أَلَمْ أَكُ لِلْقَوَافِي الْغُرِّ خِدْنًا

Wave Image
أَلَــمْ أَكُ لِـلْـقَـوَافِـي الْـغُـرِّ خِـدْنًـا
وَقِــرْنًــا لَــنْ يُــرَامَ وَلَــنْ يُــرَازَا
أَبِــيـتُ أَرُوضُـهَـا طَـوْرًا وَطَـوْرًا
أُذَلِّـــلُـــهَــا صِــعَــابًــا أَوْ عِــزَازَا
تَــكَــادُ تَــئِــنُّ مِــنْ أَلَــمٍ إِذَا مَــا
ثِـقَـافُ الْـفِـكْـرِ عَـاصَـرَهَـا لِـزَازَا
أَلَـسْـتُ إِلَـى النَّدَى أُنْمَى اعْتِزَاءً
أَلَـمْ أَكُ بِـالـنَّـدَى أُحْـمَـى اعْتِزَازَا
أَلَـمْ تُـثْـمِـرْ يَـدُ الْـمَعْرُوفِ عِنْدِي
وَقَــدْ طَـابَـتْ غِـرَاسًـا أَوْ غِـرَازَا
فَـكَـيْـفَ يَـجُوزُ أَنْ أَعْدُو صَنِيعًا
عَــدَا حَــدَّ الـسَّـمَـاحِ بِـهِ وَجَـازَا
وَكَـمْ مِـنْ جَـاهِـدٍ قَدْ رَامَ عَفْوِي
فَـمَـا بَـلَـغَـتْ حَـقِـيـقَـتُهُ الْمَجَازَا
يَـرُومُ بِـعَـجْـزِهِ الْإِعْـجَـازَ جَـهْـلًا
وَكَـيْـفَ يَـصِـيـدُ بِـالْـكَـرَوَانِ بَازَا
سَأَبْـسُطُ فِي الثَّنَاءِ لِسَانَ صِدْقٍ
يَــطُـولُ بِـهِ ارْتِـجَـالًا وَارْتِـجَـازَا
يَــعُــبُّ عُـبَـابُـهُ بَـحْـرًا خِـضَـمًّـا
وَيَــبْــتُـكُ حَـدُّهُ عَـضْـبًـا جُـرَازَا
لَـعَـلِّـي أَنْ يَـفُـوزَ بِـسَـعْدِ مَدْحِي
فَـتًـى سَـعِـدَ الـزَّمَـانُ بِـهِ وَفَـازَا
فَأَجْـزِيَ سَـيِّـدَ الـرُّؤَسَـاءِ نُـعْـمَى
لَــهُ عِـنْـدِي وَجَـلَّـتْ أَنْ تُـجَـازَى
وَمَـنْ لِـي أَنْ أَقُـومَ لَـهَـا بِـشُـكْـرٍ
وَأَنْ أُغْــرِي بِــمَـا أَعِـدُ الـنَّـجَـازَا
عَـنَـتْـنِـي لَا الـثَّـنَـاءُ لَـهَـا مُـطِيقًا
وَلَا كُــفْــرَانُـهَـا لِـي مُـسْـتَـجَـازَا
رَأَى بَـيْـنِـي وَبَـيْـنَ الـدَّهْـرِ حَرْبًا
أُكَــــابِــــدُهَـــا نِـــزَالًا أَوْ بِـــرَازَا
تَـتُـوقُ إِلَـى الْغُمُودِ الْبِيضُ فِيهَا
وَتَـشْـتَـاقُ الـرِّمَـاحُ بِـهَـا الـرِّكَازَا
فَأَصْـلَـتَ مِـنْ مَـكَـارِمِـهِ حُسَامًا
يَـجُـبُّ غَـوَارِبَ الـنُّـوَبِ احْتِزَازَا
حَـمَـى وَهَمَى فَعُذْتُ وَلُذْتُ مِنْهُ
بِأَكْــرَمِ مَــنْ أَجَــارَ وَمَــنْ أَجَـازَا
وَإِنِّـي مُـذْ تَـحَـدَّتْـنِـي الـلَّـيَـالِـي
لَـمُـنْـحَـازٌ إِلَـى الْـكَـرَمِ انْـحِـيَـازَا
إِلَـى مُـتَـوَحِّـدٍ بِـالْـحَـمْدِ فَاتَ الْـ
ـكِـرَامَ بِـهِ اخْـتِـصَـاصًا وَامْتِيَازَا
أَعَــمُّــهُــمُ إِذَا كَــرُمُـوا سَـمَـاحًـا
وَأَثْــقَــلُــهُــمْ إِذَا حَـلُـمُـوا مَـرَازَا
عَــلِـيٌّ أَنْ يُـطَـاوَلَ أَوْ يُـسَـامَـى
أَبِـــيٌّ أَنْ يُـــمَـــاثَــلَ أَوْ يُــوَازَى
أَقَـلُّ الـنَّـاسِ بِـالْـمَـالِ احْـتِـفَـالًا
وَأَكْـثَـرُهُـمْ عَـلَى الْمَجْدِ احْتِرَازَا
تَــهُــونُ طَــرِيــقُ سَـائِـلِـهِ إِلَـيْـهِ
وَإِنْ عَـزَّ احْـتِـجَـابًـا وَاحْـتِـجَازَا
فَـتًـى لَـمْ يَـسْـتَـكِـنْ لِلدَّهْرِ يَوْمًا
وَلَـمْ تَـضِـقِ الْخُطُوبُ بِهِ الْتِزَازَا
وَلَــمْ يَــكُ جُــودُهُ فَــلَـتَـاتِ غِـرٍّ
أُبَــادِرُ فُــرْصَــةً مِـنْـهَـا انْـتِـهَـازَا
صَـلِـيـبٌ حِـيـنَ تَـعْـجُمُهُ اللَّيَالِي
وَغَـيْـرُ الـنَّـبْـعِ يَـنْـغَـمِـزُ انْـغِـمَازَا
يُــغَـالِـبُـهَـا اقْـتِـدَارًا وَاقْـتِـسَـارًا
وَيَــسْــلُــبُـهَـا ابْـتِـذَالًا وَابْـتِـزَازَا
عُـلًا تُـقْـذِي الْعُيُونَ مِنَ الْأَعَادِي
وَتُـنْـبِـتُ فِـي قُـلُـوبِـهِـمُ الْحَزَازَا
أَبَــا الــذَّوَّادِ كَـمْ لِـي مِـنْ مَـقَـامٍ
لَــدَيْــكَ وَكَــمْ أَفَـادَ وَكَـمْ أَفَـازَا
أُغِــيـرُ عَـلَـى نَـدَاكَ وَكَـانَ حَـقًّـا
لِــجُــودِكَ أَنْ يُـغَـاوَرَ أَوْ يُـغَـازَى
وَمَـا لِـسَـوَامِ وَفْـرِكَ مِـنْـكَ حَـامٍ
فَـيَأْمَـنَ سَـرْحُـهُ مِـنِّـي اخْـتِزَازَا
عَـمَـمْـتَ الـشَّامَ صَوْبَ حَيًا فَلَمَّا
تَـرَوَّى الـشَّـامُ نَـاهَضْتَ الْحِجَازَا
أُتِـيـحَ لَـهُ وَقُـيِّـضَ مِـنْـكَ غَـيْثٌ
حَـوَى خِـصْـبَ الزَّمَانِ بِهِ وَحَازَا
فَأَمْــطَــرَهُ الــنَّـدَى لَا مَـاءَ مُـزْنٍ
وَأَنْــبَــتَـهُ الْـغِـنَـى لَا الْـخَـازَبَـازَا
سَـقَـى بَـطْـحَـاءَ مَـكَّةَ فَالْمُصَلَّى
وَرَوَّضَ سَـهْـلَ طَـيْـبَـةَ وَالْـعَزَازَا
وَكُـنْـتَ إِذَا وَطِـئْـتَ تُرَابَ أَرْضٍ
رَبَــا بِــنَــدَاكَ وَاهْــتَــزَّ اهْـتِـزَازَا
إِذَا لَــمْ تَــرْوِهَــا الْأَنْـوَاءُ قَـصْـدًا
كَــفَـاهَـا أَنْ تَـمُـرَّ بِـهَـا اجْـتِـيَـازَا
رَأَى الْحُجَّاجُ يَوْمَ حَجَجْتَ بَدْرًا
وَبَــحْـرًا لَـنْ يُـغَـامَ وَلَـنْ يُـجَـازَا
سُـقُـوا وَرُعُوا بِجُودِكَ لَا اسْتِقَاءً
أَيَـا جَـمَّ الـسَّـمَـاحِ وَلَا احْـتِـيَازَا
أَجَـزْتَـهُـمُ الْـمَـخَـافَـةَ لَـمْ يُـرَابُوا
بِــهَـا رَيْـبًـا وَمِـثْـلُـكَ مَـنْ أَجَـازَا
وَأَرْهَـبُ مَـا يَـكُـونُ السَّيْفُ حَدًّا
إِذَا مَـا فَـارَقَ الـسَّـيْـفُ الْـجَـهَازَا
وَكَـمْ لَـكَ حِـجَّـةً لَـمْ تَـدْعُ فِـيهَا
إِلَـى الْـوَخْـدِ الْـمُـضَـبَّـرَةَ الْـكِنَازَا
صَـنَـائِـعُ كَـمْ رَفَـعْـتَ بِـهَـا مَـنَارًا
لِــفَــخْــرٍ وَاتَّـخَـذْتَ بِـهَـا مَـفَـازَا
وَمَـا جَـارَاكَ فِـي فَـضْـلٍ فَـخَـارٌ
فَـلَمْ تَجْتَزْ مَدَى الْفَضْلِ اجْتِيَازَا
وَلَا سَــامَــاكَ فِــي عَــلْــيَــاءَ إِلَّا
وَفُــزْتَ بِــهَـا انْـفِـرَادًا وَانْـفِـرَازَا
لَـبِـسْـتَ مِنَ الْفَضَائِلِ ثَوْبَ فَخْرٍ
وَلَــكِـنْ كُـنْـتَ أَنْـتَ لَـهُ الـطِّـرَازَا

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤