مَا لِلْمُدَامِ تُدِيرُهَا عَيْنَاكِ

Wave Image
مَـــا لِلْـــمُــدَامِ تُــدِيــرُهَــا عَــيْــنَــاكِ
فَـيَـمِـيـلَ فِـي سُـكْـرِ الـصِّـبَـا عِطْفَاكِ
هَـلَّا مَـزَجْـتِ لِـعَـاشِـقِـيـكِ سُـلَافَـهَـا
بِــبَــرُودِ ظَــلْــمِــكِ أَوْ بِـعَـذْبِ لَـمَـاكِ
بَلْ مَا عَلَيْكِ وَقَدْ مَحَضْتُ لَكِ الْهَوَى
فِــي أَنْ أَفُــوزَ بِــحُـظْـوَةِ الـمِـسْـوَاكِ
نَـاهِـيـكِ ظُـلْـمًـا أَنْ أَضَـرَّ بِيَ الصَّدَى
بَـــرْحًـــا وَنَـــالَ الْـــبُــرْءَ عُــودُ أَرَاكِ
•••
وَاهًــا لِــعَــطْــفِــكِ وَالـزَّمَـانُ كَـأَنَّـمَـا
صُــبِــغَــتْ غَــضَـارَتُـهُ بِـبُـرْدِ صِـبَـاكِ
وَاللَّــيْـلُ مَـهْـمَـا طَـالَ قَـصَّـرَ طُـولَـهُ
هَــاتِـي وَقَـدْ غَـفَـلَ الـرَّقِـيـبُ وَهَـاكِ
وَلَـطَـالَـمَـا اعْـتَـلَّ الـنَّـسِـيـمُ فَـخِـلْتُهُ
شَـكْـوَايَ رَقَّـتْ فَـاقْـتَـضَـتْ شَـكْوَاكِ
إِنْ تَــالَــفِــي سِــنَـةَ الـنَّـئُـومِ خَـلِـيَّـةً
فَـــلَــطَــالَــمَــا نَــافَــرْتِ فِــيَّ كَــرَاكِ
أَوْ تَـحْـتَـبِـي بِـالْهَجْرِ فِي نَادِي الْقِلَى
فَـلَـكَـمْ حَـلَلْـتُ إِلَـى الْـوِصَـالِ حُـبَاكِ
•••
أَمَّـا مُـنَـى نَـفْـسِـي فَـأَنْـتِ جَـمِـيـعُهَا
يَـا لَـيْـتَـنِـي أَصْـبَـحْـتُ بَـعْـضَ مُـنَاكِ
يَـدْنُـو بِـوَصْـلِـكِ حِـيـنَ شَـطَّ مَـزَارُهُ
وَهْــــمٌ أَكَــــادُ بِــــهِ أُقَــــبِّـــلُ فَـــاكِ
وَلَــئِــنْ تَــجَــنَّــبْـتِ الـرَّشَـادَ بِـغَـدْرةٍ
لَـمْ يَـهْـوِ بِـي فِـي الْـغَـيِّ غَـيْـرُ هَوَاكِ
•••
لِلْــجَــهْــوَرِيِّ أَبِــي الْــوَلِـيـدِ خَـلَائِـقٌ
كَـالـرَّوْضِ أَضْـحَـكَـهُ الْـغَـمَـامُ الْبَاكِي
مَـلِـكٌ يَـسُـوسُ الـدَّهْـرَ مِـنْـهُ مُـهذَّبٌ
تَـــدْبِــيــرُهُ لِلْــمُــلْــكِ خَــيْــرُ مِــلَاكِ
جَــارَى أَبَــاهُ بَــعْــدَمَـا فَـاتَ الْـمَـدَى
فَـــتَـــلَاهُ بَـــيْــنَ الْــفَــوْتِ وَالْإِدْرَاكِ
شَــمْــسُ الــنَّـهَـارِ وَبَـدْرُهُ وَنُـجُـومُـهُ
أَبْـــنَـــاؤُهُ مِـــنْ فَـــرْقَـــدٍ وَسِـــمَــاكِ
يَـسْـتَـوْضِـحُ الـسَّـارُونَ زُهْـرَ كَوَاكِبٍ
مِــنْــهُــمْ تُــنِــيـرُ غَـيَـاهِـبَ الْأَحْـلَاكِ
بُــشْــرَاكِ يَــا دُنْــيَــا وَبُـشْـرَانَـا مَـعًـا
هَــذَا الْــوَزِيــرُ أَبُــو الْــوَلِــيـدِ فَـتَـاكِ
•••
تُــلْـفَـى الـسِّـيَـادَةُ ثَـمَّ إِنْ أَضْـلَلْـتِـهَـا
وَمَـتَـى فَـقَـدْتِ الـسَّـرْوَ فَـهْـوَ هُـنَـاكِ
وَإِذَا سَــمِــعْـتِ بِـوَاحِـدٍ جُـمِـعَـتْ لَـهُ
فِــرَقُ الْـمَـحَـاسِـنِ فِـي الْأَنَـامِ فَـذَاكِ
صَــمْــصَــامُ بَـادِرَةٍ وَطَـوْدُ سَـكِـيـنَـةٍ
وَجَـــوَادُ غَــايَــاتٍ وَجِــذْلُ حِــكَــاكِ
طَـلْـقٌ يُـفَـنَّـدُ فِـي الـسَّـمَاحِ، وَجَاهِلٌ
مَــنْ يَــسْــتَـشِـفُّ الـنَّـارَ بِـالْـمِـحْـرَاكِ
•••
صَــنَـعُ الـضَّـمِـيـرِ إِذَا أَجَـالَ بِـمُـهْـرَقٍ
يُــمْــنَــاهُ فِــي مَــهَـلٍ وَفِـي إِيـشَـاكِ
نَـظَـمَ الْـبَـلَاغَـةَ فِـي خِـلَالِ سُـطُورِهِ
نَــظْــمَ اللَّآلِــي الـتُّـومِ فِـي الْأَسْـلَاكِ
نَــادَى مَـسَـاعِـيَـهُ الـزَّمَـانُ مُـنَـافِـسًـا
أَحْــرَزْتِ كُــلَّ فَــضِــيــلَــةٍ فَــكَـفَـاكِ
مَـا الْـوَرْدُ فِـي مَـجْـنَاهُ سَامَرَهُ النَّدَى
مُـــتَـــحَــلِّــيًــا إِلَّا بِــبَــعْــضِ حُــلَاكِ
كَــلَّا وَلَا الْــمِــسْـكُ الـنَّـمُـومُ أَرِيـجُـهُ
مُـــتَـــعَـــطِّـــرًا إِلَّا بِـــوَسْـــمِ ثَــنَــاكِ
اللَّـــهْـــوُ ذِكْـــرُكِ لَا غِــنَــاءُ مُــرَجِّــعٍ
يَــفْــتَــنُّ فِــي الْإِطْــلَاقِ وَالْإِمْـسَـاكِ
طَــارَتْ إِلَــيْــكِ بِــأَوْلِــيَــائِــكِ هِــزَّةٌ
تَــهْــفُــو لَــهَــا أَسَــفًـا قُـلُـوبُ عِـدَاكِ
•••
يَــأَيُّــهَــا الْــقَــمَــرُ الَّــذِي لِــسَــنَـائِـهِ
وَسَـنَـاهُ تَـعْـنُـو الـسَّـبْـعُ فِـي الْأَفْـلَاكِ
فَـرَحُ الـرِّيَـاسَـةِ إِذْ مَـلَـكْـتَ عِـنَـانَـهَـا
فَــرَحُ الْــعَــرُوسِ بِــصِـحَّـةِ الْإِمْـلَاكِ
مَـنْ قَـالَ إِنَّكَ لَسْتَ أَوْحَدَ فِي النُّهَى
وَالــصَّــالِــحَــاتِ فَــدَانَ بِــالْإِشْــرَاكِ
قَــلِّــدْنِــيَ الــرَّأْيَ الْــجَــمِــيـلَ فَـإِنَّـهُ
حَــسْــبِــي لِــيَــوْمَـيْ زِيـنَـةٍ وَعِـرَاكِ
وَإِذَا تَــحَــدَّثَــتِ الْــحَـوَادِثُ بِـالـرَّنَـا
شَـــزْرًا إِلَـــيَّ فَـــقُـــلْ لَـــهَـــا إِيَّـــاكِ
هُـوَ فِـي ضَـمَـانِ الْعَزْمِ يَعْبِسُ وَجْهُهُ
لِلْـخَـطْـبِ وَالْـخُـلُـقِ الـنَّدِي الضَّحَّاكِ
•••
وَأحَــــمَّ دَارِيٍّ تَــــضَــــاعَـــفَ عِـــزُّهُ
لَــمَّــا أُهِــيــنَ بِــمَــسْــحَــقٍ وَمَــدَاكِ
وَالـدَّجْـنُ لِلـشَّـمْـسِ الْـمُنِيرَةِ حَاجِبٌ
وَالْــجَـفْـنُ مَـثْـوَى الـصَّـارِمِ الْـفَـتَّـاكِ
هَــنَــأَتْــكَ صِـحَّـتُـكَ الَّـتِـي لَـوْ أَنَّـهَـا
شَــخْــصٌ أُحَــاوِرُهُ لَــقُــلْــتُ هَــنَـاكِ
دَامَـتْ حَـيَاتُكَ مَا اسْتُدِمْتَ فَلَمْ تَزَلْ
تَــحْــيَــا بِــكَ الْأَخْــطَـارُ بَـعْـدَ هَـلَاكِ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الأندلسي

عن الشاعر

«ابن زيدون»: شاعر أندلسي هو من أبزر شعراء قرطبة وإشبيلية في عصره، له قصة شهيرة جمعت بينه وبين شاعرة الأندلس «ولَّادة بنت المستكفي».

وُلد أبو الوليد «أحمد بن زيدون المخزومي» في «قرطبة» بالأندلس عام ١٠٠٣م لأسرة تنتمي إلى بني مخروم، وقد تعلم الأدب والشعر واللغة منذ حداثته على يد أبيه وعلماء «قرطبة» التي كانت في ذلك الوقت منارةً للعلم والفن والأدب والطرب، فحفظ السير والحكم والأمثال والشعر العربي.

اشتهر «ابن زيدون» في مجالس قرطبة الأدبية والاجتماعية بخفة الظل والميل للدعابة ونال شعره شهرة واسعة في المنتديات الأدبية التي كانت النساء ذوات المكانة العالية تديرها، وكان الشعراء يطمعون في مكانة وحظوة لديهن، مثل محبوبة «ابن زيدون» «ولادة بنت المستكفي» التي أفرد لها أروع قصائده وتنافس على الفوز بقلبها مع غريمه «ابن عبدوس».

اشترك «ابن زيدون» في الثورة التي قام بها «ابن جمهور» على آخر خلفاء بني آمية والتي ما نجحت حتى اتخذه وزيرًا له وكاتبًا ولُقب ﺑ«ذي الوزارتين»، ولكن ما لبث أن أوقع المنافسون بينه وبين «ابن جمهور» فعزله وألقى به في السجن وهناك كتب له مجموعة من القصائد والرسائل النثرية يحاول استمالته مجددًا وأن يبرئ نفسه، كما كتب من الأسر أروع أشعاره لاستعطاف «ولادة» ولكن دون جدوى. واستطاع «ابن زيدون» الهرب من السجن حتى احتل «المعتمد بن عباد» مدينة «قرطبة» وضمَّها إلى ملكه فأعاده وزيرًا مرة أخرى. وبعدها أُرسل «ابن زيدون» إلى «إشبيلية» لتهدئة الفتنة التي ثارت فيها واستمر في الإقامة بها.

وﻟ«ابن زيدون» ديوان شعر يتميز بتنوع موضوعاته وسهولة لغته، كما ترك مجموعة من الرسائل التي توضح سمات عصره السياسية والاجتماعية، وقد وصف النقاد شعره بأنه بليغ رغم إيثاره التراكيب الشعرية البسيطة. كما تميز «ابن زيدون» بالبناء التصويري الشعري الذي تبدو فيه الطبيعة والمكان الذي كان يقطن فيه مصورةً بشكلٍ متميز، والبناء الموسيقي الذي اتسم بحسن التقسيم والإيقاعات المتتالية في الأوزان والقوافي.

وقد توفي «ابن زيدون» بعد أن داهمه المرض أثناء إقامته في «إشبيلية» ودُفن بها وذلك في عام ١٠٧١م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤