ذِكْرَى

Wave Image
يَـا لَـيَـالِـيَّ طَـالَ فِـيـكُـنَّ سُـهْدِي
مَـنْ مُجِيرِي مِنَ اللَّيَالِي وَوَجْدِي
قَـدَرٌ صَـاحَ بِـالْـمُـنَـى فَـتَـدَاعَـتْ
وَقَـــضَـــاءٌ وَمَـــا لَــهُ مِــنْ مَــرَدِّ
أَيُّـهَـا الـلَّـيْـلُ يَـا نَـجِيِّي وَحَسْبِي
أَنْـتَ يَـا لَـيْـلُ كَـمْ يَـدٍ لَـكَ عِنْدِي
حَـالَ طَـعْـمُ الْـحَـيَـاةِ بَـعْـدَ هَنَاءٍ
وَشَـرِبْـتُ الْـحَـمِـيـمَ مِنْ كُلِّ وِرْدِ
إِيـهِ يَـا لَـيْـلُ كَـمْ كَـتَـمْـتَ هَـوَانَا
يَوْمَ كَانَ الزَّمَانُ طَوْعِي وَجُنْدِي
فَـانْـشُـرِ الْيَوْمَ مِنْ زَفِيرِي نَشِيدًا
يُـطْرِبُ الدَّهْرَ بَعْدَ طُولِ التَّحَدِّي
•••
كَــانَ مَــا كَــانَ لَا مَــرَدَّ لِــعَــهْــدٍ
غَــالَـهُ الـدَّهْـرُ بَـعْـدَ سَـعْـيٍ وَكَـدِّ
كَـانَ مَـا كَـانَ كُـلُّ حُـلْـمٍ لِـصَـحْوٍ
وَانْــتِــبَــاهٍ وَكُــلُّ سَـيْـفٍ لِـغِـمْـدِ
أَيُّـهَـا الْـحُـبُّ لَـيْـسَ لِـي مِنْكَ إِلَّا
ذِكْـرَيَـاتٌ تُـلِـحُّ فِـي غَـيْـرِ قَـصْدِ
ذِكْـرَيَـاتٌ أَعِـيـشُ فِـيـهَـا وَمِـنْـهَا
لَــيْــتَـهَـا لَـيْـتَـهَـا تُـلِـحُّ وَتُـجْـدِي
طَـائِـفًـا كَـالْـفَـرَاشِ حَـوْلَ شُعَاعٍ
مُـحْـرِقٍ يَـبْـعَـثُ الْـحَـيَاةَ وَيُرْدِي
ذِكْــرَيَــاتٌ تَـمَـرُّ حِـيـنًـا وَتَـحْـلُـو
بَـعْـدَ حِـيـنٍ وَأَوَّلُ الْخَمْرِ يُصْدِي
•••
يَـوْمَ كُـنَّـا فِـي مَـيْـعَةِ الْعُمْرِ نَلْهُو
لَـهْـوَ طِـفْـلَـيْـنِ جَـاوَزَا سِنَّ رُشْدِ
نَــتَــلَاقَـى عَـلَـى صَـفَـاءِ قُـلُـوبٍ
لَـمْ تُـدَنَّـسْ عَـلَـى الـزَّمَـانِ بِحِقْدِ
وَأُنَـاجِـيـكَ فِـي خُشُوعٍ وَصَمْتٍ
وَبِــوُدِّي لَــوِ اسْــتَـجَـبْـتَ بِـوُدِّي
وَأُنَـاغِـيـكَ يَـا حَـبِـيـبِي وَتُصْغِى
وَأُعِـيـدُ الْـحَـدِيـثَ فِـيـكَ وَأُبْدِي
وَعَـلَـى وَجْـهِـكَ الْمُضِيءِ تَبَاشِيـ
ـرٌ كَـوَشْـيِ النَّدَى عَلَى دَوْحِ وَرْدِ
وَيَـدِي فِـي يَـدَيْـكَ تَرْعَشُ حَتَّى
تَـهْـدَأَ الـنَّـفْـسُ بَـعْـدَ لَهْفٍ وَجَهْدِ
وَذِرَاعِـي يَـضُـمُّ خَـصْرَكَ فِي عُنْـ
ـفٍ وَرِفْــقٍ مَــا بَـيْـنَ جَـزْرٍ وَمَـدِّ
وَعَـلَـى صَـدْرِكَ الْحَنُونِ هُمُومِي
غَــارِقَـاتٌ مَـا بَـيْـنَ نَـحْـرٍ وَنَـهْـدِ
وَالـنَّـسِـيـمُ الْـعَـلِيلُ يُزْكِي عَبِيرًا
مِـنْ ثَـنَـايَـاكَ شَـاعَ فِـي كُـلِّ بُـرْدِ
جَـنَّـةٌ أَنْـتَ كُـنْـتَ فِـيـهَـا مَلَاكِي
كَـيْـفَ مِـنْهَا جَزَيْتُ نَفْسِي بِطَرْدِ
أَنْـتَ رَحَّـبْـتَ بِي مُضِيفًا وَضَيْفًا
كَــيْــفَ لَــمْ أَجْــزِكَ الْــوِدَادَ بِـوُدِّ
يَـعْـلَـمُ الـلَّـهُ مَـا جَـحَـدْتُ وَلَـكِنْ
ذَادَنِــي عَــنْـكَ طَـالِـعٌ جِـدُّ نَـكْـدِ
مَـــــا أَنَــــا إِلَّا آدَمِــــيٌّ وَهَــــلْ آ
ثَــرَ قَـبْـلِـي الْـهُـبُـوطَ آدَمُ جَـدِّي
نَــحْــنُ فِــيـهَـا مُـسَـيَّـرُونَ وَكُـلٌّ
مُـجْـبَـرٌ لَا خِـيَـارَ لِـلْـمَـرْءِ عِـنْـدِي
•••
أَيُّــهَــا الْـغَـائِـبُ الْـمُـقِـيـمُ بِأَرْضٍ
شَـهِـدَتْ مَـوْلِـدَ الْـغَـرَامِ وَسَعْدِي
بِـالْـجَـنِـيـنِ الْـوَلِـيدِ يَنْمُو وَيَقْوَى
فِــي رَفِـيـفٍ مِـنَ الْأَمَـانِـيِّ رَغْـدِ
كُـلُّ شَـيْءٍ كَـمَـا عَـهِـدْتَ مُـقِـيـمٌ
وَأَنَــا الــنَّــازِحُ الْـوَفِـيُّ بِـعَـهْـدِي
فَـالْـتَـفِـتْ يَـمْـنَـةً وَأُخْـرَى يَسَارًا
وَاسْـتَـمِـعْ عَـامِدًا وَفِي غَيْرِ عَمْدِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤