الشَّمْطَاءُ الْفَتِيَّةُ

Wave Image
قَـدْ بَـلَـوْتِ الصُّرُوفَ فِي حَالَتَيْهَا
وَرَمَـــتْــكِ الــسَّــرَّاءُ وَالــضَّــرَّاءُ
وَرَأَيْـتِ الْأَطْـمَاعَ كَالطَّيْرِ صَرْعَى
ثُــمَّ عَــادَ الــرَّجَـاءُ وَهْـوَ غِـشَـاءُ
وَاحْـتَسَيْتِ الْحَيَاةَ فَيْضًا وَسُؤْرًا
فَــإِذَا الــذِّكْــرُ وَالــرَّجَــاءُ سَـوَاءُ
وَإِذَا الْـمُـقْـبِـلُ الْـمُـرَجَّـى كَـمَـا فَا
تَ بِـهِ الـدَّهْـرُ وَالْـحَـثِـيـثُ ضَرَاءُ
وَشَـهِـدْتِ الْأَنَـامَ سِـلْـمًـا وَحَـرْبًـا
فَــإِذَا الـسِّـلْـمُ وَالْـحُـرُوبُ عَـنَـاءُ
وَإِذَا الْـعَـيْـشُ وَالـسِّـنُـونَ جِـهَـادٌ
لَــيْـسَ يَـدْرِي أَسْـبَـابَـهُ الْأَحْـيَـاءُ
إِيـهِ يَـا مِـصْـرُ مَـا تَـقَـضَّى جَمَالٌ
تَــرْتَــضِــيــهِ الْآمَــالُ وَالْأَهْــوَاءُ
اللَّـيَـالِـي الَّـتِـي عَـهِـدْتِ حِـسَـانٌ
وَالـسَّـمَـاءُ الَّـتِـي عَـهِـدْتِ سَـمَـاءُ
وَذُكَـاءُ الَّـتِـي أَطَـلَّـتْ عَـلَـى مَجْـ
ـدِكِ دَهْـرًا عَـلَـى الْـقُـصُـورِ سَـنَاءُ
وَجَـرَى الـنِّـيـلُ فِـي أَدِيمِكِ قِدْمًا
يَــتَــهَــادَى كَــأَنَّــهُ الْــحَــسْــنَـاءُ
فَـانْـشُـرِي أَهْـلَـكِ الَّـذِيـنَ تَـقَضَّوْا
إِنَّ عَـيْـشَ الْـبَـاقِـيـنَ مِـنْـهُمْ فَنَاءُ
فَـكَـأَنَّ الْأَطْـمَـاعَ وَالـسَّـعْيَ فِيهِمْ
عَــبَــثٌ غَــيْــرُ نَــافِــعٍ وَعَــنَــاءُ!
سَـحَـرَتْـكِ الْأَيَّـامُ يَـا مِـصْرُ أَمْ نَوْ
مُـكِ مَـلْـكٌ قَـدْ طَـارَ عَنْهُ الرَّجَاءُ!
الْــغَـلِـيـلُ الَّـذِي عَـهِـدْتِ مُـقِـيـمٌ
فِـي نُـفُـوسٍ كَـمَـا عَـهِـدْتِ تَـشَاءُ
أَبْـغِـضِـيـنِـي أَوْ أَحْـسِنِي، أَنْتِ أُمٌّ
بِــرُّهَــا لَــوْ تَــعُــقُّ وُلْــدًا قَـضَـاءُ
لَـكِ مِـنِّـي الْـغَـدِيرُ فِي نَوْمَةٍ، مِنْ
بَـعْـدِ جَـهْـدٍ قَـضَـى عَـلَـيْهِ الْعَفَاءُ
نَــصَــبٌ خَــالِــدٌ وَأَعْــظَـمُ مِـنْـهُ
اِعْــــتِــــقَــــادٌ تَـــزِيـــدُهُ الْأَرْزَاءُ
وَرَجَـــاءٌ هُـــوَ الْــعِــبَــادَةُ، وَالْإِيـ
ـمَــانُ دِرْعٌ يَــرْتَـدُّ عَـنْـهُ الْـفَـنَـاءُ
أَبْــغِـضِـيـنِـي إِذَا هَـزَزْتُ مَـنَـامًـا
عَــطَّــرَتْـهُ الْأَحْـلَامُ وَهْـيَ رُخَـاءُ
مِـثْـلَـمَـا يَـبْـغَضُ النَّئُومُ الْمُسَجَّى
مُـوقِـظًـا إِذْ يُـمَـاطُ عَـنْـهُ الـرِّدَاءُ
مَـلَلٌ قَـدْ عَـرَاكِ مِـنْ عَـنَـتِ الْـعَيْـ
ـشِ، بَـــلَاءٌ أَنَّ الــطَّــمَــاحَ بَــلَاءُ
قَـدْ كَـرِهْـتِ الـرَّجَـاءَ وَالذِّكْرَ طُرًّا
إِنَّ بِــالــذِّكْــرِ تَــأْرَقُ الـشَّـمْـطَـاءُ
قَـدْ سَـمِـعْـتِ الَّـذِي نَـقُـولُ قَدِيمًا
وَتَـقَـضَّـى الـدُّعَـاءُ أَيْـنَ الـدُّعَاءُ؟
دَعْـوَةٌ بَعْدَ دَعْوَةٍ مِنْ صُرُوفِ الدَّ
هْــرِ لَــبَّــيْــتِــهَــا وَعَــادَ الــنِّـدَاءُ
إِنْ يَـكُـنْ بَـاءَ بِـالـزَّمَـانَـةِ مِـنْ أَهْـ
ـلِـــكِ رَهْـــطٌ كَـــأَنَّــهُــمْ أَشْــلَاءُ
أَوْ عَــنَـاكِـيـبُ عَـيْـشُـهَـا وَرَدَاهَـا
يَــتَــقَــاضَــاهُـمَـا بِـلَـيْـلٍ قَـضَـاءُ
أَبْـغِـضِـيـنِـي فَـلَـيْـسَ ذَاكَ بِـبِـدْعٍ
آهِ لَــوْ جَــرَّ نَــفْــعَـكِ الـشُّـهَـدَاءُ!
غَـرَّكِ الْـمُـرْجِـفُـونَ مَـيْـنًـا وَحِقْدًا
وَحَـمَـانِـي عَـنْ قَـلْـبِـكِ الْـجُـهَلَاءُ
لَـمْ أُقَـصِّـرْ فِـي دَعْـوَةٍ غَـيْـرَ أَنِّـي
خَــذَلَــتْــنِــي مَــسَـامِـعٌ صَـمَّـاءُ!
لَـيْـسَ إِلَّا الْأَحْـقَـادُ يَـبْـعَثُهَا الْعَجْـ
ـزُ وَغِــلٌّ يَــعْــدُو بِــهِ الـسُّـفَـهَـاءُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤