أَلِكْنِي يَا ضِيَاءُ

Wave Image
أَجِــدَّكِ يَــا كَــوَاكِــبُ لَا تُــرِيــنَــا
بَـيَـانًـا مِـنْـكِ يُـخْـبِـرُنَـا الْـيَـقِـيـنَا
كَأَنَّ الْــعَــالَــمَ الْــعُــلْــوِيَّ سِــفْــرٌ
نُــطَـالِـعُـهُ وَلَـسْـنَـا مُـفْـصِـحِـيـنَـا
نُـحَـاوِلُ مِـنْـهُ إِعْـرَابَ الْـمَـعَـانِـي
بِــتَأْوِيــلٍ فَــنَـرْجِـعُ مُـعْـجِـمِـيـنَـا
كَـوَاكِـبُ فِـي الْـمَـجَـرَّةِ عَـائِـمَاتٌ
حَـكَتْ فِي بَحْرِ فُسْحَتِهَا السَّفِينَا
سَـرَتْ زُهْـرُ الـنُّـجُـومِ وَمَـا دَرَاهَـا
فَــلَاسِـفَـةٌ مَـضَـتْ وَمُـنَـجِّـمُـونَـا
شُـمُوسٌ فِي السَّمَاءِ عَلَتْ وَجَلَّتْ
فَـظَـنُّـوا فِـي حَـقِـيـقَـتِهَا الظُّنُونَا
سَـوَابِـحَ فِـي الْـفَـضَـاءِ لَهَا شُئُونٌ
وَلَــمَّــا يَـعْـلَـمُـوا تِـلْـكَ الـشُّـئُـونَـا
وَمَـا ارْتَـجَـفَـتْ بِـجُـنْـحِ اللَّيْلِ إِلَّا
لِـتَـضْـحَـكَ فِـيـهِ مِـمَّـا يَـزْعُـمُـونَا
لَــعَــلَّ لَــهَــا بِــهَــذَا الْــجَـوِّ شَأْنًـا
سِـوَى مَـا نَـحْـنُ فِـيـهِ مُـرَجِّـمُونَا
تَـلُـوحُ عَـلَـى الـدُّجَـى مُـتَـلَأْلِئَاتٍ
فَـتُـبْـهِـجُ فِـي تَـلَأْلُـئِـهَـا الْـعُـيُـونَا
وَأَنَّـــى يُــدْرِكُ الــرَّائِــي مَــدَاهَــا
وَإِنْ أَلْــقَــى لَــهَـا نَـظَـرًا شَـفُـونَـا
تَـــوَدُّ الْـــغَـــانِـــيَــاتُ إِذَا رَأَتْــهَــا
لَـوِ انْـتَـظَـمَـتْ لَـهَـا عِـقْـدًا ثَـمِـينَا
تَــقَــلَّــدُهُ عَــلَــى الـلَّـبَّـاتِ مِـنْـهَـا
وَتَــطَّــرِحُ الــدَّمَــالِــجَ وَالْـبُـرِيـنَـا
•••
أَلِــكْـنِـي يَـا ضِـيَـاءُ إِلَـى الـدَّرَارِي
رِسَـالَـةَ مُـسْـهِـرٍ فِـيـهَـا الْـجُـفُـونَا
لَــعَــلَّــكَ رَاجِــعٌ مِــنْــهَــا جَـوَابًـا
يُــزِيــلُ عَــمَـايَـةَ الْـمُـتَـحَـيِّـرِيـنَـا
فَـقُـلْ إِنِّـي تَـحَـيَّـرَ فِـيـكَ فِـكْـرِي
كَــذَاكَ تَــحَــيَّــرَ الْــمُــتَـفَـكِّـرُونَـا
فَـــيَـــا أُمَّ الـــنُّــجُــومِ وَأَنْــتِ أُمٌّ
أَيُـولَـدُ فِـيـكِ كَـالْأَرْضِ الْـبَـنُـونَا؟
وَهَـلْ فِـيـكِ الْـحَـيَـاةُ لَـهَـا وُجُودٌ
فَـيُـمْـكِـنُ لِـلـرَّدَى بِـكِ أَنْ يَـكُونَا؟
وَهَلْ بِكِ مِثْلُ هَذِي الْأَرْضِ أَرْضٌ
وَفِــيـهَـا مِـثْـلُـنَـا مُـتَـخَـالِـفُـونَـا؟
وَهَـلْ هُـمْ مِـثْـلُـنَـا خُـلُـقًـا وَخَـلْقًا
هُــنَــاكَ فَـيَأْكُـلُـونَ وَيَـشْـرَبُـونَـا؟
وَهَـلْ هُـمْ فِي الدِّيَانَةِ مِنْ خِلَافٍ
نَـصَـارَى أَوْ يَـهُـودُ وَمُـسْـلِـمُـونَا؟
وَهَـلْ طَـابَـتْ حَـيَـاةُ بَنِيكِ عَيْشًا
فَـفَـوْقَ الْأَرْضِ نَـحْـنُ مُـعَـذَّبُونَا؟
وَهَـلْ حُـسِـبَـتْ بِـكِ الْأَيَّـامُ حَتَّى
تَأَلَّـفَ مِـنْ تَـعَـاقُـبِـهَـا الـسُّـنُـونَـا؟
وَهَـلْ بِـالْـمَـوْتِ نَـحْـنُ إِذَا خَرَجْنَا
عَـنِ الْأَجْـسَـادِ نَـحْـوَكِ مُـرْتَـقُـونَا
فَــتَــبْــقَــى عِـنْـدَكِ الْأَرْوَاحُ مِـنَّـا
تُــصَـانُ فَـلَا تَـرَى جَـنَـفًـا وَهُـونَـا
فَأَحْـبِـبْ بِـالْـمَـنُـونِ إِذَنْ وَأَحْـبِبْ
بِــهَــا إِنْ كَـانَ سُـلَّـمُـكِ الْـمَـنُـونَـا
•••
أَبِـــيـــنِــي مَــا وَرَاءَكِ يَــا دَرَارِي
فَــنَـحْـنُ نَـخَـالُـهُ بُـعْـدًا شَـطُـونَـا
قَـدِ اتَّـسَـعَ الْـفَـضَـاءُ لَـكِ اتِّـسَـاعًا
فَــهَــلْ أَبْــعَــادُهُ بِــكِ يَـنْـتَـهِـيـنَـا
وَصَـغَّـرَكِ ابْـتِـعَـادُكِ فِـيـهِ حَـتَّـى
إِلَـيْـكِ اسْـتَـشْـرَفَ الْـمُـتَـشَوِّفُونَا
فَــهَــلْ كَــانَ ابْـتِـعَـادُكِ مِـنْ دَلَالٍ
عَـلَـيْـنَـا أَمْ بَـعُـدْتِ لِـتَـخْـدَعِـينَا؟
خَـوَالِـدُ فِـي فَـضَـائِكِ أَنْتِ أَمْ قَدْ
يَـحِـلُّ بِـكِ الْـفَـنَـاءُ فَـتَـذْهَـبِـيـنَا؟
وَقَــالُــوا مَــا لِــعُــدَّتِــكِ انْـتِـهَـاءٌ
فَـهَـلْ صَدَقُوا أَوِ ارْتَكَبُوا الْمُجُونَا
وَقَـالُـوا الْأَرْضُ بِـنْـتُـكِ غَـيْرَ مَيْنٍ
فَــهَـلْ أَبْـنَـاءُ بِـنْـتِـكِ يَـصْـدُقُـونَـا
وَقَـــالُـــوا إِنَّ وَالِــدَكِ الْــمُــفَــدَّى
أَثِـيـرٌ فِـي الْـفَـضَـاءِ أَبَى السُّكُونَا
تَـــرَصَّـــدَكِ الْأَنَـــامُ وَمَـــا أَتَــانَــا
بِــعِــلْــمِ كِـيَـانِـكِ الْـمُـتَـرَصِّـدُونَـا
ﻓَ «هِـرْشِـلُ» مَـا شَـفَـى مِنَّا غَلِيلًا
وَلَا «غَــالِــيـلُ» أَنْـبَأَنَـا الْـيَـقِـيـنَـا
وَ«كِــبْـلَـرُ» قَـدْ هَـدَى أَوْ كَـادَ لَـمَّـا
أَبَــانَــكِ يَــا نُــجُـومُ تُـجَـاذِبِـيـنَـا
إِلَـى كَـمْ نَـحْـنُ نَـلْـبِسُ فِيكِ لَبْسًا
وَمِــنْ جَــرَّاكِ نَــدَّرِعُ الــظُّــنُـونَـا
لَـعَـلَّ الـنَّـجْـمَ فِـي إِحْـدَى اللَّيَالِي
سَــيَـبْـعَـثُ لِـلْـوَرَى نُـورًا مُـبِـيـنَـا
تَــقُــومُ لَــهُ الْــهَــوَاتِـفُ قَـائِـلَاتٍ
خُـذُوا عَنِّي النُّهَى وَدَعُوا الْجُنُونَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤