يَا كُتُبِي

Wave Image
يَـا كُـتُـبِـي أَشْـكُـو وَلَا أَغْضَبُ
مَـا أَنْـتِ مَـنْ يَـسْـمَعُ أَوْ يُعْتَبُ
يَـا كُـتُـبِـي أَوْرَثْـتِـنِـي حَـسْـرَةً
هَـيْـهَـاتَ لَا تُـنْـسَى وَلَا تَذْهَبُ
يَا كُتُبِي أَلْبَسْتِ جِلْدِي الضَّنَى
لَـمْ يُـغْـنِ عَنِّي جِلْدُكِ الْمُذْهَبُ
كَـمْ لَـيْـلَـةٍ سَـوْدَاءَ قَـضَّـيْـتُـهَـا
سَـهْـرَانَ حَـتَّـى أَدْبَـرَ الْـكَوْكَبُ
كَأَنَّـنِـي أَلْـمَـحُ تَـحْـتَ الـدُّجَى
جَـمَـاجِمَ الْمَوْتَى بَدَتْ تَخْطُبُ
وَالـنَّـاسُ إِمَّـا غَارِقٌ فِي الْكَرَى
أَوْ غَــارِقٌ فِـي كَأْسِـهِ يَـشْـرَبُ
أَوْ عَــاشِـقٌ وَافَـاهُ مَـعْـشُـوقُـهُ
فَـنَـالَ مِـنْ دُنْـيَـاهُ مَـا يَـرْغَـبُ
أَوْ سَــادِرٌ يَــحْــلُـمُ فِـي لَـيْـلِـهِ
بِـيَـوْمِـهِ الْـمَـاضِـي وَمَا يَعْقُبُ
يَـنْـتَـفِـعُ الْـمَـرْءُ بِـمَـا يَـقْـتَـنِـي
وَأَنْــــتِ لَا جَـــدْوَى وَلَا مَأْرَبُ
إِلَّا الْأَحَــادِيــثَ وَإِلَّا الْــمُــنَـى
وَخِــبْــرَةً صَـاحِـبُـهَـا مُـتْـعَـبُ
إِذَا أَرَانِــي الـنُّـورُ قُـبْـحًـا فَـيَـا
حُـسْـنَ الَّـذِي يُـضْمِرُهُ الْغَيْهَبُ
يَـا كُـتُـبِـي أَيْـنَ تُـرَى الْـمُـنْتَأَى
عَـنْ أَسْـرِ أَرْوَاحِـكِ وَالْـمَـهْرَبُ
أَنْـفَـقْـتُ مِـنِّي مَا يَضِنُّ الْوَرَى
بِــهِ عَـلَـى الـلـهِ وَلَـمْ يُـذْنِـبُـوا
مِـنْ ضَوْءِ عَيْنَيَّ وَمِنْ صِحَّتِي
سُـدًى وَمِنْ وَقْتِي وَمَا أَكْسِبُ
وَمِـنْ شَـبَـابٍ فِـيـكِ ضَـيَّـعْـتُهُ
فَـمَـا أَنَـا إِلَّا الْـفَـتَـى الْأَشْـيَـبُ
لَـوْ كُـنْـتُ كَـالْجَبَّارِ فِي نِقْمَتِي
لَـكَـانَ فِـي الـنَّـارِ لَـهَـا مَـعْطَبُ
فِـي ذِمَّةِ الطِّرْسِ وَفِي حِفْظِهِ
عُـمْـرٌ تَـقَـضَّى شَطْرُهُ الْأَطْيَبُ
لَا رَحِـمَ الـرَّحْـمَنُ فِيمَنْ مَضَى
مَـنْ عَـلَّـمَ الْـعَـالَـمَ أَنْ يَـكْـتُبُوا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عباس محمود العقاد: أَدِيبٌ كَبِير، وشاعِر، وفَيلَسُوف، وسِياسِي، ومُؤرِّخ، وصَحَفي، وراهِبُ مِحْرابِ الأدَب. ذاعَ صِيتُه فمَلَأَ الدُّنْيا بأَدبِه، ومثَّلَ حَالةً فَرِيدةً في الأدَبِ العَرَبيِّ الحَدِيث، ووصَلَ فِيهِ إِلى مَرْتَبةٍ فَرِيدَة.

وُلِدَ «عبَّاس محمود العقَّاد» بمُحافَظةِ أسوان عامَ ١٨٨٩م، وكانَ والِدُه مُوظَّفًا بَسِيطًا بإِدارَةِ السِّجِلَّات. اكتَفَى العَقَّادُ بحُصُولِه عَلى الشَّهادَةِ الابتِدائيَّة، غيْرَ أنَّهُ عَكَفَ عَلى القِراءَةِ وثقَّفَ نفْسَه بنفْسِه؛ حيثُ حَوَتْ مَكْتبتُه أَكثرَ مِن ثَلاثِينَ ألْفَ كِتاب. عمِلَ العقَّادُ بالعَديدِ مِنَ الوَظائفِ الحُكومِيَّة، ولكِنَّهُ كانَ يَبغُضُ العمَلَ الحُكوميَّ ويَراهُ سِجْنًا لأَدبِه؛ لِذا لمْ يَستمِرَّ طَوِيلًا فِي أيِّ وَظِيفةٍ الْتحَقَ بِها. اتَّجَهَ للعَملِ الصَّحَفي؛ فعَمِلَ بجَرِيدةِ «الدُّسْتُور»، كَما أَصْدَرَ جَرِيدةَ «الضِّياء»، وكتَبَ في أَشْهَرِ الصُّحفِ والمَجلَّاتِ آنَذَاك. وَهَبَ العقَّادُ حَياتَه للأَدَب؛ فلَمْ يَتزوَّج، ولكِنَّهُ عاشَ قِصَصَ حُبٍّ خلَّدَ اثنتَيْنِ مِنْها في رِوايَتِه «سارة».

كُرِّمَ العقَّادُ كَثيرًا؛ فنالَ عُضْويَّةَ «مَجْمَع اللُّغَةِ العَرَبيَّة» بالقاهِرة، وكانَ عُضْوًا مُراسِلًا ﻟ «مَجْمَع اللُّغَةِ العَرَبيَّة» بدمشق ومَثِيلِه ببَغداد، ومُنِحَ «جائِزةَ الدَّوْلةِ التَّقْدِيريَّةِ فِي الآدَاب»، غيْرَ أنَّهُ رفَضَ تَسلُّمَها، كَمَا رفَضَ «الدُّكْتُوراه الفَخْريَّةَ» مِن جامِعةِ القاهِرة.

كانَ العقَّادُ مِغْوارًا خاضَ العَدِيدَ مِنَ المَعارِك؛ ففِي الأَدَبِ اصْطدَمَ بكِبارِ الشُّعَراءِ والأُدَباء، ودارَتْ مَعْركةٌ حامِيةُ الوَطِيسِ بَيْنَه وبَيْنَ أَمِيرِ الشُّعَراءِ «أحمد شوقي» فِي كِتابِه «الدِّيوان فِي الأَدَبِ والنَّقْد». كَما أسَّسَ «مَدْرسةَ الدِّيوانِ» معَ «عبد القادر المازني» و«عبد الرحمن شكري»؛ حيثُ دَعا إِلى تَجْديدِ الخَيالِ والصُّورةِ الشِّعْريَّةِ والْتِزامِ الوَحْدَةِ العُضْويَّةِ فِي البِناءِ الشِّعْري. كَما هاجَمَ الكَثِيرَ مِنَ الأُدَباءِ والشُّعَراء، مِثلَ «مصطفى صادق الرافعي». وكانَتْ لَهُ كذلِكَ مَعارِكُ فِكْريَّةٌ معَ «طه حسين» و«زكي مبارك» و«مصطفى جواد» و«بِنْت الشَّاطِئ».

شارَكَ العقَّادُ بقوَّةٍ فِي مُعْترَكِ الحَياةِ السِّياسيَّة؛ فانْضَمَّ لحِزبِ الوَفْد، ودافَعَ ببَسَالةٍ عَنْ «سعد زغلول»، ولكِنَّه اسْتَقالَ مِنَ الحِزْبِ عامَ ١٩٣٣م إثْرَ خِلافٍ معَ «مصطفى النحَّاس». وهاجَمَ المَلِكَ أثْناءَ إِعْدادِ الدُّسْتُور؛ فسُجِنَ تِسْعةَ أَشْهُر، كَما اعْترَضَ عَلى مُعاهَدةِ ١٩٣٦م. حارَبَ كذلِكَ الاسْتِبدادَ والحُكْمَ المُطْلقَ والفاشِيَّةَ والنَّازيَّة.

تَعدَّدَتْ كُتُبُه حتَّى تَعَدَّتِ المِائة، ومِنْ أَشْهرِها العَبْقريَّات، بالإِضافةِ إِلى العَدِيدِ مِنَ المَقالاتِ الَّتي يَصعُبُ حَصْرُها، ولَه قِصَّةٌ وَحِيدَة، هيَ «سارة».

تُوفِّيَ عامَ ١٩٦٤م تارِكًا مِيراثًا ضَخْمًا، ومِنْبرًا شاغِرًا لمَنْ يَخْلُفُه.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤