَّة» بالقاهِرة، وكانَ عُضْوًا مُراسِلًا ﻟ «مَجْمَع اللُّغَةِ العَرَبيَّة» بدمشق ومَثِيلِه ببَغداد، ومُنِحَ «جائِزةَ الدَّوْلةِ التَّقْدِيريَّةِ فِي الآدَاب»، غيْرَ أنَّهُ رفَضَ تَسلُّمَها، كَمَا رفَضَ «الدُّكْتُوراه الفَخْريَّةَ» مِن جامِعةِ القاهِرة.

كانَ العقَّادُ مِغْوارًا خاضَ العَدِيدَ مِنَ المَعارِك؛ ففِي الأَدَبِ اصْطدَمَ بكِبارِ الشُّعَراءِ والأُدَباء، ودارَتْ مَعْركةٌ حامِيةُ الوَطِيسِ بَيْنَه وبَيْنَ أَمِيرِ الشُّعَراءِ «أحمد شوقي» فِي كِتابِه «الدِّيوان فِي الأَدَبِ والنَّقْد». كَما أسَّسَ «مَدْرسةَ الدِّيوانِ» معَ «عبد القادر المازني» و«عبد الرحمن شكري»؛ حيثُ دَعا إِلى تَجْديدِ الخَيالِ والصُّورةِ الشِّعْريَّةِ والْتِزامِ الوَحْدَةِ العُضْويَّةِ فِي البِناءِ الشِّعْري. كَما هاجَمَ الكَثِيرَ مِنَ الأُدَباءِ والشُّعَراء، مِثلَ «مصطفى صادق الرافعي». وكانَتْ لَهُ كذلِكَ مَعارِكُ فِكْريَّةٌ معَ «طه حسين» و«زكي مبارك» و«مصطفى جواد» و«بِنْت الشَّاطِئ».

شارَكَ العقَّادُ بقوَّةٍ فِي مُعْترَكِ الحَياةِ السِّياسيَّة؛ فانْضَمَّ لحِزبِ الوَفْد، ودافَعَ ببَسَالةٍ عَنْ «سعد زغلول»، ولكِنَّه اسْتَقالَ مِنَ الحِزْبِ عامَ ١٩٣٣م إثْرَ خِلافٍ معَ «مصطفى النحَّاس». وهاجَمَ المَلِكَ أثْناءَ إِعْدادِ الدُّسْتُور؛ فسُجِنَ تِسْعةَ أَشْهُر، كَما اعْترَضَ عَلى مُعاهَدةِ ١٩٣٦م. حارَبَ كذلِكَ الاسْتِبدادَ والحُكْمَ المُطْلقَ والفاشِيَّةَ والنَّازيَّة.

تَعدَّدَتْ كُتُبُه حتَّى تَعَدَّتِ المِائة، ومِنْ أَشْهرِها العَبْقريَّات، بالإِضافةِ إِلى العَدِيدِ مِنَ المَقالاتِ الَّتي يَصعُبُ حَصْرُها، ولَه قِصَّةٌ وَحِيدَة، هيَ «سارة».

تُوفِّيَ عامَ ١٩٦٤م تارِكًا مِيراثًا ضَخْمًا، ومِنْبرًا شاغِرًا لمَنْ يَخْلُفُه.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤