إِلَى الْعُمَّالِ

Wave Image
كُــلُّ مَــا فِــي الْـبِـلَادِ مِـنْ أَمْـوَالِ
لَــيْــسَ إِلَّا نَــتِــيــجَــةَ الْأَعْــمَـالِ
إِنْ يَـطِـبْ فِـي حَيَاتِنَا الِاجْتِمَاعِيَّـ
ـةِ عَــيْــشٌ فَــالْـفَـضْـلُ لِـلْـعُـمَّـالِ
وَإِذَا كَـــانَ فِـــي الْـــبِـــلَادِ ثَــرَاءٌ
فَــبِــفَــضْــلِ الْإِنْــتَــاجِ وَالْإِبْـدَالِ
نَـحْـنُ خَـلْـقُ الْـمُـقَـدَّرَاتِ وَفِـيـهَـا
لَا حَــيَــاةٌ لِــلْـعَـاطِـلِ الْـمِـكْـسَـالِ
عِـنْـدَنَـا الْـيَـوْمَ فِـي الْـحَيَاةِ نِظَامٌ
قَــدْ حَــوَى كُــلَّ بَـاطِـلٍ وَمُـحَـالِ
حَـيْـثُ يَـسْعَى الْفَقِيرُ سَعْيَ أَجِيرٍ
لِـــغَــنِــيٍّ مُــسْــتَأْثِــرٍ بِــالْــغِــلَالِ
فَـتَرَى الْمُكْثِرِينَ فِي طِيبِ عَيْشٍ
أَرْغَـــدَتْـــهُ لَـــهُـــمْ يَـــدُ الْإِقْــلَالِ
وَتَرَى الْغَائِصِينَ فِي الْبَحْرِ أَمْسَى
لِـسِـوَاهُـمْ مَـا أَخْـرَجُـوا مِـنْ لَآلِي
وَتَـرَى الْـمُـعْـسِـرِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ
كَــعَــبِـيـدٍ وَالْـمُـوسِـرِيـنَ مَـوَالِـي
أَكْــثَـرُ الـنَّـاسِ يَـكْـدَحُـونَ لِـقَـوْمٍ
قَـعَـدُوا فِـي قُـصُـورِهِمْ وَالْعَلَالِي
وَاحِـدٌ فِـي الـنَّـعِـيـمِ يَـلْـهُو وَأَلْفٌ
فِــي شَــقَــاءٍ وَأَبْــؤُسٍ وَاعْـتِـلَالِ
حَــالَـةٌ فِـي مَـعَـاشِـنَـا أَسْـلَـكَـتْـنَـا
طُــرُقَــاتِ الْـمُـخَـاتِـلِ الْـمُـحْـتَـالِ
فَـتَـرَانَـا بَـعْـضًـا لِـبَـعْـضٍ لَـبِـسْـنَـا
مِـنْ خِـيَـانَـاتِـنَـا مُـسُـوحَ الـثَّعَالِي
تِـلْـكَ عَـادٌ مُـسْـتَـهْـجَـنَـاتٌ وَرِثْـنَا
هَـا قَـدِيـمًـا مِـنَ الْعُصُورِ الْخَوَالِي
فَإِلَـى كَـمْ نَـشْـقَـى وَحَـتَّـامَ نَبْقَى
هَــكَــذَا فِــي عَــمَــايَــةٍ وَضَــلَالِ
إِنَّـمَـا الْـحَـقُّ مَـذْهَـبُ الْإِشْـتِرَاكِيَّـ
ـةِ فِــيــمَــا يَــخْــتَـصُّ بِـالْأَمْـوَالِ
مَــذْهَــبٌ قَــدْ نَـحَـا إِلَـيْـهِ أَبُـو ذَرٍّ
قَــدِيــمًــا فِــي غَــابِــرِ الْأَجْــيَـالِ
لَـيْـسَ فَضْلُ الزَّكَاةِ فِي الشَّرْعِ إِلَّا
خُـطْـوَةً نَـحْـوَ مُـبْـتَـغَـاهُ الْـعَـالِـي
مَــبْــدَأٌ ذُو مَــقَــاصِــدٍ ضَـامِـنَـاتٍ
مَــا لِأَهْــلِ الْــحَــيَــاةِ مِــنْ آمَــالِ
مُـوصِـلَاتٍ إِلَـى السَّعَادَةِ فِي الْعَيْـ
ـشِ هَـوَادٍ إِلَـى طَـرِيـقِ الـتَّـعَـالِي
لَـيْـسَ لِـلْـمَـرْءِ أَنْ يَـعِـيـشَ بِـلَا كَـ
ـدٍّ وَإِنْ كَـانَ مِـنْ عِـظَـامِ الـرِّجَـالِ
كُـلُّ مَـجْـدٍ يُـبْـنَى عَلَى غَيْرِ سَعْيٍ
فَــهْــوَ مَــجْــدٌ مُــهَــدَّدٌ بِــالـزَّوَالِ
لَـيْـسَ قَـدْرُ الْـفَتَى مِنَ الْعَيْشِ إِلَّا
قَــدْرَ إِنْـتَـاجِ سَـعْـيِـهِ الْـمُـتَـوَالِـي
مَــــــا رُءُوسُ الْأَمْـــــوَالِ إِلَّا أَدَاةٌ
لِـلْـمَـسَـاعِـي كَـالْـحَـبْـلِ لِـلْأَحْـمَالِ
مِـثْـلُ شَـدِّ الْأَحْمَالِ شَدُّ الْمَسَاعِي
وَدَنَــانِــيــرُهَــا لَــهَــا كَــالْـحِـبَـالِ
صَـاحِ مَـاذَا تُـجْـدِي الـدَّنَـانِيرُ لَوْلَا
هِـمَـمُ الـدَّائِـبِـيـنَ فِـي الْأَشْـغَـالِ؟
أَفَــتَأْتِــي مِــنَ الــطَّـعَـامِ بَـدِيـلًا؟
أَفَــتُــغْـنِـي عَـنْ كِـسْـوَةٍ وَنِـعَـالِ؟
حَــاجَــةُ الْــمَــرْءِ أَكْــلَــةٌ وَكِـسَـاءٌ
وَسِـوَى ذَاكَ بَـسْـطَـةٌ فِـي الْـكَمَالِ
إِنَّ لِـلْـعَـيْـشِ حَـوْمَـةً فِـي وَغَـاهَا
لَا تَــحِــقُّ الْــحَــيَــاةُ لِــلْــبَــطَّـالِ
إِنَّـهَـا مِـثْـلُ حَـوْمَـةِ الْـحَرْبِ مَا دَا
رَتْ رَحَــاهَــا إِلَّا عَــلَــى الْأَبْـطَـالِ
وَسِـوَى الْـحِـذْقِ مَا بِهَا مِنْ سِلَاحٍ
وَسِـوَى الْـكَـدِّ مَـا بِـهَـا مِـنْ قِـتَـالِ
بَـطَـلُ الْـحَـرْبِ مِـثْـلُـهُ بَطَلُ السَّعْـ
ـيِ وَمِـنْـهُ الْأَعْـمَـالُ مِـثْلُ الصِّيَالِ
وَنَـشَـاطٌ مِـنْـهُ بِـبِـيـضِ الْمَسَاعِي
مِــثْــلُ إِشْـرَاعِـهِ لِـسَـلِّ الْـعَـوَالِـي
أَيُّــهَــا الْــعَــامِــلُــونَ إِنَّ اتِّــحَـادًا
بَـيْـنَـكُـمْ مُـرْخِـصٌ لَـكُـمْ كُـلَّ غَالِ
مَـا لِـعَـيْـشٍ تَـشْـقَـوْنَ فِـيهِ سَقَامًا
بِـــسِـــوَى الِاتِّــحَــادِ مِــنْ إِبْــلَالِ
فَـلْـيَـكُـنْ بَـعْـضُـكُمْ لِبَعْضٍ نَصِيرًا
وَمُــعِــيــنًــا لَــهُ عَــلَـى كُـلِّ حَـالِ
وَإِذَا قُــلْــتُ إِنَّــكُــمْ أَنْــتُــمُ الــنَّـا
سُ جَــمِـيـعًـا فَـلَا أَكُـونُ مُـغَـالِـي
فَـاعْـمَـلُـوا دَائِـبِـيـنَ غَـيْـرَ كَسَالَى
وَارْقُـبُـوا مَـا بِـهِ سَـتَأْتِـي الـلَّيَالِي
ثُـمَّ قُـولُـوا مَـعِي مَقَالًا رَفِيعَ الصَّـ
ـوْتِ: فَــلْــتَــحْـيَ زُمْـرَةُ الْـعُـمَّـالِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤