إِلَى الْأَدِيبِ مُحَمَّدِ الْعَلَائِي

Wave Image
أَثَـــرْتَ كَـــامِـــنَ أَشْـــجَـــانِـــي وَآلَامِــي
وَضَـجَّ جَـنْـبِـي عَـلَـى «خَـفَّـاقِـهِ» الـدَّامِي
يَــا أَيُّــهَــا الــشَّـاعِـرُ الْـمَـحْـرُومُ لَا سَـغَـبًـا
كَــمَــا تَــقُــولُ، وَلَــكِـنْ رُوحُـكَ الـظَّـامِـي
إِنْ «عَـرْبَـدَ الـشَّـكُّ» وَالـتَّـعْـبِـيـرُ مُـبْـتَـكَـرٌ
فِــي سَـاعَـةِ الْـيَأْسِ عَـرْبِـدْ بَـعْـضَ أَنْـغَـامِ
فِـي نُـورِ قَلْبِكَ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى عِوَضٌ
فَــاقْــبِــسْ مِــنَ الــنُّـورِ أَوْ أَشْـرِقْ بِإِلْـهَـامِ
إِنَّ «الْـــحَــقِــيــقَــةَ» ظِــلٌّ حَــائِــلٌ أَبَــدًا
يَـــحُــومُ وَالــنَّــاسُ فِــي مَــاخُــورِ آثَــامِ
دُونَ الْـــحَـــقِـــيــقَــةِ سَــدٌّ هَــائِــلٌ عَــرِمٌ
مِــنَ الــتَّــقَــالِــيــدِ مَــحْــفُــوفٌ بِأَوْهَــامِ
وَمَــــا الْـــحَـــقِـــيـــقَـــةُ إِلَّا مَـــا يُـــزَوِّرُهُ
خَـــيَـــالُ مُـــتَّـــجِـــرٍ أَوْ عَـــجْـــزُ أَقْــزَامِ
غَـــرَائِـــزُ الـــنَّـــاسِ تَأْبَـــاهَـــا مُـــجَــرَّدَةً
وَيَـــدْعَـــمُ الـــزُّورَ مِـــنْــهُــمْ كُــلُّ هَــدَّامِ
«خَــلَا الْــمُـصَـلَّـى» وَلَا مِـحْـرَابَ تَـنْـظُـرُهُ
وَعَــسْــعَــسَ الــلَّــيْـلُ فِـي بَـيْـدَاءِ أَحْـلَامِ
وَطُــفْــتَ بِــالْــمَـعْـبَـدِ الْـمَـحْـزُونِ تَـسْأَلُـهُ
أَيْـنَ الْـمَـسِـيـحُ وَأَيْـنَ الْـمَـبْـدَأُ الـسَّـامِـي؟
وَتَــمْــتَــمَ الْــكَــاهِــنُ الــدَّجَّــالُ أُغْــنِـيَـةً
وَأَطْـــفَأَ الـــشَّـــمْـــعَ إِلَّا حَـــوْلَ أَصْـــنَــامِ
كَــفَــرْتَ بِــالْإِثْـمِ وَاجْـتَـاحَـتْـكَ عَـاصِـفَـةٌ
فِـي لُـجَّـةِ الـشَّـكِّ حَـوْلَ السَّاحِلِ الطَّامِي
وَهِمْتَ فِي الْأَرْضِ «مَخْدُورَ الْمُنَى شَرِقًا»
تَـقُـولُ: «يَـا وَحْـدَتِـي» فِـي لَـيْـلِ إِحْرَامِي
أُخَـــيَّ إِنْ لَــمْ تَــصِــلْــنَــا بَــعْــدُ رَابِــطَــةٌ
مِــــنَ الْـــوِدَادِ وَلَـــمْ نُـــوصَـــلْ بِأَرْحَـــامِ
عَــظَّــمْــتُ شِـعْـرَكَ عَـذْبًـا فِـي فُـحُـولَـتِـهِ
قَــبْــلَ الْأَوَانِ فَـلَـمْ يُـخْـطِـئْـكَ إِعْـظَـامِـي
وَرَقَّ قَــلْــبِــي وَرَاقَ الــلَّــحْــنُ فِـي أُذُنِـي
أَنَــا الْــعَــنِــيــدُ كَــمَــا يَــحْــتَــجُّ لُـوَّامِـي
يُــصِــيــبُ سَــمْـعِـيَ وَقْـرٌ مِـنْ مَـبَـاذِلِـهِـمْ
إِذْ يُــقْــحِــمُــونَ رَكِــيــكًــا شَــرَّ إِقْــحَــامِ
كَـذَلِـكَ الـشِّـعْـرُ فَـاصْـدَحْ فِـي خَـمِـيـلَـتِـهِ
أَعُـــوذُ بِــالــشِّــعْــرِ مِــنْ أَنْــغَــامِ نَــظَّــامِ
عَــصَـرْتُ مِـنْ كَـرْمَـةِ الْـحِـرْمَـانِ خَـمْـرَتَـهُ
فَـفَـاحَـتِ الْـكَـاسُ فِـي «جَوِّي وَأَنْسَامِي»
وَفِـــي الْــبَــوَاكِــيــرِ طَــعْــمٌ لَا يَــلَــذُّ بِــهِ
إِلَّا عَــلِــيــمٌ بِــطَــعْــمِ الْــخَــمْــرِ وَالْـجَـامِ
نَـزَحْـتُ دَمْـعِـي فَـلَـيْـتَ الـدَّمْـعَ يَشْفَعُ لِي
وَلَــيْــتَ نَــفْــسَـكَ تَـرْضَـى بَـعْـدَ إِحْـجَـامِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤