حُبُّ الْعَزُوفِ

Wave Image
لَـيْـسَ الْـوُجُـودُ وَأَنْـتَ بَـعْـضُ كِـيَـانِـهِ
أَسْــرًا لِــقَــلْـبِ الْـعَـاشِـقِ الْـغِـطْـرِيـفِ
وَالـنَّـدْبُ يَـحْـمِـلُ بَـيْـنَ جَـنْبَيْهِ الدُّنَى
رَوْعُ الْــغَــرِيــبِ وَرَاحَــةُ الْــمَــأْلُــوفِ
إِنَّ الَّـــذِي دَرَسَ الـــزَّمَــانَ وَفِــعْــلَــهُ
لَأَجَــلُّ مِــنْ حَـدَثِ الـزَّمَـانِ الْـمُـوفِـي
وَيَــشِــيــمُ أَسْـرَارَ الْـحَـيَـاةِ بِـحِـكْـمَـةٍ
تُـعْـدِي عَـلَـى الْـمَـجْـهُـولِ وَالْـمَعْرُوفِ
هَـبْ حُـسْـنَـكَ الْأَقْـدَارَ تَطْرُقُ بِالْأَسَى
مَــا إِنْ يُـعَـابُ أَخُـو الْأَسَـى بِـصُـرُوفِ
أَوْ مَـا نَـمَـا الْأَمْـرُ الـصَّـغِـيرُ فَأَصْبَحَتْ
تُـــتْــلَــى قُــرُوفُ قِــرَاعِــهِ بِــقُــرُوفِ
هَـبْـهُ الْـخُـطُـوبَ حَـقِـيـرَهَـا وَجَـلِـيلَهَا
عَــبَـثٌ صِـيَـالُ جَـمَـالِـكَ الْـمَـوْصُـوفِ
عَــبَــثٌ وَمِــنْ عَــبَــثٍ مَــقَــالِــيَ إِنَّـهُ
عَــبَــثٌ مَــلَامَــةُ ذِي قِـلًـى وَصُـدُوفِ
عَــبَــثٌ عَــدَاءُ الْــحَـاسِـدِيـنَ وَمِـثْـلُـهُ
نَـــعْـــتِــي لِــخَــلَّــةِ جَــارِمٍ وَعَــزُوفِ
عَــبَــثٌ نَــعِـيـمِـي وَالـشَّـقَـاءُ وَلَـوْعَـةٌ
تُـــفْـــضِــي إِلَــيَّ بِــعِــلَّــةٍ وَحُــتُــوفِ
عَبَثٌ جَمَالُكَ فِي الصُّدُودِ وَفِي الرِّضَا
عَــبَــثٌ هُــيَــامُ فُــؤَادِيَ الْــمَــقْـرُوفِ
أَوَبَــعْــدَ ذَا حَــالٌ أَخَــافُ صِــيَــالَــهَـا
وَلَــقَــدْ بَــرِمْــتُ بِــرَائِــقٍ وَمَــخُــوفِ
لَـنْ تَـعْـرِفَ الْـغِـيـدُ الْحِسَانُ إِذَا قَضَتْ
أَنَّ الْـــهُـــيَـــامَ أَشَـــدُّهُ لِـــعَـــفِـــيــفِ
وَمِـنَ الْـعَـجَـائِـبِ أَنْ جَـهِـلْـتُ وَطَالَمَا
ذَخَــرَ الْــعَــزُوفُ هُـيَـامَـهُ لِـحَـصِـيـفِ
كَــمْ مُــدَّعٍ خَــبَــلًا لِــتَــحْــسَــبَ أَنَّـهُ
خَــبَــلُ الْــهَـوَى وَلَـوَاعِـجُ الْـمَـلْـهُـوفِ
يَــلْــقَـاكَ بِـالـدَّمْـعِ الْـغَـزِيـرِ وَلَـمْ يَـكُـنْ
دَمْــعِــي بِــخُــدْعَــةِ مَـاذِقٍ مَـطْـرُوفِ
إِنِّــي أُجِــلُّــكَ عَــنْ سَــوَافِــحِ عَــبْـرَةٍ
عَـبِـئَـتْ لِـمَـغْـرُورِ الْـحَـصَـاةِ سَـخِـيفِ
يَـخْـشَـى عَـلَـى الْـبَـاكِـيـنَ وَقْعَ جَمَالِهِ
فَــيَــبِــيــتُ نُــهْــزَةَ خَــادِعٍ وَمَـئُـوفِ
وَلَأَنْــتَ أَعْــظَــمُ فِـي الْـفُـؤَادِ مَـحَـلَّـةً
مِــنْ أَنْ تُــغَــرَّ بِــمَــدْمَــعٍ مَــرْصُــوفِ
يَــا رُبَّ مُــضْــطَــغِـنٍ يُـحِـبُّـكَ إِنَّ لِـي
شَــوْقًــا إِلَــيْــكَ أَلَــحَّ غَــيْـرَ طَـفِـيـفِ
الْآنَ لَــمَّــا خِــلْــتُ صَــفْــوَكَ بَــالِـغِـي
يَـسْـعَـى إِلَـيْـكَ بِـمَـدْمَـعِ الْـمَـشْـغُـوفِ
كَـيْـمَـا أَبِـيـتَ عَـلَـى جَـفَـائِكَ حَيْثُ لَا
يَـخْشَى الْحَسُودُ عَلَى الصَّفَاءِ وُقُوفِي
كَـــيْــمَــا يُــقَــالَ حَــبَــوْتَــهُ بِــمَــوَدَّةٍ
وَتَــرَكْــتَــنِــي لِلْــعَــذْلِ وَالــتَّـعْـنِـيـفِ
أَسْــفًــا لَــهُ لَــمْ يَــلْـقَ حِـيـلَـةَ سَـابِـقٍ
بِـالْـمَـجْـدِ يَـسْـبِـقُـنِـي بِـغَـيْـرِ طَـرِيـفِ
حَـــتَّـــامَ أَبْـــلُـــو كُـــلَّ يَـــوْمٍ خَـــلَّــةً
لِلــنَّــاسِ تُــغْــرِي عَــنْــهُــمُ بِـوَجِـيـفِ
أَوَكُــلَّـمَـا قُـلْـتُ الْـحَـضِـيـضَ بَـلَـغْـتُـهُ
مِــنْ ذِي الــنُّــفُــوسِ عَــدَوْتُـهُ لِأُلُـوفِ
حَـسْـبِـي اغْـتِـرَارُكَ بِـالْـمَـنَـاقِبِ مُلْهِمًا
صَــبْــرًا فَــتُـثْـلِـجَ حُـرْقَـةَ الْـمَـلْـهُـوفِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤