الْمُجْرِمُ

Wave Image
يَــرَى الــنَّــاسُ أَنَّ الـنَّـوْمَ أُمٌّ رَحِـيـمَـةٌ
وَلَــكِــنَّ نَــوْمَ الْــجَــارِمِــيــنَ عِــقَــابُ
يَــسُـلُّ عَـلَـيَّ الْـحُـلْـمُ أَسْـيَـافَ نِـقْـمَـةٍ
فَأَحْــلَامُ نَــوْمِـي كَـالْـجَـحِـيـمِ عَـذَابُ
وَكَـمْ هَـدَّ مِـنْ عَـزْمٍ صَـلِـيـبٍ عَـذَابُـهَـا
وَشَـــيَّــبَ وُرَّادَ الــذُّنُــوبِ فَــشَــابُــوا
فَـيَـا بَـلْـسَـمَ الْأَحْـزَانِ أَصْـبَـحْتَ عَوْنَهَا
عَــلَــيَّ فَــبُــطْــلٌ مَــا وَعَــدْتَ كِــذَابُ
أَمَـا يَـهْـرُبُ الْـمِـسْـكِينُ فِيكَ مِنَ الْأَذَى
فَـــيُـــسْــكِــرَهُ مِــمَّــا تَــدُوفُ شَــرَابُ
شَـرَابٌ مِـنَ الـنِّـسْـيَـانِ يَـحْـلُـو لِـذَائِـقٍ
لَــهُ مِــنْ وَمِــيــضِ الــنَّـيِّـرَاتِ حُـبَـابُ
يَــبِـيـتُ فَـلَا وَقْـعُ الـصُّـرُوفِ بِـكَـارِثٍ
وَلَا تَــــزْدَهِـــيـــهِ عَـــزْمَـــةٌ وَطِـــلَابُ
وَمَــا الْـعَـيْـشُ إِلَّا نَـوْمَـةٌ رَاعَ حُـلْـمُـهَـا
وَوَقْـــعُ سُـــؤَالٍ مَــا عَــلَــيْــهِ جَــوَابُ
وَغَــيَّــرَنِــي عَــمَّــا عَــهِـدْتُ جَـرَائِـرِي
فَــلَــيْـسَ إِلَـى الْـحَـالِ الْـقَـدِيـمِ إِيَـابُ
فَـلَا تَـحْـسَـبَـنَّ الـشَّـرَّ يُـمْـحَـى بِـتَـوْبَـةٍ
وَإِنْ غَــفَــرَ الْــجُـرْمَ الْـعَـظِـيـمَ مَـتَـابُ
كَــذَلِــكَ فِـعْـلُ الـطِّـبِّ يَـشْـفِـي دَوَاؤُهُ
فَــيُـحْـمَـدُ مِـنْ مَـرْأَى الـسَّـقَـامِ ذَهَـابُ
وَلَـكِـنَّ بَـعْـضَ الضَّعْفِ فِي الْمَرْءِ كَامِنٌ
وَإِنْ حَـــسُـــنَـــتْ حَــالٌ وَرَاقَ إِهَــابُ
وَرَوَّعَ عَـــنِّــي الْــوِزْرُ كُــلَّ مُــحَــبَّــبٍ
فَــقَــدْ بَــانَ أَحْــبَــابٌ وَفَــاتَ شَـبَـابُ
وَقَـدْ غَـابَ بِـشْـرُ الـنَّاسِ عَنِّي وَأُنْسُهُمْ
كَأَنِّــي عَــلَــى ضَـوْءِ الـنَّـهَـارِ سَـحَـابُ
أَلُـوحُ فَيَبْدُو الْخَوْفُ فِي وَجْهِ مُبْصِرِي
كَأَنِّـــيَ سَـــيْـــفٌ وَالـــرِّقَـــابُ قِــرَابُ
أَوَ انَّ دِمَــاءَ الْــهَــالِــكِــيـنَ جَـعَـلْـتُـهَـا
عَـلَـى رَاحَـتِـي مِـمَّـا سَـفَـكْـتُ خِـضَابُ
وَيَـسْـكُـتُ عَـنِّـي الـنَّاسُ سِكْتَةَ مُبْغِضٍ
فَــمَــا لِــي لَـدَيْـهِـمْ إِنْ دَعَـوْتُ جَـوَابُ
وَلَا أُنْـــسَ إِلَّا أَنْ يَـــكُــونَ مَــخَــافَــةً
عَــلَــى أَنَّــهُــمْ مِــمَّـا يُـخَـافُ غِـضَـابُ
فَــبَــيْــنِـي وَبَـيْـنَ الْـخَـوْفِ وُدٌّ وَأُلْـفَـةٌ
وَبَــيْــنِـي وَبَـيْـنَ الْـعَـالَـمِـيـنَ حِـجَـابُ
وَيَـلْـحَـظُـنِـي الْـمَـغْـرُورُ لَـحْـظَةَ جَاهِلٍ
يُـــسَـــرُّ بِـــمَـــا أُرْمَـــى بِـــهِ وَأُعَـــابُ
رَجَــوْتُ مِــنَ الْإِجْــرَامِ نَــفْــعًـا وَإِنَّـمَـا
هَــوَاهُ مِــنَ الْــفِـعْـلِ الْـحَـمِـيـدِ ثَـوَابُ
وَلَـوْ لَـمْ يَـجِـدْ فِـي الْـخَـيْـرِ نَفْعًا لَعَافَهُ
وَأَصْــبَــحَ يُــخْــشَــى شَــرُّهُ وَيُــهَـابُ
وَإِنَّ رُوَاءَ الـــطُّــهْــرِ حِــيــلَــةُ مَــاكِــرٍ
يُــصِــيــبُ بِــهَـا مِـنْ عَـيْـشِـهِ وَيُـثَـابُ
وَإِنْ يَــلْـقَ مَـا لَاقَـيْـتُ أَصْـبَـحَ خَـيْـرُهُ
ضَــئِــيــلًا وَقَــالَ الْـقَـائِـلُـونَ وَعَـابُـوا
يُــوَاقِـعُ كُـلُّ الـنَّـاسِ بِـالْـفِـكْـرِ شَـرَّهُـمْ
وَقَــدْ عَــابَــنِــي أَنِّـي جَـرُؤْتُ وَهَـابُـوا
وَكَـمْ حَـدَّثَـتْ بِـالـشَّـرِّ ذَا الْـخَـيْرِ نَفْسُهُ
وَذَاكَ حَــدِيــثٌ مَــا عَــلَــيْــهِ عِــقَــابُ
وَلَــكِــنَّـهُ فِـي الـنَّـفْـسِ إِثْـرٌ يَـشُـوبُـهَـا
وَكُــلُّ ضَــمِــيــرٍ بِــالْــمَـعِـيـبِ يُـشَـابُ
ظَـمِـئْـنَـا فَـخِلْنَا الشَّرَّ فِي الْعَيْشِ مَنْهَلًا
وَلَـــكِـــنَّ وِرْدَ الْـــجَــارِمِــيــنَ سَــرَابُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤