نَظِيرَ أَبٍ كُنَّا فَقَدْنَا وَمَحْبُوبِ

Wave Image
نَــظِــيــرَ أَبٍ كُــنَّــا فَــقَـدْنَـا وَمَـحْـبُـوبِ
يَـمِـيـنًـا لَـقَـدْ جَـدَّدْتَ لِـي حُـزْنَ يَعْقُوبِ
وَهَـيَّـجْـتَ أَحْـزَانِـي عَـلَـى خَيْرِ صَاحِبٍ
لَـقِـيـتَ الَّـذِي لَاقَـاهُ يَـا خَـيْـرَ مَـصْحُوبِ
لَــئِــنْ كُــنْــتَ خَــالًا زَانَ حَـجْـبُ أُخُـوَّةٍ
لَـقَـدْ كُـنْـتَ وَجْـهًـا لِلتُّقَى غَيْرَ مَحْجُوبِ
وَإِنْ كُـنْـتَ كَـمْ أَقْـرَرْتَ لِـي عَـيْـنَ فَـارِحٍ
لَـقَـدْ سَـخِـنَـتْ مِـنْ بَـعْدِهَا عَيْنُ مَكْرُوبِ
أُقَـــلِّـــبُ قَــلْــبًــا بِــالْأَسَــى أَيَّ وَاجِــبٍ
وَأَنْـدُبُ شَـخْـصًـا فِـي الثَّرَى أَيَّ مَنْدُوبُ
بَــكَــيْــتُـكَ لِلْـحُـسْـنَـى وَلِلْـبِـرِّ وَالـتُّـقَـى
وَلِلْــبَــرَكَــاتِ الْــمُـوفِـيَـاتِ بِـمَـطْـلُـوبِـي
وَلِلــشَّــمْـلِ مَـجْـمُـوعًـا بِـيُـمْـنِـكَ وَادِعًـا
وَلِلْـخَـيْـرِ كَـمْ سَـبَّـبْـتَـهُ خَـيْـرَ تَـسْـبِـيـبِ
بَـكَـتْـكَ مَـحَـارِيـبُ الـتَّـهَجُّدِ فِي الدُّجَى
بُـكَـاءَ شَـجٍ حَـانِـي الْـجَـوَانِـحِ مَـحْرُوبِ
بَــكَــتْـكَ زَوَايَـا الـزُّهْـدِ كَـانَـتْ خَـبِـيـئَـةً
لِــسُــكَّــانِـهَـا تُـدْنِـي لَـهُـمْ كُـلَّ مَـرْغُـوبِ
بَـكَـتْـكَ ذَوُو الْـحَـاجَـاتِ كُـنْـتَ إِذَا دَعَوْا
سَــفِـيـرًا لِـمَـضْـرُورٍ مُـجِـيـرًا لِـمَـنْـكُـوبِ
بَــكَــتْــكَ دِيَــارٌ كُــنْــتَ أَعْــطَــفَ وَالِــدٍ
لِـمَـنْ حَـلَّ مِـنْ شُـبَّـانِـهَـا وَمِـنَ الـشِّـيـبِ
وَطَــائِــرُ يُــمْــنٍ قَــدْ أَوَيْــتَ كَــوَكْــرِهَـا
إِلَـى نَـسَـبِ الْـقُـرْبَـى بِـهَـا خَـيْرَ مَنْسُوبِ
إِذَا أَلْـــسُـــنُ الْآثَـــارِ عَــنْــكَ تَــذَاكَــرَتْ
شَـمَـمْـنَـا عَـلَـى تَـذْكَـارِهَـا نَـفْحَةَ الطِّيبِ
عَــلَــيْــكَ سَــلَامُ اللــهِ مِــنْ مُــتَــرَحِّــلٍ
تَـرَحُّـلَ ذِي جُـودٍ مِـنَ السُّحْبِ مَسْحُوبِ
وَهُــنِّــئْـتَ بِـالْـجَـنَّـاتِ يَـا تَـارِكِـي عَـلَـى
سَــعِـيـرٍ مِـنَ الْأَحْـزَانِ بَـعْـدَكَ مَـشْـبُـوبِ
نُــفَــارِقُ مَــحْــبُــوبًــا بِــدَمْــعٍ وَحَـسْـرَةٍ
فَـمِـنْ بَـيْـنِ تَـصْـعِـيـدٍ عَـلَـيْكَ وَتَصْوِيبِ
وَخَــفَّــفَ مَــا نَـلْـقَـى مِـنَ الْـحُـزْنِ أَنَّـنَـا
بِــمَــنْ غَــابَ عَــنَّـا لَاحِـقُـونَ بِـتَـرْتِـيـبِ
وَمَـــــا هَـــــذِهِ الْأَيَّـــــامُ إِلَّا رَكَــــائِــــبٌ
إِلَـى الْـمَـوْتِ فِـي نَهْجٍ مِنَ الْعُمْرِ مَرْكُوبِ
إِذَا ظُــنَّ تَــبْــعِــيــدُ الْــحِـمَـامِ وَصَـلْـنَـهُ
بِــشَـدٍّ عَـلَـى رَغْـمِ الـنُّـفُـوسِ وَتَـقْـرِيـبِ
فَــكَــمْ هَــرِمٍ أَوْ نَــاشِــئٍ عَــمِــلَــتْ بِــهِ
عَـوَامِـلُ مِـنْ مَـجْـرُورِ خَطْبٍ وَمَنْصُوبِ
وَكَـــمْ هَــيِّــنِ الْأَخْــلَاقِ أَوْ مُــتَــغَــلِّــبٍ
نَــفَــاهُ بِــحَــتْــمٍ غَـالِـبٌ غَـيْـرُ مَـغْـلُـوبِ
وَكَــمْ ذِي كِــتَـابٍ فِـي الْـوَرَى وَكَـتِـيـبَـةٍ
غَـدَا دَاخِـلًا مِـنْ مَـوْتِـهِ تَـحْـتَ مَـكْتُوبِ
وَكَـمْ غَـافِـلٍ يَـلْـهُـو بِـسَـاقٍ مِـنَ الْـمُـنَـى
يُــدِيــرُ عَــلَــى أَمْــثَـالِـهِ وَعْـدَ عُـرْقُـوبِ
وَكَـمْ آمِـلٍ فِـي الْـعُـمْـرِ يَـحْـسَبُ حَاصِلًا
أَتَــاهُ حِــمَــامٌ عَــاجِـلٌ غَـيْـرُ مَـحْـسُـوبِ
وَدُمْ يَــا إِمَــامَ الْــوَقْــتِ عَـمَّـنْ فَـقَـدْتَـهُ
وَعِشْ عَيْشَ مَرْجُوٍّ مَدَى الدَّهْرِ مَرْهُوبِ
مَـضَـى الْـخَـالُ حَـيْثُ الْوَجْهُ بَاقٍ لِمَادِحٍ
فَـمَـا الـدَّهْـرُ فِـيـمَـا قَـدْ أَتَـاهُ بِـمَـعْـتُـوبِ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: المملوكي

عن الشاعر

ابن نباتة المصري: شاعر من شعراء العصر المملوكي في مصر، ذاع صِيته في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي).

وُلد «محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري» جمال الدين المُكَنَّى بأبي بكر والشهير ﺑ «ابن نباتة المصري» سنة ٦٨٦ﻫ/١٢٨٧م في «زقاق القناديل» في الفسطاط بالقاهرة، وكان أبوه وجده من شيوخ الحديث، وأصلهم يرجع إلى «ميافارقين» من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباتة.

نشأ ابن نباتة في بيت ثري وبين أسرة ظاهرة‌ الجاه والنفوذ، في ظل أبٍ عطوف ذاع صيتُه في العلم والفضل والأدب وكثيرًا ما نرى أصداءً لفخر الشاعر بأبيه وآله في شعره. وقد تبدَّت أُولى براعم موهبته الشعرية في الثالثة عشرة‌ من عمره، مترافقة مع إقباله الشديد على توسيع مداركه وتغذية ثقافته الدينية والأدبية. وفي سنة ٧١٥ﻫ‍ انتقل ابن نباتة لسُكنى الشام ووَلِيَ نظارة القمامة بالقدس أيام زيارة المسيحيين لها، واتصل في تلك الفترة بالملك المؤيد وقال فيه شعرًا كثيرًا، وحين رجع إلى القاهرة سنة ٧٦١ﻫ كان صاحب سر السلطان «الناصر حسن».

له ديوان شعر جُمع بعد وفاته وطُبع لأول مرة سنة ١٩٠١م بالقاهرة، وقد ضمَّ مجموع دواوينه وأوراقه الشعرية، ومنها: «القطر النباتي»، و«جلاسة القطر»، و«سوق الرقيق»، و«ظرائف الزيادة». كتب فيها في مختلف الأغراض الشعرية التي ميَّزت عصره، شاملة المدح والغزل والخمريات والرثاء والهجاء والوصف والشكوی والحنين إلی الوطن. وله كذلك مؤلَّفات أخرى نثرية، من بينها: «سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون»، و«سجع المطوق»، و«مطلع الفوائد»، و«المفاخرة بين السيف والقلم»، و«سلوك دول الملوك» وغيرها، وأورد الصلاح الصفدي في «ألحان السواجع» مراسلاته معه.

تُوُفِّيَ ابن نباتة المصري في منزله بزقاق القناديل في القاهرة سنة ٧٦٨ﻫ/١٣٦٦م إثر معاناة مع المرض.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤