جَاءَ الرَّبِيعُ وَاطَّبَاكَ الْمَرْعَى

Wave Image
جَــاءَ الــرَّبِــيــعُ وَاطَّــبَــاكَ الْـمَـرْعَـى
وَاسْـتَـنَّـتِ الْـفِـصَـالُ حَـتَّـى الْـقَـرْعَى
مِــنْ بَــعْــدِ مَــا جَــاهَـدْتُ قُـرًّا بِـدْعَـا
يَــجُــدُّ أَخْــلَافَ الْــعِــشَــارِ قَــطْــعَــا
قَــالَــتْ سُـلَـيْـمَـى وَالْـكَـرِيـمُ يَـنْـعَـى
لَــوْ كُــنْـتَ مَـجْـدُودًا لَـبِـعْـتَ الـدِّرْعَـا
تَـــبْــغِــي بِــذَاكَ لِــلْــعِــيَــالِ نَــفْــعَــا
كَــيْــفَ أُلَاقِــي الْــحَـرْبَ يَـوْمَ أُدْعَـى
لِأَمْـــنَـــعَ الــسِّــرْبَ لُــيُــوثًــا فُــدْعَــا
أَلَـــمْ تَـــرَيْــهَــا كَــالــسَّــرَابِ لَــمْــعَــا
تَــغُــرُّ فِــي الْـقَـيْـظِ الْـعُـيُـونَ خَـدْعَـا
كَــالــنَّــقْـعِ وَالْـخَـيْـلُ تُـثِـيـرُ الـنَّـقْـعَـا
كَــادَ الْــفَــتَــى يَــعُـبُّ فِـيـهَـا جَـرْعَـا
يَـحْـسَـبُـهَـا تَـسْـعَـى وَلَـيْـسَـتْ تَسْعَى
كَـمَـا تَـسِـيـرُ فِـي الْـكَـثِـيـبِ الْأَفْـعَـى
ضِـــقْـــتِ بِأَحْـــدَاثِ الــزَّمَــانِ ذَرْعَــا
لَا وَالَّـــذِي أَطْـــبَـــقَـــهُـــنَّ سَـــبْـــعَــا
لَا أَشْــتَــرِي بِــالــسَّـرْدِ يَـوْمًـا ضَـرْعَـا
أَأَتْـــرُكُ الــرَّجْــعَ وَأَبْــغِــي الــرَّجْــعَــا
مِــثْــلَ غَـدِيـرِ الْـحَـزْنِ جِـيـدَ شَـفْـعَـا
وَافَــى جَــنُــوبًــا أَوْ شَــمَــالًا مِـسْـعَـا
رَدَّ شَـــبَــا الــنَّــبْــعِ وَخِــيــلَ نَــبْــعَــا
جِيبَتْ عَلَى ذِي السَّمْعِ يَحْكِي السِّمْعَا
فِــي الـطَّـبْـعِ مِـنْـهَـا أَنْ تُـظَـنَّ طِـبْـعَـا
كَـالـثَّـغْـبِ أَعْـطَـتْـهُ الـسُّـيُـولُ جَـرْعَـا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: مشطور السريع
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤