الْحَيَاةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ وَالتَّعَاوُنُ

Wave Image
يَـعِيشُ النَّاسُ فِي حَالِ اجْتِمَاعِ
فَـتَـحْـدُثُ بَـيْـنَـهُـمْ طُرُقُ انْتِفَاعِ
وَتَــكْــثُـرُ لِـلـتَّـعَـاوُنِ وَالـتَّـفَـادِي
عَـلَـى الْأَيَّـامِ بَـيْـنَـهُـمُ الـدَّوَاعِـي
وَلَـوْ سَـارُوا عَـلَـى طُـرُقِ انْـفِرَادٍ
لَــمَـا كَـانُـوا سِـوَى هَـمَـجٍ رِعَـاعِ
رَأَيْـتُ الـنَّـاسَ كَـالْـبُـنْـيَانِ يَسْمُو
بِأَحْــجَــارٍ تُــسَــيَّــعُ بِــالـسِّـيَـاعِ
فَـيُـمْـسِـكُ بَـعْـضُهُ بَعْضًا فَيَقْوَى
وَيَـمْـنَـعُ جَـانِـبَـيْـهِ مِـنَ التَّدَاعِي
كَـذَاكَ الـنَّـاسُ مِـنْ عَـجَمٍ وَعُرْبٍ
جَــمِــيــعًــا بَــيْـنَ مَـرْعِـيٍّ وَرَاعِ
قَـدِ اشْـتَـبَـكَـتْ مَـصَالِحُهُمْ فَكُلٌّ
لِـكُـلٍّ فِـي مَـجَـالِ الْـعَـيْشِ سَاعِ
وَلَـوْلَا سَـعْـيُ بَـعْـضِـهُـمُ لِـبَـعْضٍ
لَـعَـاشُـوا عَـيْـشَ عَـادِيَـةِ السِّبَاعِ
إِذَا رَبُّ الْــحُــسَــامِ ثَـنَـاهُ عَـجْـزٌ
تَـــدَارَكَ عَـــجْـــزَهُ رَبُّ الْــيَــرَاعِ
وَإِنْ قَــلَــمُ الْأَدِيــبِ عَــرَاهُ زَيْـغٌ
تَـلَافَـى زَيْـغَـهُ سَـيْـفُ الـشُّـجَاعِ
وِإِنْ صَــفِـرَتْ يَـدٌ مِـنْ رَيْـعِ زَرْعٍ
أُعِــيــدَ ثَــرَاؤُهَــا بِــيَــدٍ صَـنَـاعِ
بِـذَاكَ قَـضَـى اجْتِمَاعُ النَّاسِ لَمَّا
أَنِ اعْـتَـصَـمُـوا بِـحَبْلِ الْإِجْتِمَاعِ
يُسَانِدُ بَعْضُهُمْ فِي الْعَيْشِ بَعْضًا
مُــسَــانَــدَةَ ارْتِــفَــاقٍ وَانْـتِـفَـاعِ
فَـتَـعْـلُـو فِـي دِيَـارِهُـمُ الْـمَـبَانِي
وَتُـخْـصِـبُ فِي بِلَادِهِمُ الْمَرَاعِي
وَتَـسْـتَـعْـلِي الْحَيَاةُ بِهِمْ فَتُمْسِي
مِـنَ الْـعَـيْـشِ الـرَّغِيدِ عَلَى يَفَاعِ
وَمَــــا مَـــدَنِـــيَّـــةُ الْأَقْـــوَامِ إِلَّا
تَـعَـاوُنُـهُـمْ عَـلَـى غُـرِّ الْـمَـسَاعِي
وَلَـمْ يَـصْـلُـحْ فَـسَـادُ الـنَّـاسِ إِلَّا
بِـمَـالٍ مِـنْ مَـكَـاسِـبِـهِـمْ مُـشَـاعِ
تُـشَـادُ بِـهِ الْـمَـلَاجِـئُ لِـلْـيَـتَـامَى
وَتُــمْــتَـارُ الْـمَـطَـاعِـمُ لِـلْـجِـيَـاعِ
وَتُــبْــنَــى لِــلْــعُــلُـومِ بِـهِ مَـبَـانٍ
تُـفِـيـضُ الْـعِـلْـمَ مُـؤْتَلِقَ الشُّعَاعِ
وَإِلَّا فَــالــشَّــقَــاءُ لَـهُـمْ حَـلِـيـفٌ
وَمَـا حَـمْـلُ الـشَّـقَـاءِ بِـمُسْتَطَاعِ
•••
وَمِــمَّــا سَــرَّنِــي أَنِّــي أُنَــاجِــي
رِجَـالًا فِـي الْـفَـخَارِ ذَوِي ابْتِدَاعِ
سَـعَـوْا لِـحِـمَـايَـةِ الْأَطْـفَـالِ مِـنَّا
بِــمَــا أُوتُـوهُ مِـنْ كَـرَمِ الـطِّـبَـاعِ
فَـقَـامُـوا بِـالَّـذِي يُـعْـلِـي وَيُسْلِي
يَـصُـونُـونَ الضِّعَافَ مِنَ الضَّيَاعِ
وَمَـا هَـذِي الْـحَـيَاةُ سِوَى صِرَاعٍ
يَــتِــمُّ بِــفَــوْزِ مَـفْـتُـولِ الـذِّرَاعِ
وَمَـا سَـادَتْ شُـعُـوبُ الْـخَـلْقِ إِلَّا
بِـتَـهْـيِـئَـةِ الْـبَـنِـيـنِ لِـذَا الـصِّرَاعِ
إِذَا لَــمْ يُــعْــنَ بِــالْأَطْـفَـالِ قَـوْمٌ
فَـهَـضْـبَةُ مَجْدِهِمْ رَهْنُ انْصِدَاعِ
وَلَا تَـزْكُـو الْـمَـنَـاشِـئُ فِي أُنَاسٍ
يَـرَوْنَ الـطِّـفْـلَ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ
وَمَـا هَـاجَ الْـعَـوَاطِـفَ فِـي فُؤَادٍ
كَـحَـالِ الـطِّفْلِ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ
فَــشُــكْــرًا لِـلْـكِـرَامِ وَكُـلَّ شُـكْـرٍ
لِـمَـنْ عَـضَـدُوا الْـكِـرَامَ بِـمَدِّ بَاعِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤