يَا نَسِيمَ الصَّبَا الْوَلُوعَ بِوَجْدِي

Wave Image
يَـا نَـسِـيـمَ الصَّبَا الْوَلُوعَ بِوَجْدِي
حَــبَّــذَا أَنْــتَ لَـوْ مَـرَرْتَ بِـنَـجْـدِ
أَجْـرِ ذِكْرِي نَعِمْتَ وَانْعَتْ غَرَامِي
بِـالْـحِـمَـى وَلْـتَـكُنْ يَدًا لَكَ عِنْدِي
وَلَــقَــدْ رَابَــنِــي شَــذَاكَ فَـبِـاللَّـهِ
مَــتَــى عَــهْــدُهُ بِــأَطْــلَالِ هِـنْـدِ
إِنْ يَـكُـنْ عَـرْفُـهَـا امْـتَـطَـاكَ إِلَيْنَا
فَــلَــقَــدْ زُرْتَــنَــا بِـأَسْـعَـدِ سَـعْـدِ
أَهْــدِ لِــي نَــفْــحَـةً تَـضَـمَّـنُ رَيَّـا
هَــا بِـمَـا شِـئْـتَ مِـنْ عَـرَارٍ وَرَنْـدِ
رُبَّــمَــا نَــهْــلَـةٍ سُـقِـيـتُ بِـفِـيـهَـا
فَـكَـفَـتْـنِـي مَـعَ الـصَّدَى كُلَّ وِرْدِ
وَغَـرِيـمٍ مِـنَ الْـهُـمُـومِ اقْـتَضَانِي
دَلَـجَ الْـعِـيـسِ بَـيْـنَ وَجْدٍ وَوَخْدِ
كُـلَّـمَـا أَرْزَمَـتْ مِـنَ الـشَّـوْقِ كِدْنَا
فَـوْقَ أَكْـوَارِهَـا مِنَ الشَّوْقِ نَرْدِي
يَــا خَـلِـيـلَـيَّ خَـلِّـيَـانِـي وَهَـمِّـي
أَنَــا أَوْلَاكُــمَــا بِــغَــيِّـي وَرُشْـدِي
لَـوْ أَمِـنْتُ الْمَلَامَ وَالدَّمْعَ مَا اخْتَرْ
تُ وُقُـوفِـي عَلَى الْمَنَازِلِ وَحْدِي
وَلَـقَـدْ أَصْـحَـبُ الْـمِـرَاحَ إِلَى اللَّذَّ
اتِ مُـلْـقَى الْوِشَاحِ أَسْحَبُ بُرْدِي
بَـيْـنَ دُعْـجٍ مِـنَ الـظِّـبَـاءِ وَنُـعْـجٍ
وَلِــدَانٍ مِــنَ الْــحِــسَــانِ وَمُـلْـدِ
فِـي زَمَـانٍ مِـنَ الـشَّـبِـيبَةِ مَصْقُو
لٍ وَعَــيْــشٍ مِـنَ الْـبَـطَـالَـةِ رَغْـدِ
وَأَمَــانٍ مِــنَ الْــخُـطُـوبِ كَـأَنِّـي
لِابْـنِ عَـبْـدِ الـرَّزَّاقِ أَخْـلَـصُ عَـبْدِ
لِــكَـرِيـمِ الـثَّـنَـاءِ وَالْـيَـدِ وَالْـخِـيـ
ـمِ عَـمِـيـمِ الْأَخْلَاقِ وَالْخَلْقِ نَجْدِ
يَــقِــظٍ تَــلْــجَــأُ الْــعُـلَا أَبَـدًا مِـنْـ
ـهُ إِلَــى أَوْحَــدِ الْــعَــزِيـمَـةِ فَـرْدِ
طَـالِـبٍ أَشْـرَفَ الْـمَـطَـالِـبِ لَا يَهْـ
ـجُــمُ إِلَّا عَــلَــى الْــمَــرَامِ الْأَشَـدِّ
تُــنْــذِرُ الـنَّـائِـبَـاتُ أَنْـفُـسَـهَـا مِـنْـ
ـهُ بِـــخَــصْــمٍ لِلــنَّــائِــبَــاتِ أَلَــدِّ
جَـاعِـلٍ مَـا لَـهُ طَـرِيـقًا إِلَى الْحَمْـ
ـدِ فَـمَـا يَـأْتَـلِـي يُـنِـيـرُ وَيُـسْـدِي
فَـــقِـــرَاهُ سَـــارٍ إِلَــى كُــلِّ سَــارٍ
وَنَـــدَاهُ وَفْــدٌ عَــلَــى كُــلِّ وَفْــدِ
يَـوْمُـهُ فِـي الـنَّدَى بِعَامٍ مِنَ الْغَيْـ
ـثِ إِذَا قَـلَّ مَـنْ يَـجُـودُ وَيُـجْدِي
كَــرَمٌ سَــافِــعٌ بِــنَــاصِـيَـةِ الْـفَـقْـ
ـرِ وَجُـودٌ عَـلَـى الـنَّـوَائِبِ مُعْدِي
وَيَــدٌ أَغْــنَـتِ الْـمُـقِـلِّـيـنَ حَـتَّـى
مَـا تَـرَى فِـي الْأَنَـامِ طَـالِـبَ رِفْـدِ
جَـادَ قَـبْـلَ السُّؤَالِ لَا مَاءُ وَجْهِي
نَـابَ فِـي جُـودِهِ وَلَا مَـاءُ حَمْدِي
وَبَــدَانِـي بِـالْـوُدِّ عَـفْـوًا وَمَـا كُـنْـ
ـتُ خَـلِـيـقًـا فِـي ذَا الـزَّمَـانِ بِوُدِّ
وَلَــعَـمْـرِي لَـقَـدْ عَـلِـمْـتُ يَـقِـيـنًـا
أَنَّ ذِكْــرِي بِــهِ سَـيَـعْـلُـو وَجَـدِّي
مَــا تَــوَهَّـمْـتُـهُ فَـخَـالَـجَ فِـكْـرِي
أَنَّـــهُ لَـــيْـــسَ لِــي بِــزَادٍ مُــعَــدِّ
جَـادَنِـي مِـنْ نَـدَى عَـلِـيٍّ سَحَابٌ
مُــسْــتَــهِــلٌّ بِــغَـيْـرِ بَـرْقٍ وَرَعْـدِ
حِـيـنَ لَا قَـادَنِـي إِلَـى نَـكَدِ الْمَطْـ
ـلِ وَلَا رَاعَـــنِــي بِــخَــجْــلَــةِ رَدِّ
إِنَّ خَـيْرَ الْمَعْرُوفِ مَا جَاءَ لَا سِيـ
ـنُ سُـــؤَالٍ فِــيــهِ وَلَا وَاوُ وَعْــدِ
عَـاقَـدَتْـنِـي بِـهِ اللَّـيَـالِـي فَمَا تَخْـ
ـفِــرُ عَــهْــدِي وَلَا تُـغَـيِّـرُ عَـقْـدِي
وَلَــعَــمْــرِي مَــا كُــنْـتُ لَـوْلَاهُ إِلَّا
فِــي طِــرَادٍ مَـعَ الْـهُـمُـومِ وَطَـرْدِ
يَـا بْـنَ عَـبْـدِ الـرَّزَّاقِ لَا زَايَـلَـتْكُمْ
نِــعَــمُ اللــهِ بَــيْــنَ طُـرْفٍ وَتُـلْـدِ
مُـطْـلِـقَـاتٍ أَعِـنَّـةَ الـشُّكْرِ مِنْ كُلِّ
لِــسَــانٍ حَــتَّــى يُـعِـيـدَ وَيُـبْـدِي
مِــنْ بُــدُورٍ عَـلَـى نَـمَـارِقَ مِـيـثٍ
وَلُــيُــوثٍ عَــلَــى سَــوَابِـقَ جُـرْدِ
وَكُــهُــولٍ قَــشَــاعِــمٍ تَــتَــلَاقَـى
فِـي ذُرَى الْـمَجْدِ أَوْ غَطَارِفَ مُرْدِ
حَـيْـثُ يُـلْـفَـى أَبُـو الْحُسَيْنِ مَلِيًّا
بِـالـنَّـفِـيـسَـيْـنِ مِـنْ عَـلَاءٍ وَمَجْدِ
ذُو الْـمَقَامِ الْحَمِيدِ فِي كُلِّ فَضْلٍ
يَــتَــعَــاطَــاهُ وَالْــمَــقَـالِ الْأَسَـدِّ
ضَارِبٌ فِي الصَّمِيمِ مِنْهُ إِلَى خَيْـ
ـرِ أَبٍ بَـــاهِـــرِ الْأُصُـــولِ وَجَـــدِّ
هَـلْ يُـجَـارِي سَـمَـاحَ كَـفِّكَ تَقْرِيـ
ـبِـيَ فِـي حَـلْـبَـةِ الـثَّـنَـاءِ وَشَدِّي
فَــأُجَــازِيـكَ بِـالْـمَـدِيـحِ وَهَـيْـهَـا
تَ وَلَــكِــنَّــنِــي سَـأَبْـلُـغُ جُـهْـدِي
وَلَــئِــنْ نَــوَّهَــتْ عُــلَاكَ بِـأَشْـعَـا
رِي وَأَوْرَيْــتَ بِــالْـمَـكَـارِمِ زَنْـدِي
فَـلَـقَـدْ أَوْدَعَـتْ أَمِـيـنًا عَلَى الْمِنَّـ
ـةِ لَا يُـفْـسِـدُ الْـجَـمِـيـلَ بِـجَـحْـدِ
بِــقَــوَافٍ مِـثْـلِ الـنُّـجُـومِ سَـوَارٍ
تَــتَــبَـارَى فِـي كُـلِّ نَـشْـزٍ وَوَهْـدِ
سَـابِـقَـاتِ الـرِّكَابِ وَالرَّكْبِ مَا تَنْـ
ـفَـكُّ تُـحْـدَى بِـهَا الرَّذَايَا فَتَخْدِي
بَـاقِـيَـاتٍ لَـمْ تَـخْـلُ مَا قَدُمَ الْعَهْـ
ـدُ عَـلَـيْـهَـا مِـنْ مَـفْـخَـرٍ مُسْتَجَدِّ
لَـوْ أُتِـيـحَـتْ لِلْـغَـانِـيَـاتِ لَـفَـضَّـلْـ
ـنْ بِـهَـا الْـمُـنْـفِسَاتِ مِنْ كُلِّ عِقْدِ
فَـادَّخِـرْهَـا مَـالًا نَـفِـيسًا فَخَيْرُ الْـ
ـمَـالِ مَـا لَـمْ يَـنَـلْـهُ حَـادِثُ فَـقْـدِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤