حُرِيَّةُ الزَّوَاجِ عِنْدَنَا

Wave Image
ظَـلَـمُـوكِ أَيَّـتُـهَـا الْـفَـتَـاةُ بِـجَـهْـلِـهِـمْ
إِذْ أَكْــرَهُــوكِ عَـلَـى الـزَّوَاجِ بِأَشْـيَـبَـا
طَـمِـعُـوا بِـوَفْـرِ الْـمَـالِ مِـنْهُ فَأَخْجَلُوا
بِـفُـضُـولِ هَـاتِـيـكِ الْـمَـطَـامِـعِ أَشْـعَبَا
أَفَـكَـوْكَـبٌ نَـحْـسٌ يُـقَـارِنُ فِي الْوَرَى
مِـنْ سَـعْـدِ أَخْـبِـيَـةِ الْـغَـوَانِـي كَـوْكَـبَا
فَإِذَا رَفَـضْـتِ فَـمَـا عَـلَـيْـكِ بِـرَفْـضِـهِ
عَــارٌ وَإِنْ هَــاجَ الْــوَلِــيُّ وَأُغْــضِــبَــا
إِنَّ الْــكَــرِيــمَــةَ فِــي الـزَّوَاجِ لَـحُـرَّةٌ
وَالْــحُــرُّ يَأْبَـى أَنْ يَـعِـيـشَ مُـذَبْـذَبَـا
قَـلْـبُ الْـفَـتَـاةِ أَجَـلُّ مِـنْ أَنْ يُـشْـتَرَى
بِــالْـمَـالِ لَـكِـنْ بِـالْـمَـحَـبَّـةِ يُـجْـتَـبَـي
أَتُـــبَـــاعُ أَفْــئِــدَةُ الــنِّــسَــاءِ كَأَنَّــهَــا
بَـعْـضُ الْـمَـتَـاعِ وَهُـنَّ فِي عَهْدِ الصِّبَا
هَــذَا لَــعَــمْــرُ الــلــهِ يَأْبَــى مِــثْــلَــهُ
مَــنْ عَــاشَ ذَا شَـرَفٍ وَكَـانَ مُـهَـذَّبَـا
بَــيْــتُ الــزَّوَاجِ إِذَا بَــنَــوْهُ مُــجَــدَّدًا
بِــالْــمَــالِ لَا بِــالْــحُـبِّ عَـادَ مُـخَـرَّبَـا
يَـا مَـنْ يُـسَـاوِمُ فِـي الْـمُـهُـورِ مُـغَـالِيًا
وَيَـمِـيـلُ فِـي أَمْـرِ الـزَّوَاجِ إِلَـى الْـحِبَا
أَقْــصِــرْ فَـكَـمْ مِـنْ حُـرَّةٍ مُـذْ أُنْـزِلَـتْ
مِـنْ مَـنْـزِلِ الـرَّجُـلِ الْـغَـنِـيِّ بِـهَـا نَـبَـا
إِنَّ الـــزَّوَاجَ مَـــحَـــبَّـــةٌ فَإِذَا جَـــرَى
بِـسِـوَى الْـمَـحَـبَّـةِ كَـانَ شَـيْـئًـا مُـتْعِبَا
لَا مَــهْــرَ لِــلْــحَــسْــنَــاءِ إِلَّا حُــبُّــهَــا
فَــبِــحُــبِّــهَــا كَــانَ الْـقِـرَانُ مُـحَـبَّـبَـا
خَــيْــرُ الــنِّـسَـاءِ أَقَـلُّـهَـا لِـخَـطِـيـبِـهَـا
مَــهْــرًا وَأَكْــثَــرُهَــا إِلَــيْــهِ تَــحَــبُّـبَـا
وَإِذَا الــزَّوَاجُ جَــرَى بِــغَــيْـرِ تَـعَـارُفٍ
وَتَــحَــبُّــبٍ فَــالْــخَــيْـرُ أَنْ نَـتَـرَهَّـبَـا
هُــوَ عِــنْــدَنَـا رَمْـيُ الـشِّـبَـاكِ بِـلُـجَّـةٍ
أَتُـصِـيـبُ أَخْـبَـثَ أَمْ تُـصَـادِفُ أَطْـيَبَا
أَوْ مِــثْــلُ مُـحْـتَـطِـبٍ بِـلَـيْـلٍ دَامِـسٍ
أَيَــدُوسُ أَفْـعَـى أَمْ يُـلَامِـسُ عَـقْـرَبَـا
وَلِــقَـوْمِـنَـا فِـي الـشَّـرْقِ حَـالٌ كُـلَّـمَـا
زِدْتُ افْــتِــكَــارًا فِـيـهِ زِدْتُ تَـعَـجُّـبَـا
تَــرَكُـوا الـنِّـسَـاءَ بِـحَـالَـةٍ يُـرْثَـى لَـهَـا
وَقَـضَـوْا عَـلَـيْـهَـا بِـالْـحِـجَـابِ تَـعَصُّبَا
قُـلْ لِلْأُلَى ضَرَبُوا الْحِجَابَ عَلَى النِّسَا
أَفَـتَـعْـلَـمُـونَ بِـمَـا جَـرَى تَـحْـتَ الْـعَبَا
شَــرَفُ الْـمَـلِـيـحَـةِ أَنْ تَـكُـونَ أَدِيـبَـةً
وَحِـجَـابُـهَـا فِـي الـنَّـاسِ أَنْ تَـتَـهَـذَّبَـا
وَالْــوَجْــهُ إِنْ كَــانَ الْــحَـيَـاءُ نِـقَـابَـهُ
أَغْــنَــى فَــتَــاةَ الْــحَـيِّ أَنْ تَـتَـنَـقَّـبَـا
وَالــلُّــؤْمُ أَجْـمَـعُ أَنْ تَـكُـونَ نِـسَـاؤُنَـا
مِــثْــلَ الــنِّـعَـاجِ وَأَنْ نَـكُـونَ الْأَذْؤُبَـا
هَــلْ يَــعْــلَــمُ الـشَّـرْقِـيُّ أَنَّ حَـيَـاتَـهُ
تَــعْــلُــو إِذَا رَبَّــى الْــبَــنَــاتِ وَهَـذَّبَـا
وَقَــضَــى لَـهَـا بِـالْـحَـقِّ دُونَ تَـحَـكُّـمٍ
فِــيــهَــا وَعَــلَّــمَــهَــا الْــعُـلُـومَ وَأَدَّبَـا
فَــالــشَّــرْقُ لَــيْــسَ بِــنَـاهِـضٍ إِلَّا إِذَا
أَدْنَــى الـنِّـسَـاءَ مِـنَ الـرِّجَـالِ وَقَـرَّبَـا
فَإِذَا ادَّعَـــيْــتَ تَــقَــدُّمًــا لِــرِجَــالِــهِ
جَــاءَ الــتَّأَخُّـرُ فِـي الـنِّـسَـاءِ مُـكَـذِّبَـا
مِـنْ أَيْـنَ يَـنْـهَـضُ قَـائِـمًـا مَـنْ نِـصْفُهُ
يَـشْـكُـو الـسَّـقَـامَ بِـفَـالِـجٍ مُـتَـوَصِّـبَـا
كَــيْــفَ الْــبَــقَـاءُ لَـهُ بِـغَـيْـرِ تَـنَـاسُـبٍ
وَالـدَّهْـرُ خَـصَّـصَ بِـالْـبَـقَـاءِ الْأَنْـسَـبَـا
وَالــشِّــعْــرُ لَــيْــسَ بِــنَـافِـعٍ إِنْـشَـادُهُ
حَـتَّـى يَـكُـونَ عَـنِ الْـحَـقِـيـقَـةِ مُعْرِبَا
تِــلْــكَ الْــحَــقِـيـقَـةُ لِـلـرِّجَـالِ أَزُفُّـهَـا
وَلَــهَــا أُقِـيـمُ مِـنَ الْـقَـوَافِـي مَـوْكِـبَـا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤