سَقَوْهُ كَأْسَ فُرْقَتِهِمْ دِهَاقَا

Wave Image
سَــقَــوْهُ كَـأْسَ فُـرْقَـتِـهِـمْ دِهَـاقَـا
وَأَسْــكَــرَهُ الْــوَدَاعُ فَــمَــا أَفَــاقَــا
إِذَا مَـا الْـكَـأْسُ لَـمْ تَـكُ كَـأْسَ بَيْنٍ
فَـلَـيْـسَـتْ بِـالْـحَـمِـيمِ وَلَا الْغَسَاقَا
أَبَــى إِلَّا افْــتِـرَاقًـا شَـمْـلُ صَـبْـرِي
وَدَمْـــعِــي إِذْ نَــأَوْا إِلَّا افْــتِــرَاقَــا
رِفَـاقٌ مَـا ارْتَـضَـوْا فِـي الـسَّـيْرِ إِلَّا
قُــلُـوبَ الْـعَـاشِـقِـيـنَ لَـهُـمْ رِفَـاقَـا
أَرَائِــقَــةَ الْــجَــمَــالِ وَلَا جَــمِـيـلٌ
أَرَاقَــكِ أَنْ جَــعَـلْـتِ دَمِـي مُـرَاقَـا
وَسِــرْتِ فَــلِــمْ أَسَــرْتِ فُـؤَادَ حُـرٍّ
حَــلَلْــتِ وَمَــا حَــلَلْــتِ لَـهُ وَثَـاقَـا
تُــعَــيِّــرُنِــي بِــأَحْــدَاثِ اللَّـيَـالِـي
وَكَــيْـفَ يُـدَافِـعُ الْـبَـدْرُ الْـمُـحَـاقَـا
شَــبَــابٌ كَــانَ مُــعْــتَــلًّا فَــوَلَّــى
وَصَــدْرٌ كَــانَ مُــتَّــسِـعًـا فَـضَـاقَـا
يُــكَــلِّـفُـنِـي الـزَّمَـانُ مَـدِيـحَ قَـوْمٍ
يَــرَوْنَ كَــسَــادَ ذِكْــرِهِــمُ نَــفَـاقَـا
وَمَــنْ يَــرْجُــو مِــنَ الـنَّـارِ ارْتِـوَاءً
كَـمَـنْ يَـخْـشَـى مِـنَ الْمَاءِ احْتِرَاقَا
وَلَــوْ أَنَّ الــزَّمَــانَ أَرَادَ حَــمْــلَ الَّـ
ـذِي حُــمِّــلْــتُ مِــنْــهُ مَــا أَطَـاقَـا
وَلِــي عَــزْمٌ أَنَــالُ بِــهِ انْــفِــتَـاحًـا
لِـبَـابِ الْـمَـجْـدِ إِنْ خِـفْـتُ انْـغِلَاقَا
بَـعَـثْـتُ بِـهِ الـنِّـيَـاقَ وَقَـدْ يُـرَجِّـي
أَنِـيـقَ الْـعَـيْـشِ مَـنْ بَـعَـثَ النِّيَاقَا
سَـرَيْـتُ بِـهَـا وَحَـظِّـي ذُو سُـبَـاتٍ
وَجِـئْـتُ أَبَـا الْـفَـوَارِسِ فَـاسْـتَفَاقَا
سَعَى وَسَعَى الْمُلُوكُ فَكَانَ أَقْصَى
مَـدًى وَأَشَـدَّ فِـي الـسَّـعْيِ انْطِلَاقَا
وَأَطْــوَلَــهُـمْ لَـدَى الْـعَـلْـيَـاءِ بَـاعًـا
وَأَثْـبَـتَـهُـمْ لَـدَى الْـهَـيْـجَـاءِ سَـاقَـا
يُــطَــبِّــقُ غَــيْـثُـهُ أَرْضَ الْأَمَـانِـي
وَيَـسْـمُـو سَـعْـدُهُ الـسَّـبْـعَ الـطِّبَاقَا
وَيَــسْــبِــقُ عَـزْمُـهُ كَـلْـمَ اللَّـيَـالِـي
فَــكَــيْــفَ يُـحَـاوِلُـونَ لَـهُ سِـبَـاقَـا
وَمَـنْ يَـطْـلُـبْ لِلَـمْـعِ الْـبَـرْقِ شَـأْوًا
يَــجِــدْهُ أَعَــزَّ مَــطْــلُـوبٍ لَـحَـاقَـا
وَمَـا بِـالْـجَـدِّ فَـاقَ الـنَّـاسَ صِـيـتًا
وَلَــكِــنْ بِــالــنَّـدَى وَالْـبَـأْسِ فَـاقَـا
وَمَـنْ خَـطَـبَ الْـمَـعَـالِـيَ بِالْعَوَالِي
وَبِـالْـجَـدْوَى فَـقَـدْ أَرْبَـى الـصَّدَاقَا
وَإِنْ طَـرَقَ الْـعِـدَى لَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ
سِــوَى هَــامِ الْــمُـلُـوكِ لَـهُ طِـرَاقَـا
وَقَــدْ كَــرِهَ الــتَّــلَاقِـيَ كُـلُّ صَـبٍّ
كَــأَنَّ إِلَــى الْـفِـرَاقِ بِـهِ اشْـتِـيَـاقَـا
وَشَـدَّدَ بِـالْـخِـنَـاقِ عَـلَـى الْأَعَـادِي
فَــتًــى رَاخَـى بِـنَـائِـلِـهِ الْـخِـنَـاقَـا
تَــلَاقَــتْ عِــنْــدَكَ الْآمَــالُ حَــتَّـى
أَبَــى إِسْــرَافُ جُــودِكَ أَنْ يُــلَاقَـا
وَأَقْــبَــلَ بِــالْـهَـنَـاءِ عَـلَـيْـكَ عِـيـدٌ
حَـــدَاهُ إِلَــيْــكَ إِقْــبَــالٌ وَسَــاقَــا
فَــسَــرَّكَ وَهْــوَ مِــنْـكَ أَسَـرُّ قَـلْـبًـا
وَلَا عَــجَـبٌ إِنِ الْـمُـشْـتَـاقُ شَـاقَـا
وَمِـثْـلُـكَ يَـا مُـحَـمَّـدُ سَـاقَ جَيْشًا
يُــكَــلِّـفُ نَـفْـسَ رَائِـيـهِ الـسِّـيَـاقَـا
إِذَا الْـخَـيْـلُ الْـعِـتَـاقُ حَـمَـلْـنَ هَمًّا
فَـهَـمُّـكَ يَـحْـمِـلُ الْـخَـيْـلَ الْـعِتَاقَا
وَمَـنْ عَـشِـقَ الـدِّقَـاقَ السُّمْرَ يَوْمًا
فَــإِنَّـكَ تَـعْـشَـقُ الـسُّـمْـرَ الـدِّقَـاقَـا
وَتَـخْـتَـرِمُ الْـمُـلُـوكَ بِـهَـا اخْـتِـرَامًا
وَتَـخْـتَـرِقُ الْـعَـجَـاجَ بِـهَـا اخْتِرَاقَا
يَـسُـرُّكَ أَنْ تُـسَـاقِي الْجَيْشَ كَأْسًا
مِـنَ الْـحَـرْبِ اصْـطِـبَاحًا وَاغْتِبَاقَا
وَأَشْــجَــعُ مَــنْ رَأَيْــنَــاهُ شُــجَـاعٌ
يُــلَاقِــيــهِ الــسُّـرُورُ بِـأَنْ يُـلَاقَـى
وَمَــــا مَــــاءٌ لِــــذِي ظَـــمَـــأٍ زُلَالٌ
بِــأَعْــذَبَ مِــنْ خَــلَائِــقِـهِ مَـذَاقَـا
حَــبَــانِــي جُــودُهُ عَـيْـشًـا كَـأَنِّـي
ظَـفِـرْتُ بِـهِ مِـنَ الـدَّهْـرِ اسْـتِـرَاقَا
فَـــأَيَّـــامِــي بِــهِ بِــيــضٌ يِــقَــاقٌ
وَكَــانَــتْ قَــبْــلَـهُ سُـودًا صِـفَـاقَـا
وَطَـوَّقَـنِـي ابْـنُ مَـالِـكَ طَـوْقَ مَنٍّ
فَـصُـغْـتُ مِـنَ الـثَّـنَـاءِ لَـهُ نِـطَـاقَـا
أَرَى الْأَيَّــامَ لَا تُــعْــطِــي كَــرِيــمًـا
بُــــلُــــوغَ مُــــرَادِهِ إِلَّا فَــــوَاقَــــا
فَـلَا عَـاقَـتْـكَ عَـنْ طَـلَـبِ الْـمَعَالِي
إِذَا الْأَيَّـــامُ كَـــادَتْ أَنْ تُـــعَـــاقَـــا

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤