الْحُبُّ وَالْحَذَرُ

Wave Image
كَـيْـفَ لَا أُغْـرِي بِـكَ الْحَذَرَا
إِنْ تَـكُـنْ تُـغْـرِي بِيَ الْحَذَرَا
تُــبْــتُ مِـنْ وِدٍّ وَمِـنْ مِـقَـةٍ
فَــأَقِـلْ مَـنْ تَـابَ وَاعْـتَـذَرَا
صِـرْتُ أَخْشَى مِنْكَ طَارِقَةً
مُـشْـمِـتًـا بِـي كُـلَّ مَـنْ أَمَرَا
رُبَّ مَـــأْمُـــونٍ بِـــغُـــرَّتِـــهِ
حَـــيَّــرَ الْأَلْــبَــابَ إِذْ غَــدَرَا
كَـمْ وَسِـعْـتُ النَّفْسَ مَعْرِفَةً
أَتَـقَـصَّـى الْـفِـعْـلَ وَالـسِّـيَرَا
فَــأَتَــتْ مَـا لَـسْـتُ أَعْـرِفُـهُ
وَكَــأَنِّــي لَــمْ أُصِـبْ خَـبَـرَا
مَـا عَـجِيبٌ أَنْ صَبَرْتُ فَكَمْ
جَــازِعٍ مِــنْ كَــارِثٍ صَـبَـرَا
إِنَّ قَــلْــبًــا لَـمْ يَـدِنْ بِـهَـوًى
قَــطُّ شَــرٌّ مِـنْ جَـوٍ خَـسِـرَا
إِنَّ مَــخْــدُوعًـا عَـلَـى ثِـقَـةٍ
زَيْـنُ خَـبٍّ لَـمْ يَـثِـقِ حَـذَرَا
إِنَّ مَــنْ صَــحَّـتْ طَـوِيَّـتُـهُ
لَــمْ يُــكَــتِّــمْ حُــبَّــهُ ذُعُـرَا
عَـجَـبٌ أَنْ لَـسْـتَ تَـأْمَـنُـنِي
قَـدْ أَمِـنْـتَ الْـبَدْوَ وَالْحَضَرَا
آمِــنًــا مَــنْ لَــيْـسَ يَـأْمَـنُـهُ
سَــابِــرٌ يَـدْرِي الَّـذِي سَـبَـرَا
أَنْـتَ مِمَّنْ عَاشَ فِي كَلِمِ الـ
ـنَّــاسِ يَـقْـفُـو فِـيـهِـمُ أَثَـرَا
إِنَّ حُـبَّ الـسُّـوءِ مُـكْـتَـتَـمًا
بَـزَّ حُـبَّ الـطُّـهْـرِ مُـشْـتَـهَرَا
خِـلْـتُ أَنَّ الـنَّاسَ لَوْ كَشَرُوا
شَـاحِـذِيـنَ الـنَّـابَ وَالظُّفُرَا
كُــنْــتَ لِـي خِـدْنًـا أَلُـوذُ بِـهِ
تَــــدَّرِي الْآلَامَ وَالْــــكَـــدَرَا
حَبَّبُوا لِي الْعَيْشَ إِذْ قَذَعُوا
كَـيْ أَنَـالَ الْـفَـضْـلَ مُقْتَسِرَا
كُـنْـتُ أَرْثي حُسْنَ رَأْيِكَ لَوْ
لَـمْ أُعَـالِـجْ قَـبْـلَـكَ الْـغِـيَـرَا
كَــمْ صَــدِيــقٍ بِــتُّ أَكْـلَـؤُهُ
مِـنْ عِدًى أَغْرَى بِيَ الْحَجَرَا
أَوَّلُ الــرَّامِــيــنَ مُــعْــتَـذِرًا
مِـنْ صَـفَـاءٍ كَـانَ لِـي ذُخُـرَا
لَــمْ أَلُــمْ خُــلْـقًـا نَـأَيْـتَ بِـهِ
بَــلْ أَلُــومُ الـدَّهْـرَ وَالْـقَـدَرَا
قَــدْ أَمِــنْـتُ الـدَّهْـرَ أَرْقُـبُـهُ
فَـدَجَـا بِـالـسُّـوءِ وَاعْـتَـكَـرَا
وَأَمِــنْـتُ الـصِّـيـتَ أَنْـشُـدُهُ
فَــشَــآنِــي الْــغِـرُّ وَابْـتَـدَرَا
خِـلْـتُـهُ شَـهْـدًا لِـمُـقْـتَـطِـفٍ
فَـسَـقَـانِـي الصَّابَ وَالصَّبِرَا
وَأَمِــنْــتُ الْــحَــقَّ أَعْــبُــدُهُ
فَـحَـمَـانِـي الْـوِرْدَ وَالـصَّدَرَا
ثُــمَّ أَلْــقَــانِــي إِلَــى نَــفَــرٍ
يَـعْـبُـدُونَ الْـكِـذْبَ وَالـنُّكُرَا
فَـامْضِ مِثْلَ الدَّهْرِ لَا وَطَرًا
مَــالِــئٌ قَــلْـبِـي وَلَا خَـطَـرَا
وَامْـضِ مِثْلَ الصِّيتِ إِنَّ بِهِ
فِـي الْوَرَى عَنْ هَامِنَا قِصَرَا
وَامْـضِ مِثْلَ الْحَقِّ لَا شَجَنًا
بَـــعْـــدَهُ أَلْــفَــى وَلَا ذُعُــرَا
وَامْـضِ مِـثْلَ الْعَيْشِ إِنَّ لَنَا
بَــعْــدَهُ فِــي راحــةٍ وَطَـرَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المديد
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤