هَذَا الصَّبَاحُ عَلَى سُراكِ رَقِيبًا

Wave Image
هَــذَا الــصَّــبَــاحُ عَـلَـى سُـرَاكِ رَقِـيـبَـا
فَــصِــلِـي بِـفَـرْعِـكِ لَـيْـلَـكِ الْـغِـرْبِـيـبَـا
وَلَـدَيْـكِ — أَمْـثَـالُ الـنُّجُومِ — قَلَائِدٌ
أَلِـــفَـــتْ سَـــمَـــاءَكِ لَـــبَّــةً وَتَــرِيــبَــا
لِــيَـنُـبْ عَـنِ الْـجَـوْزَاءِ قُـرْطُـكِ كُـلَّـمَـا
جَــنَــحَـتْ تَـحُـثُّ جَـنَـاحَـهَـا تَـغْـرِيـبَـا
وَإِذَا الْـــوِشَــاحُ تَــعَــرَّضَــتْ أَثْــنَــاؤُهُ
طَــلَــعَــتْ ثُــرَيَّــا لَــمْ تَـكُـنْ لِـتَـغِـيـبَـا
وَلَــطَــالَــمَــا أَبْــدَيْــتِ إِذْ حَــيَّــيْــتِـنَـا
كَـفًّـا هِـيَ الـكَـفُّ الْـخَـضِـيـبُ خَـضِيبَا
•••
أَظَــنِــيــنَــةً، دَعْــوَى الْـبَـرَاءَةِ شَـأْنُـهَـا
أَنْــتِ الْــعَــدُوُّ فَــلِـمْ دُعِـيـتِ حَـبِـيـبَـا
مَـــا بَــالُ خَــدِّكِ لَا يَــزَالُ مُــضَــرَّجًــا
بِـــدَمٍ وَلَـــحْــظُــكِ لَا يَــزَالُ مُــرِيــبَــا
لَـوْ شِـئْـتِ مَـا عَـذَّبْـتِ مُـهْـجَـةَ عَاشِقٍ
مُــسْــتَــعْـذِبٍ فِـي حُـبِّـكِ الـتَّـعْـذِيـبَـا
وَلَـزُرْتِـهِ — بَـلْ عُـدْتِـهِ — إِنَّ الْـهَـوَى
مَــرَضٌ يَــكُـونُ لَـهُ الْـوِصَـالُ طَـبِـيـبَـا
مَـــا الْــهَــجْــرُ إِلَّا الْــبَــيْــنُ لَــوْلَا أَنَّــهُ
لَــمْ يَــشْــحُ فَــاهُ بِـهِ الْـغُـرَابُ نَـعِـيـبَـا
وَلَـقَـدْ قَـضَـى فِـيـكِ الـتَّـجَـلُّـدُ نَـحْـبَـهُ
فَــثَــوَى وَأَعْــقَــبَ زَفْــرَةً وَنَــحِــيــبَـا
وَأَرَى دُمُـوعَ الْـعَـيْـنِ لَـيْـسَ لِـفَـيْـضِـهَا
غَــيْــضٌ إِذَا مَــا الْـقَـلْـبُ كَـانَ قَـلِـيـبَـا
•••
مَـــا لِـــي وَلِلْأَيَّــامِ لَــجَّ مَــعَ الــصِّــبَــا
عُــدْوَانُــهَــا فَــكَـسَـا الْـعِـذَارَ مَـشِـيـبَـا
مَــحَـقَـتْ هِـلَالَ الـسِّـنِّ قَـبْـلَ تَـمَـامِـهِ
وَذَوَى بِــهَـا غُـصْـنُ الـشَّـبَـابِ رَطِـيـبَـا
لَا لَـــمَّ بِـــي مَـــا لَـــوْ أَلَــمَّ بِــشَــاهِــقٍ
لَانْــهَــالَ جَــانِــبُــهُ فَــصَــارَ كَــثِــيـبَـا
فَـلَـئِـنْ تَـسُـمْـنِـي الْـحَـادِثَاتُ فَقَدْ أَرَى
لِلْـجَـفْـنِ فِـي الْـعَضْبِ «الطَّرِيرِ نُدُوبَا»
وَلَـئِـنْ عَـجِـبْـتُ لِأَنْ أُضَـامَ وَ«جَـهْـوَرٌ»
نِــعْــمَ الـنَّـصِـيـرُ لَـقَـدْ رَأَيْـتُ عَـجِـيـبَـا
مَــنْ لَا تُــعَــدِّي الــنَّــائِــبَــاتُ لِــجَـارِهِ
زَحْــفًــا وَلَا تَــمْــشِـي الـضَّـرَاءَ دَبِـيـبَـا
مَـــلِـــكٌ أَطَـــاعَ اللــهَ مِــنْــهُ مُــوَفَّــقٌ
مَــــا زَالَ أَوَّابًـــا إِلَـــيْـــهِ مُـــنِـــيـــبَـــا
يَــأْتِــي رِضَــاهُ مُــعَــادِيًــا وَمُــوَالِــيًــا
وَيَــكُــونُ فِــيــهِ مُــعَــاقِـبًـا وَمُـثِـيـبَـا
مُــتَــمَــرِّسٌ بِــالــدَّهْـرِ يَـقْـعُـدُ صَـرْفُـهُ
إِنْ قَـامَ فِـي نَـادِي الْـخُـطُـوبِ خَـطِيبَا
لَا يُــوسَــمُ الــرَّأْيُ الْــفَــطِــيــرُ بِـهِ وَلَا
يَــعْــتَــادُ إِرْسَــالَ الْــكَــلَامِ قَــضِــيـبَـا
تَــأْبَــى ضَــرَائِــبُـهُ الـضُّـرُوبَ نَـفَـاسَـةً
مِـنْ أَنْ تَـقِـيـسَ بِـهِ الـنُّـفُـوسُ ضَـرِيبَا
بَــسَّـامُ ثَـغْـرِ الْـبِـشْـرِ إِنْ عَـقَـدَ الْـحُـبَـا
فَــرَأَيْــتَ وَضَّــاحًــا هُــنَــاكَ مَــهِــيـبَـا
مَــلَأَ الــنَّــوَاظِــرَ صَــامِــتًــا وَلَــرُبَّــمَـا
مَــلَأَ الْــمَــسَــامِـعَ سَـامِـعًـا وَمُـجِـيـبَـا
عِــقْــدٌ تَــأَلَّــفَ فِــي نِــظَــامِ رِيَــاسَــةٍ
نَــسَــقَ اللَّآلِــئَ مُــنْــجِــبًــا وَنَـجِـيـبَـا
يَـغْـشَـى الـتَّـجَـارِبَ كَـهْـلُـهُمْ مُسْتَغْنِيًا
بِــقَــرِيــحَــةٍ هِــيَ حَــسْـبُـهُ تَـجْـرِيـبَـا
وَإِذَا دَعَــوْتَ وَلِــيــدَهُــمْ لِــعَــظِـيـمَـةٍ
لَـــبَّـــاكَ رَقْـــرَاقَ الـــسَّـــمَــاحِ أَدِيــبَــا
هِــمَــمٌ تُـنَـافِـسُـهَـا الـنُّـجُـومُ وَقَـدْ تَـلَا
فِـي سُـؤْدَدٍ مِـنْـهَـا الْـعَـقِـيـبُ عَـقِـيـبَـا
وَمَــحَــاسِــنٌ تَــنْــدَى رَقَـائِـقُ ذِكْـرِهَـا
فَــتَــكَـادُ تُـوهِـمُـكَ الْـمَـدِيـحَ نَـسِـيـبَـا
كَــالْآسِ أَخْــضَــرَ نَـضْـرَةً، وَالْـوَرْدِ أَحْـ
ـمَــرَ بَــهْـجَـةً، وَالْـمِـسْـكِ أَذْفَـرَ طِـيـبَـا
وَإِذَا تَـــفَــنَّــنَ فِــي اللِّــسَــانِ ثَــنَــاؤُهُ
فَــافْــتَــنَّ لَــمْ يَــكُــنِ الْـمُـرَادُ غَـرِيـبَـا
غَــالَــى بِــمَــا فِــيــهِ فَــغَــيْـرُ مُـوَاقِـعٍ
سَـــرَفًـــا وَلَا مُـــتَـــوَقِّــعٍ تَــكْــذِيــبَــا
•••
كَـانَ الْـوُشَـاةُ، وَقَـدْ مُـنِـيـتُ بِـإِفْـكِهِمْ،
أَسْــبَــاطَ يَــعْــقُــوبٍ وَكُــنْـتُ الـذِّيـبَـا
وَإِذَا الْـمُـنَـى بِـقَـبُـولِـكَ الْـغَـضِّ الْجَنَى
هُـــزَّتْ ذَوَائِـــبُـــهَـــا فَـــلَا تَــثْــرِيــبَــا
أَنَـا سَـيْـفُـكَ الـصَّـدِئُ الَّـذِي مَـهْـمَا تَشَأْ
تُــعِــدِ الــصِّــقَــالَ إِلَــيْــهِ وَالـتَّـذْرِيـبَـا
كَـمْ ضَـاقَ بِـي مِـنْ مَذْهَبٍ فِي مَطْلَبٍ
فَــثَــنَــيْـتَـهُ فُـسُـحَ الْـمَـجَـالِ رَحِـيـبَـا
«وَزَهَا» جَنَابُ الشُّكْرِ — حِينَ مَطَرْتَهُ
بِـسَـحَـائِـبِ الـنُّـعْـمَـى — فَرُدَّ خَصِيبَا
•••
فـــتَـــهَـــنَّـــأِ الْأَعْــيَــادَ عَــادَةَ لَابِــسٍ
يُـبْـلِـي الـدَّرِيـسَ فَـيَـسْـتَـجِـدُّ قَـشِـيبَا
وَمَــتَــى سَــعَــيْــتَ لِــنَــازِحٍ مُـتَـعَـذِّرٍ
فَــوَجَــدْتَــهُ سَــهْــلَ الْــمَــرَامِ قَـرِيـبَـا
وَأَرَادَ فِـــيـــكَ مُــرَادَكَ الْــقَــدَرُ الَّــذِي
لَا تَــسْــتَــطِــيــعُ لِــحُـكْـمِـهِ تَـعْـقِـيـبَـا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الأندلسي

عن الشاعر

«ابن زيدون»: شاعر أندلسي هو من أبزر شعراء قرطبة وإشبيلية في عصره، له قصة شهيرة جمعت بينه وبين شاعرة الأندلس «ولَّادة بنت المستكفي».

وُلد أبو الوليد «أحمد بن زيدون المخزومي» في «قرطبة» بالأندلس عام ١٠٠٣م لأسرة تنتمي إلى بني مخروم، وقد تعلم الأدب والشعر واللغة منذ حداثته على يد أبيه وعلماء «قرطبة» التي كانت في ذلك الوقت منارةً للعلم والفن والأدب والطرب، فحفظ السير والحكم والأمثال والشعر العربي.

اشتهر «ابن زيدون» في مجالس قرطبة الأدبية والاجتماعية بخفة الظل والميل للدعابة ونال شعره شهرة واسعة في المنتديات الأدبية التي كانت النساء ذوات المكانة العالية تديرها، وكان الشعراء يطمعون في مكانة وحظوة لديهن، مثل محبوبة «ابن زيدون» «ولادة بنت المستكفي» التي أفرد لها أروع قصائده وتنافس على الفوز بقلبها مع غريمه «ابن عبدوس».

اشترك «ابن زيدون» في الثورة التي قام بها «ابن جمهور» على آخر خلفاء بني آمية والتي ما نجحت حتى اتخذه وزيرًا له وكاتبًا ولُقب ﺑ«ذي الوزارتين»، ولكن ما لبث أن أوقع المنافسون بينه وبين «ابن جمهور» فعزله وألقى به في السجن وهناك كتب له مجموعة من القصائد والرسائل النثرية يحاول استمالته مجددًا وأن يبرئ نفسه، كما كتب من الأسر أروع أشعاره لاستعطاف «ولادة» ولكن دون جدوى. واستطاع «ابن زيدون» الهرب من السجن حتى احتل «المعتمد بن عباد» مدينة «قرطبة» وضمَّها إلى ملكه فأعاده وزيرًا مرة أخرى. وبعدها أُرسل «ابن زيدون» إلى «إشبيلية» لتهدئة الفتنة التي ثارت فيها واستمر في الإقامة بها.

وﻟ«ابن زيدون» ديوان شعر يتميز بتنوع موضوعاته وسهولة لغته، كما ترك مجموعة من الرسائل التي توضح سمات عصره السياسية والاجتماعية، وقد وصف النقاد شعره بأنه بليغ رغم إيثاره التراكيب الشعرية البسيطة. كما تميز «ابن زيدون» بالبناء التصويري الشعري الذي تبدو فيه الطبيعة والمكان الذي كان يقطن فيه مصورةً بشكلٍ متميز، والبناء الموسيقي الذي اتسم بحسن التقسيم والإيقاعات المتتالية في الأوزان والقوافي.

وقد توفي «ابن زيدون» بعد أن داهمه المرض أثناء إقامته في «إشبيلية» ودُفن بها وذلك في عام ١٠٧١م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤