أَتَرَى الْهِلَالَ أَنَارَ ضَوْءَ جَبِينِهِ

Wave Image
أَتَـرَى الْـهِـلَالَ أَنَـارَ ضَـوْءَ جَـبِـيـنِهِ
حَـتَّـى أَبَـانَ اللَّـيْـلُ عَـنْ مَـكْـنُـونِـهِ
شَـفَّ الْـحِـجَـابُ بِـنُـورِهِ حَتَّى رَأَى
مُــتَــأَمِّــلٌ مَــا خَــلْـفَـهُ مِـنْ دُونِـهِ
أَوَمَــا رَأَيْــتَ الْــمُــلْـكَ تَـمَّ بَـهَـاؤُهُ
بِـضِـيَـاءِ كَـوْكَبِ شَمْسِهِ ابْنِ أَمِينِهِ
نُـضِـيَ الْحُسَامُ فَدَلَّ رَوْنَقُ صَفْحِهِ
وَظُـبَـاهُ أَنَّ الْـمَـجْـدَ بَـعْـضُ قُيُونِهِ
يَـا حَـبَّـذَا الـثَّـمَرُ الْجَنِيُّ بِدَوْحَةِ الْـ
ـحَـسَـبِ الـزَّكِيِّ وَنَاعِمَاتِ غُصُونِهِ
مَــا عُــذْرُهُ أَلَّا يَــطِــيــبَ مَــذَاقُـهُ
طِـيـبَ السُّلَافِ وَأَنْتَ مِنْ زَرَجُونِهِ
الْـيَـوْمَ مَـدَّ إِلَـى الْـمَـطَـالِـبِ بَـاعَـهُ
مَـنْ لَـمْ تَـكُـنْ خَطَرَتْ بِلَيْلِ ظُنُونِهِ
حَــلَّ الــرَّجَــاءُ وَثَـاقَ كُـلِّ مَـسَـرَّةٍ
كَــانَــتْ أَسِـيـرَةَ هَـمِّـهِ وَشُـجُـونِـهِ
قَـدْ كَـانَ رَجَّـمَ ظَـنَّـهُ فِـيـكَ النَّدَى
فَـجَـلَا ظَـلَامَ الـشَّـكِّ صُـبْحُ يَقِينِهِ
أَطْـلَـعْـتَ بَـدْرًا فِـي سَـمَـاءِ مَمَالِكٍ
سَـهِـرَ الْـجَـمَـالُ وَنَـامَ فِـي تَـلْوِينِهِ
عَــلِــقَــتْ يَــدُ الْآمَــالِ يَـوْمَ وِلَادِهِ
بِـمَـرِيـرِ حَـبْـلِ الْـمَـكْـرُمَـاتِ مَتِينِهِ
بِـــأَجَـــلِّ مَـــوْلُـــودٍ لِأَكْــرَمِ وَالِــدٍ
سَــمْــحٍ مُــبَـارَكِ مَـوْلِـدٍ مَـيْـمُـونِـهِ
صَـلْـتِ الْـجَـبِـيـنِ كَـأَنَّ دُرَّةَ تَـاجِـهِ
جَـعَـلَـتْ تَرَقْرَقُ فِي مَكَانِ غُضُونِهِ
رَبِّ الْـجِـيَـادَ لِـرَبِّـهَـا يَـوْمَ الْـوَغَـى
وَصُـنِ الْـحُـسَـامَ لِـخِـلِّـهِ وَخَـدِيـنِهِ
قَـدْ بَـاتَ يَـشْـتَـاقُ الْـعِـنَـانُ شِمَالَهُ
شَـوْقَ الْـيَـرَاعِ إِلَـى بَـنَـانِ يَـمِـيـنِهِ
وَاعْـقِـدْ لَـهُ الـتَّـاجَ الْـمُـنِـيـفَ فَإِنَّمَا
فَـخْـرُ الْـمَـفَـاخِـرِ عَـقْـدُهَـا لِجَبِينِهِ
لَـغَـدَوْتَ تَـقْـتَـادُ الْـمُـنَـى بِـزِمَـامِهَا
وَتَـرُوضُ سَـهْـلَ النَّيْلِ غَيْرَ حَرُونِهِ
بِـالْـعَـزْمِ إِذْ يُـنْـطِـيـكَ عَفْوَ نَجَاحِهِ
وَالْـحَـزْمِ إِذْ يُـمْـطِـيـكَ ظَهْرَ أَمُونِهِ
فَـالْـيَـوْمَ هَـزَّ الْـمَـجْـدُ مِنْ أَعْطَافِهِ
تِـيـهًـا وَبَـاحَ مِـنَ الْـهَـوَى بِـمَصُونِهِ
وَالْآنَ ذُدْتَ عَـنِ الْـعُـلَا وَذَبَبْتَ عَنْ
مَــجْـدٍ يَـعُـدُّكَ مِـنْ أَعَـزِّ حُـصُـونِـهِ
وَاللَّـيْـثُ ذُو الْأَشْـبَالِ أَصْدَقُ مَنْعَةً
لِــفَــرِيــسَــةٍ وَحِــمَــايَـةً لِـعَـرِيـنِـهِ
وَالْآنَ إِذْ نَـشَـأَ الْـغَـمَـامُ وَصَـرَّحَـتْ
نَـفَـحَـاتُ جَـوْنِـيِّ الـرَّبَـابِ هَـتُونِهِ
فَـلْـيَـعْـلَـمِ الْـغَيْثُ الْمُجَلْجِلُ رَعْدُهُ
أَنَّ الــسَّــمَـاحَ مُـعِـيـنُـهُ بِـمَـعِـيـنِـهِ
وَلْــيَــأْخُـذِ الْـجَـدُّ الْـعَـلِـيُّ مَـكَـانَـهُ
مِـنْ أُفْـقِ مَـحْـرُوسِ الْعَلَاءِ مَكِينِهِ
وَلْــيَـضْـرِبِ الْـعِـزُّ الْـمَـنِـيـعُ رِوَاقَـهُ
بِـجَـنَـابِ مَـمْـنُوعِ الْجَنَابِ حَصِينِهِ
وَلْــتَـبْـتَـنِ الْـعَـلْـيَـاءُ شُـمَّ قِـبَـابِـهَـا
بِــذُرَى رُبَــاهُ أَوْ سُــفُــوحِ مُـتُـونِـهِ
وَلْـيَـحْـظَ رَبْـعُ الْـمَكْرُمَاتِ بِأَنْ غَدَا
شَــرِقَ الْــمَـنَـازِلِ آهِـلًا بِـقَـطِـيـنِـهِ
وَلْـتَـخْـلَـعِ الْأَفْـكَـارُ عُـذْرَ جِـمَاحِهَا
بِـنِـظَـامِ أَبْـكَـارِ الْـقَـرِيـضِ وَعُـونِـهِ
سِـرْبٌ مِـنَ الْـحَمْدِ الْجَزِيلِ غَدَوْتُمُ
مَــرْعَــى عَـقَـائِـلِـهِ وَمَـوْرِدَ عِـيـنِـهِ
كَـمْ مِـنْـبَـرٍ شَـوْقًـا إِلَيْهِ قَدِ انْحَنَتْ
أَعْــوَادُهُ مِــنْ وَجْــدِهِ وَحَــنِــيـنِـهِ
وَمُـــطَـــهَّـــمٍ قَــدْ وَدَّ أَنَّ سَــرَاتَــهُ
مَــهْــدٌ لَــهُ فِـي سَـيْـرِهِ وَقُـطُـونِـهِ
وَمُـخَـزَّمٍ نَـاجَـتْ ضَـمَـائِـرُهُ الْمُنَى
طَـمَـعًـا بِـقَـطْـعِ سُـهُـولِـهِ وَحُـزُونِهِ
وَمُــهَــنَّــدٍ قَــدْ وَامَــرَتْــهُ شِــفَـارُهُ
بِــطُـلَـى الْـعَـدُوِّ أَمَـامَـهُ وَشُـئُـونِـهِ
وَمُـثَـقَّـفٍ قَـدْ كَـانَ قَـبْـلَ طِـعَـانِـهِ
تَــنْــدَقُّ أَكْـعُـبُـهُ بِـصَـدْرِ طَـعِـيـنِـهِ
وَكَــأَنَّ عَــبْــدَ اللـهِ عَـبْـدُ اللـهِ فِـي
حَـرَكَـاتِ هِـمَّـتِـهِ وَفَـضْـلِ سُـكُونِهِ
لَمْ تَرْضَ أَنْ كُنْتَ الْكَفِيلَ بِشَخْصِهِ
حَـتَّـى شَـفَـعْـتَ كَـفِـيـلَـهُ بِـضَمِينِهِ
نَــشَــرَ الْأَمِــيـنَ وِلَادُهُ فَـجَـنَـيْـتَـهُ
مِـنْ غَـرْسِـهِ وَجَـبَـلْـتَـهُ مِـنْ طِـينِهِ
ذَاكَ الَّــذِي لَــوْ خَــلَّـدَ اللـهُ الـنَّـدَى
وَالْـبَـأْسَ مَـا مُـنِـيَـا بِـيَـوْمِ مَـنُـونِهِ
وَإِذَا أَرَدْتَ لِــقَــبْــرِهِ أَزْكَــى حَــيًـا
يَـرْوِيـهِ قُـلْـتُ سَـقَـاهُ فَضْلُ دَفِينِهِ
أَمَّــا الْــهَــنَــاءُ فَــلِلــزَّمَـانِ وَأَهْـلِـهِ
كُــلٌّ يَــدِيـنُ مِـنَ الـزَّمَـانِ بِـدِيـنِـهِ
كَـالْـغَـيْـثِ جَـادَ فَعَمَّ أَرْضَ شَرِيفِهِ
وَدَنِــيِّــهِ وَصَــرِيــحِـهِ وَهَـجِـيـنِـهِ
لَــكِــنَّ أَهْــلَ الْـفَـضْـلِ أَوْلَاهُـمْ بِـهِ
مَـنْ ذَا أَحَـقُّ مِـنَ الـصَّـفَا بِحَجُونِهِ
عِـــيـــدٌ وَمَـــوْلُــودٌ كَــأَنَّ بَــهَــاءَهُ
زَهْـرُ الـرَّبِـيـعِ وَمُـعْـجِـبَـاتُ فُـنُونِهِ
فَــتَــمَــلَّـهُ عُـمْـرَ الـزَّمَـانِ مُـمَـتَّـعًـا
بِـفَـتَـى الْـعُلَا وَأَخِي النَّدَى وَقَرِينِهِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال ابن الخياط هذه القصيدة، يهنئ بها شمس الملك أبا الفرج محمد بن أمين الدولة أبي طالب عبد الله بن عمار بولد له، وقد أنشده إياها في طرابلس الشام.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤