الْعِلْمُ

Wave Image
لَا يَــبْــلُــغُ الْــمَــرْءُ مُــنْــتَـهَـى أَرَبِـهْ
إِلَّا بِـــعِـــلْــمٍ يَــجِــدُّ فِــي طَــلَــبِــهْ
فَأْوِ إِلَـــى ظِـــلِّـــهِ تَـــعِـــشْ رَغَـــدًا
عَـيْـشًـا أَمِـيـنًـا مِـنْ سُـوءِ مُـنْـقَـلَـبِهْ
وَاتْـــعَــبْ لَــهُ تَــسْــتَــرِحْ بِــهِ أَبَــدًا
فَــرَاحَــةُ الْــمَـرْءِ مِـنْ جَـنَـى تَـعَـبِـهْ
وَلَـــذَّةُ الْـــعِـــلْـــمِ مَـــنْ تَــذَوَّقَــهَــا
أَضْــرَبَ عَــنْ شَــهْـدِهِ وَعَـنْ ضَـرَبِـهْ
وَإِنَّ لِــلْــعِــلْــمِ فِــي الْــعُــلَا فَــلَـكًـا
كُــلُّ الْــمَــعَـالِـي تَـدُورُ فِـي قُـطُـبِـهْ
فَـــاسْــعَ إِلَــيْــهِ بِــعَــزْمِ ذِي جَــلَــدٍ
مُــصَــمِّــمِ الـرَّأْيِ غَـيْـرِ مُـضْـطَـرِبِـهْ
وَابْــذُلْ لَــهُ مَـا مَـلَـكْـتَ مِـنْ نَـشَـبٍ
فَـالْـعِـلْـمُ أَبْـقَـى لِـلْـمَـرْءِ مِـنْ نَـشَـبِهْ
لَا تَــتَّــكِــلْ بَــعْــدَهُ عَــلَــى نَــسَــبٍ
فَـالْـعِـلْـمُ يُـغْـنِـي النَّسِيبَ عَنْ نَسَبِهْ
وَاطَّــرِحِ الْــمَــجْــدَ غَــيْــرَ طَــارِفِـهِ
وَاجْـتَـنِـبِ الْـفَـخْـرَ غَـيْـرَ مُـكْـتَـسَبِهْ
مَـا أَبْـعَـدَ الْـخَـيْـرَ عَـنْ فَـتًـى كَـسِـلٍ
يَــسْــرَحُ فِــي لَــهْــوِهِ وَفِــي لَـعِـبِـهْ
كَــمْ رَفَــعَ الْــعِـلْـمُ بَـيْـتَ ذِي ضَـعَـةٍ
فَـقَـصَّـرَ الـنَّـاسُ عَـنْ مَـدَى حَـسَـبِـهْ
حَـتَّـى تَـمَـنَّـى أَعْـلَـى الْـكَـوَاكِـبِ لَوْ
يَــحُــلُّ بَــيْـتًـا يَـكُـونُ فِـي صَـقَـبِـهْ
وَوَدَّتِ الــشَّــمْــسُ فِــي أَشِــعَّــتِـهَـا
لَـوْ كُـنَّ يُـحْـسَـبْـنَ مِـنْ قُـوَى طُـنُـبِهْ
وَإِنْ يَـــسُـــدْ جَـــاهِـــلٌ فَــسُــؤْدُدُهُ
بَــعْـدَ قَـلِـيـلٍ يُـفْـضِـي إِلَـى عَـطَـبِـهْ
يَــرَى امْــرُؤٌ مَــجْـدَ جَـاهِـلٍ عَـجَـبًـا
لَــوْ صَـحَّ عَـقْـلًا لَـكَـفَّ عَـنْ عَـجَـبِـهْ
كَــمْ كَــذَّبَ الــدَّهْــرُ فِــي فَــعَـائِـلِـهِ
وَسُــؤْدُدُ الْــجَــاهِــلِـيـنَ مِـنْ كَـذِبِـهْ
الْـعِـلْـمُ فَـيْـضٌ تَـحْـيَـا الْـقُـلُـوبُ بِـهِ
فَـامْـتَـحْ بِـسَـجْـلِ الْـحَـيَاةِ مِنْ قُلُبِهْ
كُــلُّ فَــخَــارٍ أَسْــبَــابُــهُ انْـقَـطَـعَـتْ
إِلَّا فَــخَــارًا يَــكُــونُ مِــنْ سَــبَــبِــهْ
لِـلْـعِـلْـمِ وَجْـهٌ بِـالْـحُـسْـنِ مُـنْـتَـقِـبٌ
وَسَــافِــرٌ مِــنْــهُ مِــثْــلُ مُــنْـتَـقِـبِـهْ
مَـا حُـسْـنُ وَجْـهِ الْـفَـتَـى بِـمَـفْـخَرَةٍ
إِنْ لَــمْ يُــؤَيَّـدْ بِـالْـحُـسْـنِ مِـنْ أَدَبِـهْ
مَــا أَقْــدَرَ الْــعِــلْــمَ إِنَّ صَــيْــحَـتَـهُ
يُـمْـعِـنُ مِـنْـهَـا الْـخَـمِـيسُ فِي هَرَبِهْ
مَــنْ تَــخِــذَ الْــعِــلْــمَ عُــدَّةً لِـوَغًـى
أَغْــنَــاهُ عَــنْ دِرْعِــهِ وَعَــنْ يَــلَــبِــهْ
فَــانْـتَـدِبِ الْـعِـلْـمَ لِـلْـخُـطُـوبِ فَـمَـا
خَــابَ لَــعَــمْــرِي رَجَــاءُ مُــنْـتَـدِبِـهْ
الْــعِــلْــمُ كَــالــنُّــورِ بَــلْ أُفَــضِّــلُــهُ
مَــا أَفْــقَــرَ الــنُّــورَ أَنْ يُــشَــبَّـهَ بِـهْ
وَإِنَّــمَــا الْــعِــلْــمُ لِــلــنُّـهَـى عَـصَـبٌ
وَالْحِسُّ فِي الْجِسْمِ جَاءَ مِنْ عَصَبِهْ
سَــقْــيًــا وَرَعْــيًــا لِـرَوْضِ مَـعْـهَـدِهِ
وَطَـــالِـــبِـــيــهِ وَقَــارِئِــي كُــتُــبِــهْ
مَـــا الـــنَّـــاسُ إِلَّا رُوَّادُ نُــجْــعَــتِــهِ
وَنَـــاشِــرُوهُ وَكَــاشِــفُــو حُــجُــبِــهْ
وَمَـــنْ غَـــدَا هَـــادِيًـــا يُـــعَـــلِّــمُــهُ
وَرَاحَ يَـشْـفِـي الْـجَـهُـولَ مِنْ وَصَبِهْ
وَمَـــعْـــهَـــدٍ أُسِّـــسَـــتْ قَــوَاعِــدُهُ
فِــي بَــلَــدٍ شَــفَّــنِــي هَــوَى عَـرَبِـهْ
شَـــيَّـــدَهُ لِـــلْـــعُـــلُـــومِ مَـــدْرَسَــةً
مَــنْ كَــانَ نَـشْـرُ الْـعُـلُـومِ مِـنْ دَأَبِـهْ
قَــدْ غَــرَّدَ الْــمَــجْــدُ فِـي جَـوَانِـبِـهِ
فَـاهْـتَـزَّ عِـطْـفُ الْـفَـخَـارِ مِـنْ طَرَبِهْ
وَأَصْــبَــحَ الْــعِــلْــمُ فِــيـهِ مُـزْدَهِـرًا
بِــكُــلِّ ذَاكِــي الــذَّكَــاءِ مُــلْــتَـهِـبِـهْ
بِــمِــثْــلِــهِ فِــي الْــبِــلَادِ قَــاطِــبَــةً
يُـشْـفَـى عَـقُـورُ الـزَّمَـانِ مِـنْ كَـلَـبِـهْ
أَضْـحَـتْ فِـلَـسْـطِـيـنُ مِـنْـهُ مُـمْرِعَةً
مُـذْ جَـادَهَـا بِـالْـغَـزِيـرِ مِـنْ سُـحُـبِـهْ
تَـــاهَـــتْ بِـــهِ إِيـــلِـــيَــاءُ فَــاخِــرَةً
عَــلَــى دِمَــشْــقِ الــشَّآمِ أَوْ حَــلَـبِـهْ
شُـــكْـــرًا لِــبَــانِــيــهِ مَــا أَقَــامَ بِــهِ
شُــبَّــانُــهُ الْــقَــاطِـنُـونَ فِـي قُـبَـبِـهْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المنسرح
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤