مَــا زَالَ يَــمْـشِـي فِـي الْأُمُـورِ بِـفِـكْـرِهِ
حَــتَّــى تَـمَـشَّـى الـنَّـوْمُ فِـي الْأَجْـفَـانِ
وَكَـــمَــا يَــرَى الْــوَسْــنَــانُ رَاءَ كَــأَنَّــهُ
فِـي الـنَّـعْـشِ مَـيْـتٌ هَـامِـدُ الْـجُـثْـمَانِ
وَعَــلَــى جَــوَانِــبِ نَــعْــشِــهِ صَــفَّــانِ
مِــنْ جُــنْـدِ «أَلْـبِـرْتَ» الـرَّفِـيـعِ الـشَّـانِ
يَــبْــكُــونَــهُ لَا شَــامِــتِــيــنَ بِــمَــوْتِــهِ
لَــيْــسَ الــشَّــمَـاتَـةُ عَـادَةَ الـشُّـجْـعَـانِ
وَرَأَى حَــوَالَــيْــهِ جَــمَــاهِــيــرَ الْــوَرَى
تَــسْـتَـعْـرِضُ الْـمَـلْـحُـودَ فِـي الْأَكْـفَـانِ
وَكَـــأَنَّـــمَـــا كَـــرِهَ اخْــتِــلَاطَ رُفَــاتِــهِ
فِــي الْأَرْضِ بِــالــضُّــعَـفَـاءِ وَالْـعُـبْـدَانِ
أَوْ أَنَّ مَــرْأَى الْــحَــشْــدِ أَقْــلَـقَ رُوحَـهُ
فِــي جِــسْــمِــهِ فَـهَـفَـا إِلَـى الـطَّـيَـرَانِ
وَمِـنَ الْـعَـجَـائِـبِ فِـي الْكَرَى أَنَّ الْفَتَى
يَـــغْـــدُو بِـــهِ وَكَـــأَنَّـــهُ شَـــخْــصَــانِ
أَمَّ الــــسَّـــمَـــاءَ وَقَـــدْ تَـــوَهَّـــمَ أَنَّـــهُ
لَا شَـــكَّ وَالِـــجُــهَــا بِــلَا اسْــتِــئْــذَانِ
مَـا زَالَ يَـرْقَـى صَـاعِـدًا حَـتَّـى انْـتَـهَى
حَــيْــثُ الْــغِــنَــاءُ مَــثَـالِـثٌ وَمَـثَـانِـي
فَــرَمَــى بِــنَــاظِــرِهِ فَــأَبْــصَــرَ بَــابَـهَـا
فَــمَــشَــى إِلَــيْــهِ مِــشْــيَـةَ الْـعَـجْـلَانِ
وَأَقَــامَ يَــقْــرَعُــهُ فَــأَقْـبَـلَ «بُـطْـرُسٌ»
ذُو الْأَمْـرِ فِـي الْـفِـرْدَوْسِ وَالـسُّـلْـطَـانِ
وَأَدَارَ فِــــيــــهِ لَـــحْـــظَـــهُ فَـــإِذَا بِـــهِ
ضَــيْــفٌ، وَلَــكِــنْ لَـيْـسَ كَـالـضِّـيـفَـانِ
مَـا جَـاءَنَـا بِكَ؟ صَاحَ «بُطْرُسُ» غَاضِبًا
يَـــا شَـــرَّ إِنْـــسَــانٍ عَــلَــى الْإِنْــسَــانِ
اذْهَـبْ فَـمَـا لَـكَ فِـي السَّمَا مِنْ مَوْضِعٍ
يَــا أَيُّــهَــا الــرَّجُــلُ الْأَثِــيــمُ الْـجَـانِـي
ثُــمَّ انْــثَــنَــى لِلْــبَــابِ يُــحْــكِـمُ سَـدَّهُ
وَالــضَّـيْـفُ لَـمْ يَـنْـبِـسْ بِـبِـنْـتِ لِـسَـانِ
مَـا ذِي الْـفَظَاظَةُ؟ قَالَ «وِلْيَمُ» وَانْثَنَى
لِلْــيَــأْسِ كَــالْــمَــصْـفُـودِ فِـي الْأَقْـرَانِ
وَبِـمِـثْـلِ لَـمْـحِ الـطَّـرْفِ أَسْـرَعَ هَـابِـطًا
نَــحْـوَ الْـجَـحِـيـمِ يَـقُـولُ ذَاكَ مَـكَـانِـي
هَــيْــهَــاتَ يُــحْـرَمُ مِـنْ جَـهَـنَّـمَ عَـائِـدًٌ
مِــنْ جَــانِــبِ الْــفِـرْدَوْسِ بِـالْـحِـرْمَـانِ
حَـــتَّــى إِذَا مَــا صَــارَ دُونَ رِتَــاجِــهَــا
سَــمِـعَ «الـزَّعِـيـمَ» يَـصِـيـحُ بِـالْأَعْـوَانِ
أَبَــنِــي جَــهَــنَّــمَ أَوْصِــدُوا أَبْــوَابَـكُـمْ
وَاسْــتَــعْــصِــمُـوا كَـالـطَّـيْـرِ بِـالْأَوْكَـانِ
كُـونُـوا عَـلَـى حَـذَرٍ فَـفِـي هَذَا الضُّحَى
يَـــأْتِـــي إِلَـــيْــنَــا قَــيْــصَــرُ الْأَلْــمَــانِ
إِنْ كُـــنْـــتُـــمُ لَـــمْ تَـــعْــرِفُــوهُ فَــإِنَّــهُ
رَجَـــــلٌ بِــــلَا قَــــلْــــبٍ وَلَا وِجْــــدَانِ
أَخْــشَــى عَــلَـى أَخْـلَاقِـكُـمْ إِنْ زَارَكُـمْ
وَهِـيَ الْـحِـسَـانُ تَـصِـيـرُ غَـيْـرَ حِـسَـانِ
إِيَّـــاكُــمُ أَنْ تَــسْــمَــحُــوا بِــدُخُــولِــهِ
فَــدُخُــولُــهُ خَــطَــرٌ عَــلَــى الــسُّـكَّـانِ
أَمْــرِي لَــكُــمْ أَصْــدَرْتُــهُ فَــخُــذُوا بِـهِ
وَحَــذَارِ ثُــمَّ حَــذَارِ مِــنْ عِــصْــيَـانِـي
مَــاذَا تَــرَانِــي؟ صَـاحَ «وِلْـيَـمُ» بَـاكِـيًـا
حَــتَّــى الْأَبَــالِــسُ لَا تُــحِــبُّ تَــرَانِــي
إِبْــلِــيــسُ، يَـا شَـيْـخَ الـزَّبَـانِـيَـةِ الْأُلَـى
كَـــانُـــوا لِأَخْـــدَانِـــي مِـــنَ الْأَخْـــدَانِ
رُحْــمَــاكَ بِــي، فَــاللَّــيْــلُ قَـاسٍ بَـرْدُهُ
وَالْــهَــوْلُ يَــمْــلَأُ نَــاظِــرِي وَجَــنَـانِـي
بِــجَــهَــنَّــمٍ بِــالــسَّــاكِـنِـي حُـجُـرَاتِـهَـا
بِـــمَـــوَاقِــدِ الــنِّــيــرَانِ، بِــالــنِّــيــرَانِ
وَبِـــكُـــلِّ شَـــيْــطَــانٍ مَــرِيــدٍ مَــاكِــرٍ
وَبِـــكُـــلِّ تَـــابِـــعٍ مَـــارِدٍ شَـــيْـــطَــانِ
مُــرْ يَـنْـفَـتِـحْ بَـابُ الْـجَـحِـيـمِ فَـإِنَّـنِـي
قَــدْ كَــادَ يَــجْــمُـدُ لِلـصَّـقِـيـعِ لِـسَـانِـي
يَــا لَـيْـتَ شِـعْـرِي أَيْـنَ أَذْهَـبُ بَـعْـدَمَـا
سُـــدَّ الــسَّــبِــيــلُ وَأُوصِــدَ الْــبَــابَــانِ
مُــرْ لِــي بِــزَاوِيَــةٍ أَزُجُّ بِــمُــهْــجَــتِــي
فِـــيـــهَــا، وَإِنْ تَــكُ مِــنْ حَــمِــيــمٍ آنِ
هَــلَّا قَــبِــلْــتَ تَــضَــرُّعِــي؟ فَـأَجَـابَـهُ
إِبْــلِــيــسُ، وَهْــوَ يَــرُوغُ كَـالـسِّـرْحَـانِ
لَــوْ كُــنْــتُ أَعْـلَـمُ مَـا سَـكَـتُّ فَـلَا تَـزِدْ
لَا رَأْيَ لِلْـــحَـــيْــرَانِ فِــي الْــحَــيْــرَانِ
عَــبَــثًــا تُــحَـاوِلُ أَنْ تُـصَـادِفَ عِـنْـدَنَـا
نُـــزُلًا، فَـــهَـــذَا لَـــيْـــسَ بِـــالْإِمْــكَــانِ
لَا تَــذْكُــرَنَّ لِــيَ الْــحَــنَــانَ وَمَـا جَـرَى
مَــجْــرَاهُ، إِنِّــي قَــدْ قَــتَـلْـتُ حَـنَـانِـي
لَا يَــدْخُــلَــنَّ جَــهَــنَّــمًــا ذُو مَــطْــمَـعٍ
بِـــالْـــمَـــجْــدِ أَوْ بِــالْأَصْــفَــرِ الــرَّنَّــانِ
إِنْ كُـنْـتَ تَـشْـتَـاقُ الْإِقْـامَـةَ فِي اللَّظَى
فَــالــنَّــارُ وَالْــكَــبْــرِيــتُ كُــلَّ مَــكَــانِ
فَـاجْـمَـعْـهَـمَـا وَاصْـنَـعْ لِـنَـفْـسِكَ مِنْهُمَا
وَلِــمَــنْ تُــحِــبُّــهُــمُ جَــحِــيـمًـا ثَـانِـي
وَهُــنَـا تَـقَـهْـقَـرَ «وِلْـيَـمٌ» ثُـمَّ اخْـتَـفَـى
مَـــا بَـــيْـــنَ لَـــيْـــلٍ حَــالِــكٍ وَدُخَــانِ
فَــأَفَــاقَ مَــذْعُــورًا يُــقَــلِّــبُ طَــرْفَــهُ
لِلــرُّعْــبِ فِــي الْأَبْــوَابِ وَالْــحِـيـطَـانِ
وَيَــقُــولُ لَا أَنْــسَــاكَ يَــا حُـلُـمِـي وَلَـوْ
نَــسَــجَــتْ عَـلَـيَّ عَـنَـاكِـبُ الـنِّـسْـيَـانِ
مَــا رَاعَــنِــي أَنِّـي طُـرِدْتُ مِـنَ الـسَّـمَـا
أَنَـــا قَـــانِـــطٌ مِـــنْ رَحْــمَــةِ الــدَّيَّــانِ
لَـــكِـــنَّ طَـــرْدِيَ مِـــنْ جَـــهَــنَّــمَ إِنَّــهُ
مَــا دَارَ فِــي خَــلَــدِي وَلَا حُــسْــبَـانِـي