إِلَى رُوحِ عُمَرَ الْمُخْتَارِ

Wave Image
صَــبَــرَ الـزَّمَـانُ وَأَمْـهَـلَ الْـقَـدَرُ
هَــذَا الْــجَــزَاءُ الْـحَـقُّ يَـا عُـمَـرُ
طُـرِدُوا عَـلَـيْهِمْ خِزْيُهُمْ وَمَضَوْا
فِــي مَـوْكِـبَـيْـنِ الـذُّلُّ وَالْـخَـوَرُ
قُــمْ يَــا شَــهِــيـدُ مُـؤَذِّنًـا غَـرِدًا
نَــذَرَ الــزَّمَــانُ وَأَوْفَــتِ الــنُّـذُرُ
صَـلَّـى عَـلَـيْـكَ الْـمُـسْلِمُونَ وَلَمْ
يَـبْـخَـلْ عَـلَـيْـكَ بِـحَـدْبِـهِ الْبَشَرُ
جَـزِعُـوا لِـمَـصْـرَعِـكَ الْأَلِيمِ وَمَا
ذَكَــــرُوكَ إِلَّا شَــــكَّــــتِ الْإِبَـــرُ
مَـنْ كَـانَ فِي سَمْعِ الزَّمَانِ وَفِي
خَـلَـدِ الـسِّـنِـيـنَ فَـعُـمْـرُهُ سِـيَـرُ
•••
ضَـجَّ الْـمَـسِـيـحُ وَأَحْـمَـدٌ مَـعَـهُ
لَــمَّــا أَطَــلَّ الــسَّــافِــحُ الـدَّعِـرُ
صَـلَـبُـوكَ حَـيًّـا كَـيْـفَ سَاغَ لَهُمْ
يَـا لَـلـسَّـمَـاءِ لِـمَـنْ بِـهِ ائْـتَـمَرُوا
أَعْـوَامُـكَ الـتِّـسْـعُونَ لَوْ شَفَعَتْ
خَـشَـعَـتْ يَـدُ الْـجَـلَّادِ وَالْـبَـصَرُ
فَــهَــوَيْــتَ إِلَّا هَــامَـةً نُـصِـبَـتْ
يَـوْمَـيْـنِ حَـتَّـى يَـنْـشَـطَ الْخَبَرُ
وَيَـرَى الَّـذِيـنَ دَعَـوْتَـهُمْ فَسَعَوْا
فِــي الــلـهِ، وَالْأَنْـصَـارُ وَالـنَّـفَـرُ
لِــلــهِ أَنْــتَ مُــهَــاجِــرًا وَلَــهُــمْ
عُـقْـبَـاكَ مَـنْ تَبِعُوا وَمَنْ نَصَرُوا
•••
أَلْقَوْا بِجِسْمِكَ فِي الْمُحِيطِ وَمَا
ضَـنُّـوا عَـلَـى الْحِيتَانِ أَوْ قَتَرُوا
وَمَـضَـوْا بِـرَأْسِـكَ طَائِرِينَ عَلَى
مَـتْـنِ الْـهَـوَاءِ لِـيَـقْـرُبَ الـسَّـفَـرُ
حَــتَّــى أَتَــوْا رُومَـا عَـلَـى ظَـمَأٍ
كَـالْـفَـاتِـحِـيـنَ بِنَصْرِهِمْ سَكِرُوا
بَـرِئَ الْـمَـسِـيحُ مِنَ الَّذِينَ شَرَوْا
غَـضَـبَ الْإِلَـهِ وَبِـئْسَ مَا اتَّجَرُوا
•••
يَـــا أُمَّــةً هَــرِمَ الــزَّمَــانُ وَلَــمْ
تَـصْـهَـرْ مَـعَـادِنَ أَهْـلِـهَـا الْـغِـيَـرُ
ذُوقُـوا عَـذَابَ صَـنِـيعِكُمْ وَكُلُوا
طَـابَ الْـغِـرَاسُ وَهَـا هُـوَ الـثَّمَرُ
الْــمُــلْــكُ أَخْــلَاقُ الــرِّجَـالِ وَلَا
يَـبْـنِـي الْـحُسَامُ إِذَا هُمُ افْتَقَرُوا
إِنَّ الـثَّـلَاثِـيـنَ الَّـتِـي انْـصَرَمَتْ
لَـمْ يُـغْـنِ عَـنْـهَـا الْـبَـغْيُ وَالْبَطَرُ
وَالْــمُـلْـكُ شُـورَى لَا بَـقَـاءَ لِـمَـنْ
فَـــرَضَ الْأُمُـــورَ كَأَنَّــهُ الْــقَــدَرُ
فِـيـمَ الْحَضَارَةُ وَالشُّعُوبُ دُمًى
يَــعْـدُو الـرُّعَـاةُ وَيَـتْـبَـعُ الْـبَـقَـرُ
•••
مُــلْـكٌ تَـدَاعَـى صَـرْحُـهُ وَهَـوَى
فَـوْقَ الْـبُـنَـاةِ وَأَطْـبَـقَ الْـحَـجَـرُ
لَــوْلَا يُــقَــالُ شَــمَــاتَــةٌ لَــرَثَـى
شِـعْـرِي وَلَـمْ يَـقْـعُـدْ بِـيَ الْحَذَرُ
قُـمْ يَـا شَـهِيدَ الْمُجْرِمِينَ وَصِحْ
فِـيـهِـمْ جِـهَـارًا أَيْـنَـمَـا انْـتَشَرُوا
قُـمْ يَـا شَـهِـيدَ الذَّابِحِينَ وَصِحْ
هَـلْ مِـنْ دَمِـي فِـي كَأْسِـكُمْ أَثَرُ
قُـمْ فِـي الـسَّـمَـاءِ مُرَتِّلًا فَعَسَى
أَنْ تَــنْـفُـذَ الْآيَـاتُ وَالـسُّـوَرُ …
… فِـيمَنْ تَحَجَّرَ صَدْرُهُ وَمَشَى
فِـي الْأَرْضِ يَـنْـفُـخُ خَدَّهُ الصَّعَرُ
قُـمْ فِـي الـسَّـمَـاءِ مُـرَدِّدًا مَـعَـنَا
يَـا قَـوْمِ أَنَّـى سُـدْتُـمُ اعْـتَـبِـرُوا
الْـــمُــلْــكُ لِــلــهِ الْــعَــزِيــزِ فَإِنْ
سُــدْتُــمْ بِأَرْضٍ سَــادَكُــمْ قَــدَرُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: سقوط طرابلس في ١/ ٢/ ١٩٤٣م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤