تِبْرُ النُّفُوسِ

Wave Image
لَــوْ أَنَّ لِـي حِـكْـمَـةً مِـثْـلَ الـتَّـمَـائِـمِ أَوْ
رُقًــى سَـعِـدْتُ بِـهَـا لَـوْ يَـنْـفَـعُ الـرَّاقِـي
فِـعْـلُ الْـفَـتَـى هُـوَ شَـطْـرٌ مِـنْ تَـفَـكُّـرِهِ
أَجَــلُّ شَــطْـرَيْـهِ مِـنْ أَفْـكَـارِهِ الْـبَـاقِـي
دَاوِ الــنُّــفُـوسَ بِـلَـذَّاتِ الْـجُـسُـومِ وَدَا
وِ الْجِسْمَ بِالنَّفْسِ فِعْلَ الْحَافِظِ الْوَاقِي
نَـارُ الْأَسَـى شُـعْـلَـةٌ تَـهْدِي النُّفُوسَ كَمَا
يُــهْــدَى الْــمُـغَـلَّـسُ مِـنْ لَـمْـحٍ وَإِبْـرَاقِ
وَالْـبُـغْـضُ فِـي زَهَـرَاتِ الْـحُـبِّ رِيـقَـتُهُ
كَــالــصِّــلِّ يُــجْـمَـعُ مِـنْ سَـمٍّ وَتِـرْيَـاقِ
أَنْـتَ الـنَّـعِيمُ وَرُوحِي فِي جَحِيمِ هَوًى
تَـــرَى الْـــفَـــرَادِسَ مِــنْ دَمْــعٍ وَآمَــاقِ
شَـوْقٌ إِلَـيْـكُـمْ يُـحِـيـلُ الـنَّـفْـسَ مِثْلَكُمُ
شَــكْــلًا بِــشَــكْــلٍ وَأَخْــلَاقًــا بِأَخْـلَاقِ
فَـاطْـرُدْ مِـثَـالَ كَـمَـالٍ فِـي الـضَّمِيرِ، لَهُ
لَـمْـعُ الـسَّـرَابِ لِـعَـيْـنِ الـرَّكْـبِ وَالـنَّـاقِ
بِـطَـلْـعَـةٍ مِـنْـكَ مِـثْـلِ الـشَّـمْـسِ رَافِعَةٍ
ذَاكَ الْـــمِـــثَـــالَ عَـــلَـــى لَأْلَاءِ رَقْــرَاقِ
يُـطِـلُّ فِـي الـنَّـفْـسِ مَـزْهُـوًّا بِـصُـورَتِـهِ
كَـمَـنْ يُـطِـلُّ عَـلَـى الْأَحْـيَـاءِ مِـنْ طَـاقِ
الــضَّــوْءُ تِــبْــرٌ وَلَــكِــنْ مَــا لَــهُ لُــمَــعٌ
عَـــلَــى خَــصَــاصَــةِ إِقْــتَــارٍ وَإِمْــلَاقِ
وَالـتِّـبْـرُ ضَـوْءٌ يُـطِـيـعُ الـلَّـمْـسَ رَائِـقُـهُ
يُــذِلُّ بِــالْــحِــرْصِ مِــنْ هَـامٍ وَأَعْـنَـاقِ
فَأَنْـتَ تِـبْـرٌ وَضَـوْءُ الْـحُـسْـنِ وَهْـجَـتُـهُ
وَأَنْــتَ شَــمْــسٌ تَــعَـلَّـتْ بَـعْـدَ إِشْـرَاقِ
فَــلَا تَــكُــنْ لَــكَ رُوحٌ فِــي وَضَــاءَتِــهِ
مِــثْــلُ الــدَّمِــيــمِ بِــقَــصْـرٍ جِـدِّ بَـرَّاقِ
الــزَّهْــرُ زَهْــرٌ وَإِنْ لَــمْ يَــلْــقَ نَـاشِـقَـهُ
وَعَـاطِـلُ الْـحُـسْـنِ كَـالْـحَـالِـي بِـعُشَّاقِ
لَـئِـنْ مَـضَـى الـزَّمَـنُ الْـمَـاضِـي بِرَوْقَتِهِ
عَـــدْلًا تَـــقَـــضَّـــى بِأَحْـــزَانٍ وَأَعْــلَاقِ
وَخَــلَّــفَ الــذِّكْــرَ رُوحًـا مِـنْـهُ شَـائِـقَـةً
كَــالْــبَــدْرِ يَــهْــتِــكُ مِـنْ إِظْـلَامِ آفَـاقِ!

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤