عَظِيمٌ لَعَمْرِي أَنْ يُلِمَّ عَظِيمُ

Wave Image
عَــظِــيـمٌ لَـعَـمْـرِي أَنْ يُـلِـمَّ عَـظِـيـمُ
بِـــآلِ عَـــلِـــيٍّ وَالْأَنَـــامُ سَـــلِـــيـــمُ
وَلَـكِـنَّـهُـمْ أَهْـلُ الْـحَـفَـائِـظِ وَالْـعُـلَى
فَــهُــمْ لِــمُــلِـمَّـاتِ الـزَّمَـانِ خُـصُـومُ
فَـإِنْ بَـاتَ مِـنْـهَـا فِـيـهِـمُ وَعْـكُ عِـلَّةٍ
فَــفِــيــهَــا جِــرَاحٌ مِــنْــهُـمُ وَكُـلُـومُ
هَـنِـيـئًـا لِأَهْـلِ الْـعَـصْـرِ بُـرْءُ مُـحَـمَّدٍ
وَإِنْ كَــانَ مِــنْــهُـمْ جَـاهِـلٌ وَعَـلِـيـمُ
أَلَـــدُّ بِــحَــدَّيْ سَــيْــفِــهِ وَسِــنَــانِــهِ
إِذَا لَــمْ يُـغَـلَّـبْ غَـيْـرُ ذَيْـنِ خَـصِـيـمُ
لَــكَ اللــهُ لَا تَــذْعَــرْ وَلِـيًّـا بِـغَـضْـبَـةٍ
لَـــعَـــلَّ لَـــهُ عُـــذْرًا وَأَنْـــتَ تَـــلُــومُ
فَـلَـوْ زَارَ أَهْـلَ الْـخُـلْـدِ عَـتْـبُـكَ زَوْرَةً
لَأَوْهَــمَــهُــمْ أَنَّ الْــجِــنَـانَ جَـحِـيـمُ
إِذَا عَـصَـفَـتْ بِـالـرَّوْضِ أَنْفَاسُ نَاجِرٍ
فَــأَيَّ وَمِــيــضٍ لِلْــغَــمَــامِ أَشِــيـمُ؟
وَهَــلْ لِـيَ فِـي ظِـلِّ الـنَّـعَـامِ تَـقَـيُّـلٌ
إِذَا مَــنَــعَــتْ ظِــلَّ الْأَرَاكِ سَــمُـومُ؟
وَمَـا كُـنْـتُ أَدْرِي أَنَّ مِـثْـلَـكَ يَشْتَكِي
وَلَــمْ يَــتَــغَــيَّــرْ لِلــرِّيَــاحِ نَــسِــيـمُ
وَلَمْ تُطْبِقِ الدُّنْيَا الْفِجَاجَ عَلَى الْوَرَى
فَــيَــهْــلِــكَ مَــحْـمُـودٌ بِـهَـا وَذَمِـيـمُ
فَـإِنْ نَـالَ مِـنْـكَ الـسُّقْمُ حَظًّا فَطَالَمَا
رَأَيْــتُ هِــلَالَ الْأُفْــقِ وَهْـوَ سَـقِـيـمُ
إِذَا أَدْرَكَ الْـبَـيْـنُ الـسِّـمَـاكَ ظَـعَـنْـتُـمُ
وَخُـوضُـوا الْـمَـنَـايَـا وَالـسِّمَاكُ مُقِيمُ
فَــآلُ الــثُّــرَيَّــا وَالْــفَــرَاقِــدِ أَنْــتُــمُ
وَإِنْ شَــبَّــهَـتْـكُـمْ بِـالْـعِـبَـادِ جُـسُـومُ
فَــإِنَّ نُـجُـومَ الْأَرْضِ لَـيْـسَ بِـغَـائِـبٍ
سَـنَـاهَـا وَفِـي جَـوِّ الـسَّـمَـاءِ نُـجُـومُ
فَــلَــيْــتَــكَ لِلْأَفْــلَاكِ نُــورٌ مُــخَــلَّـدٌ
يَــزُولُ بِــنَــا صَــرْفُ الـرَّدَى وَتَـدُومُ
يَــرَاهُ بَــنُـو الـدَّهْـرِ الْأَخِـيـرِ بِـحَـالِـهِ
كَــمَــا أَبْــصَــرَتْــهُ جُــرْهُــمٌ وَأَمِــيـمُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤