خُلُودُ التَّجَارِبِ

Wave Image
وَكَـمْ سَـاعَـةٍ كَـالْـخُـلْـدِ فُـزْتَ بِـخَـيْرِهَا
هُــوَ الــرُّوحُ حُــرٌّ لَا يَــذِلُّ لِـتَـحْـكِـيـمِ
بَـلَـغْـتَ بِـهَـا أَقْـصَـى مُـنَى النَّفْسِ كُلِّهَا
كَـأَنَّ قَـضَـاءَ الـدَّهْـرِ لَـيْـسَ بِـمَـحْـتُـومِ
نُــفُــوسٌ تَــوَدُّ الْـعَـيْـشَ نُـهْـزَةَ لَاعِـبٍ
فَـتَـحْـسَبُ أَنَّ الْعَيْشَ أَضْغَاثُ مَحْمُومِ
تُـرَجِّـي سِـنِـيـنَ الْـعُـمْـرِ كَـالنَّحْلِ ضَمَّنَا
لِـعَـيْـشٍ كَـأَرْيِ الـنَّـحْـلِ لَـيْـسَ بِمَوْهُومِ
تُــرَجِّــي خُــلُـودًا وَالْـخُـلُـودُ عَـنَـاؤُهَـا
وَأَيُّ بَــقَــاءٍ خَــالِــدٍ غَــيْــرِ مَــسْــؤُومِ
وَمَـا الْـخُـلْـدُ إِلَّا سَـاعَـةٌ تُـقْـنِـعُ الْحِجَى
وَتُــسْــعِــدُ نَـفْـسًـا لَا تَـدِيـنُ لِـتَـهْـوِيـمِ
وَقَـالُـوا بِـأَنَّ الْـعَـيْـشَ فَـرْضٌ مُـبَـغَّـضٌ
وَذَلِــكَ حِـرْصٌ مِـنْـهُـمُ غَـيْـرُ مَـكْـتُـومِ
وَعُــذْرٌ عَــلَــى حُـبِّ الْـحَـيَـاةِ وَلَـهْـفَـةٌ
وَأَيُّ امْـرِئٍ فِـي الْـعَـيْـشِ لَيْسَ بِمَكْلُومِ
يَـعِـيـشُ شَـقِـيُّ الـنَّاسِ مِنْ خَيْرِ عَيْشِهِ
وَإِنْ كَـانَ يَسْعَى فِي الْوَرَى جِدَّ مَهْمُومِ
يَــظَـلُّ فَـتًـى فِـي نَـفْـسِـهِ ذُخْـرَ ذَاخِـرٍ
وَإِنْ كَـانَ مَـحْـرُومًـا كَـأَنْ غَـيْرِ مَحْرُومِ
فَــمَــا الْــعَــيْـشُ إِلَّا حِـكْـمَـةٌ وَتَـهَـادُنٌ
فَــيَـخْـلِـطُ مَـجْـهُـولًا لَـدَيْـهِ بِـمَـعْـلُـومِ
وَيَـخْـلِـطُ حُـلْـوًا فِـي الْـحَـيَـاةِ بِحَنْظَلٍ
وَيَـأْخُـذُ مِـنْ عَـيْـشٍ حَـمِـيـدٍ وَمَـذْمُومِ
وَقَـدْ صَـحَّ أَنَّ الْـجِـدَّ يُـلْهِي عَنِ الْأَسَى
وَإِنْ كَــانَ جِــدًّا لَا يَــجِـيءُ بِـمَـغْـنُـومِ
وَكَـمْ نُـهْـزَةٍ بِـالْـحِـسِّ لَمْ أَحْسُ خَمْرَهَا
حَـسَـوْتُ بِـنَـفْـسٍ تُـسْـتَـقَـادُ بِـتَـكْـرِيـمِ
هُـوَ الـرُّوحُ مِـثْـلُ الْـحِـسِّ فِـي كُلِّ لَذَّةٍ
وَلَــيْــسَ نَــعِـيـمٌ نَـالَ رُوحٌ بِـمَـحْـلُـومِ
وَطَـالَـعْـتُ فِـي سِـفْـرِ الْـحَـيَـاةِ كَـأَنَّـنِي
ظَـفِـرْتُ بِـسِـفْـرٍ فِـي الـتَّجَارِبِ مَرْقُومِ
فَـمَـا نَـفْـعُ هَـاتِـيـكَ الـتَّـجَـارِبِ هَـدْيُـهَا
وَلَـيْـسَ أَخُـو الـتَّـجِريبِ فِينَا بِمَعْصُومِ
وَلَــكِــنَّــهَــا لَــذَّاتُ نَــفْــسٍ تَــمَـرَّسَـتْ
بِــوَقْــعٍ مُــرَجًّــى أَوْ مَـوَاقِـعِ مَـنْـقُـومِ
فَــمِـنْـهَـا مَـصِـيـفٌ لِــلـنُّـفُـوسِ وَمَـرْبَـعٌ
وَمِـنْـهَـا كَـعَـامِ الْـمَـحْـلِ لَـيْـسَ بِمَرْهُومِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤