جَرَى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طَائِرٍ

Wave Image
جَــرَى لَــكَ بِــالـتَّـوْفِـيـقِ أَيْـمَـنُ طَـائِـرِ
وَمُـــلِّـــيـــتَ مَأْثُــورَ الْــعُــلَا وَالْــمَآثِــرِ
وَأَيَّــــدَكَ الـــلـــهُ الْـــعَـــلِـــيُّ ثَـــنَـــاؤُهُ
بِــعَــاجِــلِ نَــصْــرٍ خَــالِــدِ الْـعِـزِّ قَـاهِـرِ
وَلَا زِلْـــتَ وَرَّادًا إِلَـــى كُـــلِّ مَـــفْــخَــرٍ
مَــوَارِدَ مَــحْــمُــودٍ سَـعِـيـدِ الْـمَـصَـادِرِ
لَــقَــدْ دَلَّ تَــشْــرِيــفُ الْــخَـلِـيـفَـةِ أَنَّـهُ
بِــخَــيْــرِ بَــنِــي أَيَّــامِــهِ خَــيْــرُ خَـابِـرِ
وَأَنَّ لَــهُ فِــي حَــوْطَــةِ الــدِّيــنِ هِـمَّـةً
بِـهَـا يَـسْـتَـحِـقُّ الـنَّـصْـرَ مِـنْ كُـلِّ نَاصِرِ
تَـسَـرْبَـلْـتَ عَـضْـبَ الدَّوْلَةِ الْمُلْكَ فَخْرَهُ
وَمَــا الْــفَــخْـرُ إِلَّا لِـلـسُّـيُـوفِ الْـبَـوَاتِـرِ
وَمَــا جَــهِــلَـتْ نُـعْـمَـاهُ عِـنْـدَكَ قَـدْرَهَـا
وَقَـدْ كَـشَـفَـتْ عَـمَّـا طَوَى فِي الضَّمَائِرِ
وَمَــا نَــبَّــهَــتْ إِلَّا عَــلَــى ذِي نَــبَــاهَـةٍ
كَـمَـا سُـقِـيَ الـرَّوْضُ الْـخَـصِيبُ بِمَاطِرِ
وَمَــا كَــانَ إِلَّا الْــعَــنْــبَــرَ الْـوَرْدَ فِـعْـلُـهُ
أُضِـيـفَ إِلَـى نَـشْـرٍ مِـنَ الْـمِـسْكِ عَاطِرِ
وَمَـــا شَـــاءَ إِلَّا أَنْ تُـــحَـــقِّــقَ عِــنْــدَهُ
مَـــحَــلَّــكَ مِــنْ طَــاوٍ هَــوَاهُ وَنَــاشِــرِ
وَأَنَّـــكَ مَـــعْـــقُـــودٌ بِأَكْـــبَـــرِ هِـــمَّـــةٍ
وَأَنَّـــكَ مَــعْــدُودٌ لَــهُ فِــي الــذَّخَــائِــرِ
وَلَـيْـسَ يَـبِـيـنُ الـدَّهْـرَ إِخْـلَاصُ بَـاطِنٍ
إِذَا أَنْــتَ لَــمْ تُــدْلَــلْ عَــلَــيْـهِ بِـظَـاهِـر
رَآكَ بِــعَــيْــنِ الــلُّــبِّ أَبْـعَـدَ فِـي الْـعُـلَا
وَأَسْــعَــدَ مِـنْ زُهْـرِ الـنُّـجُـومِ الْـبَـوَاهِـرِ
وَأَبْـهَـى مَـحَـلًّا فِـي الْـقُـلُـوبِ وَمَـوْقِـعًا
وَأَشْـهَـى إِلَـى لَـحْـظِ الْـعُـيُـونِ النَّوَاظِرِ
وَأَطْـعَـمَ فِـي الـلَّأْوَاءِ وَالـدَّهْـرُ سَـاغِـبٌ
وَأَطْـعَـنَ فِـي صَـدْرِ الْـكَـمِـيِّ الْـمُـغَـامِـرِ
فَــنَـاهَـزَ فَـخْـرًا بِـاصْـطِـفَـائِـكِ عَـاجِـلًا
عَــلَــى كُــلِّ بَــاقٍ فِـي الـزَّمَـانِ وَغَـابِـرِ
وَمَـا ذَاكَ مِـنْ فِـعْـلِ الْـخَـلِـيـفَـةِ مُـنْـكَـرٌ
وَلَا عَــجَـبٌ فَـيْـضُ الْـبُـحُـورِ الـزَّوَاخِـرِ
وَمَـــا عُــدَّ إِلَّا مِــنْ مَــنَــاقِــبِــهِ الَّــتِــي
مَـثَـلْـنَ بِـهِ فِـي الْـفِـعْـلِ طِيبَ الْعَنَاصِرِ
وَمَــا كَــانَ تَأْثِــيــلٌ شَــرِيــفٌ وَسُــؤْدُدٌ
لِــيُـنْـكَـرَ مِـنْ أَهْـلِ الـنُّـهَـى وَالْـبَـصَـائِـرِ
وَأَنْــتَ الَّـذِي مِـنْ بَأْسِـهِ فِـي جَـحَـافِـلٍ
وَمِــنْ مَــجْــدِهِ فِــي أُسْــرَةٍ وَعَــشَـائِـرِ
بِــعَــزْمَـاتِ مَـجْـدٍ ثَـاقِـبَـاتٌ هُـمُـومُـهَـا
وَآرَاءِ مَــلْــكٍ مُــحْــصَــدَاتِ الْــمَــرَائِـرِ
يَــرَاهَــا ذَوُو الْأَضْــغَــانِ بَــثَّ حَـبَـائِـلٍ
وَمَــا هِــيَ إِلَّا أَسْــهُــمٌ فِــي الْــمَـنَـاحِـرِ
وَآيَـــاتُ مَـــجْـــدٍ بَـــاهِـــرَاتٌ كَأَنَّـــهَــا
بَــدَائِــعُ تَأْتِــي بِــالْــمَــعَــانِــي الـنَّـوَادِرِ
وَأَخْــلَاقُ مَــعْـشُـوقِ الـسَّـجَـايَـا كَأَنَّـمَـا
سَــقَــاكَ بِــهَـا كَأْسَ الـنَّـدِيـمِ الْـمُـعَـاقِـرِ
يَــبِــيــتُ بَــعِــيــدًا أَنْ تُـوَجَّـهَ وَصْـمَـةٌ
عَـلَـى عِـرْضِـهِ وَالـدَّهْـرُ بَـاقِـي الْـمَعَايِرِ
إِذَا دَفَـــعَ الـــطُّـــلَّابَ إِلْـــحَــاحُ لَــزْبَــةٍ
فَأَنْــتَ الَّــذِي لَا يَــتَّــقِــي بِــالْــمَــعَـاذِرِ
وَمَــا لِــلْــبُــدُورِ أَنْ تَــكُــفَّ ضِــيَــاءَهَـا
وَلَا الْـبُـخْـلُ فِـي طَـبْـعِ الْـغَـمَامِ الْبَوَاكِرِ
لَـعَـمْـرِي لَـقَـدْ أَتْـعَـبْـتَ بِـالْحَمْدِ مَنْطِقِي
وَأَكْـثَـرْتَ مِـنْ شُـغْـلِ الْـقَوَافِي السَّوَائِرِ
وَمَـا نَـوَّهَـتْ مِـنْـكَ الْـقَـوَافِـي بِـخَـامِلٍ
وَلَـكِـنْ رَأَيْـتُ الـشِّـعْـرَ قَـيْـدَ الْـمَـفَـاخِـرِ
إِذَا أَنْــتَ لَـمْ تَـجْـعَـلْ لَـهُ مِـنْـكَ جَـانِـبًـا
فَـمَـنْ يَـقْـتَـنِـي الْـحَمْدَ اقْتِنَاءَ الْجَوَاهِرِ
وَمَــا زِلْــتَ مَــشْــغُــوفًـا لَـدَيَّ مُـتَـيَّـمًـا
بِــكُــلِّ رَدَاحٍ مِــنْ بَــنَــاتِ الْــخَــوَاطِــرِ
لَــهُــنَّ إِذَا وَافَــيْــنَ مَــجْــدَكَ قُـرْبَـةُ الْـ
ـحِـــسَــانِ وَدَلُّ الْآنِــسَــاتِ الْــغَــرَائِــرِ
يَــرِدْنَ رَبِــيــعًــا مِـنْ جَـنَـابِـكَ مُـمْـرِعًـا
وَيَـرْتَـعْـنَ فِـي إِثْـرِ الْـغُـيُـومِ الْـمَـوَاطِـرِ
وَإِنِّـــي لَـــقَـــوَّالٌ لِـــكُـــلِّ قَـــصِــيــدَةٍ
إِذَا قِــيــلَ شِـعْـرٌ أَفْـحَـمَـتْ كُـلَّ شَـاعِـرِ
فَــمِــنْ كَــلِـمٍ يَـكْـلُـمْـنَ أَكْـبَـادَ حُـسَّـدِي
وَمِــنْ فِــقَــرٍ تَــرْمِــيــهِــمُ بِــالْــفَـوَاقِـرِ
أَلَا لَــيْــتَ شِــعْــرِي هَــلْ أَفُـوزُ بِـدَوْلَـةٍ
تُــصَــرِّفُ كَــفِّــي فِـي عِـنَـانِ الْـمَـقَـادِرِ
وَهَـلْ تَـنْـهَـضُ الْأَيَّـامُ بِـي فِـي مَـقَـاوِمٍ
تَـــطُـــولُ بِـــنَـــاهٍ لِـــلـــزَّمَـــانِ وَآمِـــرِ
فَإِنَّ مِنَ الْعَجْزِ الْمُبِينِ — وَأَنْتَ لِي —
نُـزُولِـي عَـلَـى حُـكْـمِ الـلَّـيَـالِي الْجَوَائِرِ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤