أَوْدَتْ فِعَالُكِ يَا أَسْمَا بِأَحْشَائِي

Wave Image
أَوْدَتْ فِـعَـالُـكِ يَـا أَسْـمَـا بِأَحْـشَـائِـي
وَا حَــيْــرَتِـي بَـيْـنَ أَفْـعَـالٍ وَأَسْـمَـاءِ
إِنْ كَـانَ قَـلْـبُـكِ صَـخْـرًا مِـنْ قَسَاوَتِهِ
فَإِنَّ طَـرْفَ الْـمُـعَـنَّـى طَـرْفُ خَـنْسَاءِ
وَيْـحَ الْـمُـعَـنَّـى الَّذِي أَضْرَمْتِ بَاطِنَهُ
مَــاذَا يُــكَــابِــدُ مِــنْ أَهْــوَالِ أَهْــوَاءِ
قَـامَـتْ قِـيَـامَـةُ قَلْبِي فِي هَوَاكِ فَإِنْ
أَسْـكُتْ فَقَدْ شَهِدَتْ بِالسُّقْمِ أَعْضَائِي
وَقَدْ بَكَى لِيَ حَتَّى الرَّوْضُ فَاعْتَبِرُوا
كَـمْ مُـقْـلَـةٍ لِـشَـقِـيـقِ الْـغُـصْنِ رَمْدَاءِ
وَأَمْـرَضَـتْنِي جُفُونٌ مِنْكِ قَدْ مَرِضَتْ
فَـكَـانَ أَطْـيَـبَ مِـنْ نُجْحِ الدَّوَا دَائِي
يَــا صَــاحِــبَـيَّ أَقِـلَّا مِـنْ مَـلَامِـكُـمَـا
وَلَا تَــزِيــدَا بِــهَــذَا الــلَّــوْمِ إِغْـرَائِـي
هَـذِي الـرِّيَـاضُ عَـنِ الْأَزْهَـارِ بَـاسِـمَةٌ
كَــمَــا تَــبَــسَّـمَ عُـجْـبًـا ثَـغْـرُ لَـمْـيَـاءِ
وَالْأَرْضُ نَـاطِـقَـةٌ عَـنْ صُـنْـعِ بَـارِئِـهَـا
إِلَـى الْـوَرَى وَعَـجِـيـبٌ نُـطْقُ خَرْسَاءِ
فَــمَــا يَــصُــدُّكُــمَـا وَالْـحَـالُ دَاعِـيَـةٌ
عَــنْ شُــرْبِ فَـاقِـعَـةٍ لِـلْـهَـمِّ صَـفْـرَاءِ
رَاحًــا غَــرِيــتُ بِـرَيَّـاهَـا وَمَـشْـرَبِـهَـا
حَـتَّـى انْـتَـصَـبْـتُ إِلَـيْهَا نَصْبَ إِغْرَاءِ
مِـنَ الْـكُـمَـيْـتِ الَّـتِي تَجْرِي بِصَاحِبِهَا
جَــرْيَ الــرِّهَــانِ إِلَـى غَـايَـاتِ سَـرَّاءِ
سُـكْـرًا أُحِـيـطَـتْ أَبَـارِيـقُ الْـمُدَامِ بِهِ
فَــرَجَّــعَــتْ صَــوْتَ تَـمْـتَـامٍ وَفَأْفَـاءِ
مِـنْ كَـفِّ أَغْـيَـدَ يَـحْـسُـوهَـا مُـقَهْقِهَةً
كَــمَــا تَأَوَّدَ غُــصْــنٌ تَــحْــتَ وَرْقَــاءِ
حَـسْـبِـي مِـنَ الـلهِ غَفْرٌ لِلذُّنُوبِ وَمِنْ
جَـدْوَى الْـمُـؤَيَّـدِ تَـجْـدِيـدٌ لِـنَـعْـمَائِي
مَـلِـكٌ يُـطَـوِّقُ بِـالْإِحْـسَـانِ وَفْـدَ رَجَا
وَبِـالـظُّـبَـى وَالْـعَـوَالِـي وَفْـدَ هَـيْجَاءِ
ذَا بِــالـنُّـضَـارِ وَهَـذَا بِـالْـحَـدِيـدِ فَـمَـا
يَـــنْـــفَـــكُّ آسِــرَ أَحْــبَــابٍ وَأَعْــدَاءِ
دَاعٍ لِــجُـودِ يَـدٍ بَـيْـضَـاءَ مَـا بَـرِحَـتْ
تَـقْـضِـي عَـلَـى كُـلِّ صَـفْـرَاءٍ وَبَيْضَاءِ
يُــدَافِــعُ الـنَّـكَـبَـاتِ الْـمُـوعِـدَاتِ لَـنَـا
حَـتَّـى الـرِّيَـاحُ فَـمَـا تَـسْـرِي بِـنَـكْـبَاءِ
وَيُــوقِــدُ الــلــهُ نُــورًا مِـنْ سَـعَـادَتِـهِ
فَــكَــيْــفَ يَــطْــمَـعُ حُـسَّـادٌ بِإِطْـفَـاءِ
لَــوْ جَــاوَرَتْ آلُ ذُبْــيَـانٍ حِـمَـاهُ لَـمَـا
ذَمُّـوا الْـعَـوَاقِـبَ مِـنْ حَـالَاتِ غَـبْرَاءِ
وَلَـوْ حَـمَـى حَـمَـلَ الْأَبْـرَاجِ دَعْ حَمَلًا
يَــوْمَ الْـهَـبَـاءَةِ لَـمْ يُـقْـصَـدْ بِـدَهْـيَـاءِ
وَلَـوْ رَجَـا الْـمُـشْـتَـرِي إِدْرَاكَ غَـايَـتِـهِ
لَــدَافَــعَــتْـهُ عَـصًـا فِـي كَـفِّ جَـوْزَاءِ
مَـا زَالَ يَـرْفَـعُ إِسْـمَـاعِـيـلُ بَـيْتَ عُلًا
حَـتَّـى اسْـتَـوَتْ غَـايَـتَـا نَـسْـلٍ وَآبَاءِ
مُـصَـرِّفُ الْـفِـكْرِ فِي حُبِّ الْعُلُومِ فَمَا
يُـشْـفَـى بِـسُـعْـدَى وَلا يُرْوَى بِظَمْيَاءِ
لَــهُ بَــدَائِــعُ لَــفْـظٍ صَـاحَـبَـتْ كَـرَمًـا
كَأَنَّـــــهُــــنَّ نُــــجُــــومٌ ذَاتُ أَنْــــوَاءِ
وَأَنْـمُـلٌ فِـي الْـوَغَـى وَالـسِّـلْـمِ كَاتِبَةٌ
إِمَّــا بِأَسْــمَــرَ نِــضْــوٍ أَوْ بِــسَــمْــرَاءِ
تَــكَـفَّـلَـتْ كُـلَّ عَـامٍ سُـحْـبُ رَاحَـتِـهِ
عَــنِ الْــبَــرِيَّــةِ إِشْــبَـاعِـي وَإِرْوَائِـي
فَـمَـا أُبَـالِـي إِذَا اسْـتَـكْـثَـرْتُ عَـائِـلَـةً
فَـقَـدْ كَـفَـى هَـمَّ إِصْـبَاحِي وَإِمْسَائِي
نَـظَـمْـتُ دِيـوَانَ شِـعْـرٍ فِيهِ وَاتَّخَذَتْ
عَـــلَـــيَّ كُـــتَّــابُــهُ دِيــوَانَ إِعْــطَــاءِ
وَعَــادَ قَــوْلُ الْــبَـرَايَـا: عَـبْـدُ دَوْلَـتِـهِ
أَشْـهَـى وَأَشْـهَـرُ أَلْـقَـابِـي وَأَسْـمَـائِـي
مُــحَــرَّرُ الــلَّــفْــظِ لَـكِـنْ غُـرُّ أَنْـعُـمِـهِ
قَــدْ صَــيَّـرَتْـنِـيَ مِـنْ بَـعْـضِ الْأَرِقَّـاءِ
أُعْـطِـي الـزَّكَـاةَ وَقِـدْمًـا كُنْتُ آخُذُهَا
يَـا قُـرْبَ مَـا بَـيْـنَ إِقْـتَـارِي وَإِثْـرَائِـي
شُـكْـرًا لِـوَجْـنَـاءَ سَـارَتْ بِي إِلَى مَلِكٍ
لَـوْلَاهُ لَـمْ يَـطْـوِ نَظْمِي سُمْعَةَ الطَّائِي
عَــالٍ عَــنِ الْــوَصْــفِ إِلَّا أَنَّ أَنْــعُـمَـهُ
لِــجَــبْــرِ قَــلْــبِـيَ تَـلْـقَـانِـي بِإِصْـغَـاءِ
يَـا جَـابِـرَ الْقَلْبِ خُذْهَا مُدْحَةً سَلِمَتْ
فَــبَــيْــتُ حَــاسِــدِهَــا أَوْلَـى بِإِقْـوَاءِ
مَـشَـتْ عَـلَى مُسْتَحِبِّ الْهَمْزِ مُصْمِيَةً
نِـــبَـــالُـــهَـــا كُـــلَّ هَــمَّــازٍ وَمَــشَّــاءِ
بُـيُـوتُ نَـظْـمٍ هِـيَ الْـجَـنَّـاتُ مُعْجَبَةً
كَأَنَّ فِــي كُــلِّ بَــيْــتٍ وَجْــهَ حَـوْرَاءِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: المملوكي

عن الشاعر

ابن نباتة المصري: شاعر من شعراء العصر المملوكي في مصر، ذاع صِيته في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي).

وُلد «محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري» جمال الدين المُكَنَّى بأبي بكر والشهير ﺑ «ابن نباتة المصري» سنة ٦٨٦ﻫ/١٢٨٧م في «زقاق القناديل» في الفسطاط بالقاهرة، وكان أبوه وجده من شيوخ الحديث، وأصلهم يرجع إلى «ميافارقين» من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباتة.

نشأ ابن نباتة في بيت ثري وبين أسرة ظاهرة‌ الجاه والنفوذ، في ظل أبٍ عطوف ذاع صيتُه في العلم والفضل والأدب وكثيرًا ما نرى أصداءً لفخر الشاعر بأبيه وآله في شعره. وقد تبدَّت أُولى براعم موهبته الشعرية في الثالثة عشرة‌ من عمره، مترافقة مع إقباله الشديد على توسيع مداركه وتغذية ثقافته الدينية والأدبية. وفي سنة ٧١٥ﻫ‍ انتقل ابن نباتة لسُكنى الشام ووَلِيَ نظارة القمامة بالقدس أيام زيارة المسيحيين لها، واتصل في تلك الفترة بالملك المؤيد وقال فيه شعرًا كثيرًا، وحين رجع إلى القاهرة سنة ٧٦١ﻫ كان صاحب سر السلطان «الناصر حسن».

له ديوان شعر جُمع بعد وفاته وطُبع لأول مرة سنة ١٩٠١م بالقاهرة، وقد ضمَّ مجموع دواوينه وأوراقه الشعرية، ومنها: «القطر النباتي»، و«جلاسة القطر»، و«سوق الرقيق»، و«ظرائف الزيادة». كتب فيها في مختلف الأغراض الشعرية التي ميَّزت عصره، شاملة المدح والغزل والخمريات والرثاء والهجاء والوصف والشكوی والحنين إلی الوطن. وله كذلك مؤلَّفات أخرى نثرية، من بينها: «سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون»، و«سجع المطوق»، و«مطلع الفوائد»، و«المفاخرة بين السيف والقلم»، و«سلوك دول الملوك» وغيرها، وأورد الصلاح الصفدي في «ألحان السواجع» مراسلاته معه.

تُوُفِّيَ ابن نباتة المصري في منزله بزقاق القناديل في القاهرة سنة ٧٦٨ﻫ/١٣٦٦م إثر معاناة مع المرض.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤