بَدَاعَةٌ لَا خَلَاعَةٌ

Wave Image
مَــثَــلَــتْ فِــي دَلَالِــهَــا عُـرْيَـانَـة
فَأَرَتْــنِــي مَــحَــاسِــنًــا فَــتَّــانَــة
حَـيْـثُ طَـارَحْـتُـهَـا الْـغَـرَامَ بِـبَيْتٍ
بِــالْــمَــرَايَــا قَـدْ زَوَّقُـوا جُـدْرَانَـهْ
فَــكَأَنِّــي وَقَــدْ نَــظَــرْتُ لِــمَــعْـرَا
هَـا مِـنَ الـنُّـورِ مُـبْـصِـرٌ أُسْـطُـوَانَة
وَتَــجَـلَّـى خَـيَـالُـهَـا فِـي الْـمَـرَايَـا
حَــاكِــيًــا مِــنْ جَـمَـالِـهَـا أَعْـيَـانَـهْ
فَــتَأَمَّـلْـتُ فِـي تَـقَـاطِـيـعِ جِـسْـمٍ
جَــعَــلَ الْــحُــسْـنَ كُـلَّـهُ عُـنْـوَانَـهْ
ظَـلْـتُ أَرْنُـو إِلَـى الْـجَـمَـالِ بِـعَـيْنٍ
تَــشْــتَــهِــيــهِ وَتَـتَّـقِـي هِـجْـرَانَـهْ
فَأُرِيـــهَــا مِــنَ الْــغَــرَامِ فُــنُــونًــا
وَتُــرِيـنِـي مِـنْ حُـسْـنِـهَـا أَفْـنَـانَـهْ
ثُــمَّ أَسْــلَـمْـتُ لِـلْـمَـلِـيـحَـةِ قَـلْـبًـا
أَوْجَـبَ الْـحُـسْـنُ بِـالْـهَـوَى إِيـمَانَهْ
وَتَـقَـحَّـمْـتُ مَـوْهِـجَ الْـحُـبِّ حَتَّى
أَصْـبَـحَ الْـقَـلْـبُ صَـالِـيًـا مَـعْمَعَانَهْ
•••
هَـاكَ مِنْ وَصْفِهَا وَإِنْ شِئْتَ فَاعْذِرْ
أَوْ فَــلُــمْ مُـمْـلِـكَ الْـغَـرَامِ عِـنَـانَـهْ
هِــيَ غَــمَّــازَةُ الــلِّــحَــاظِ لَـعُـوبٌ
ذَاتُ دَلٍّ ظَـــرِيـــفَـــةٌ لَـــحَّـــانَـــة
بَــضَّــةٌ فَــعْــمَــةٌ لَــمِــيــسٌ رَدَاحٌ
غَـــادَةٌ أَحْـــوَرِيَّـــةٌ بَـــهْـــنَـــانَـــة
نَـاهِـدُ الـنَّـوْدَلَـيْـنِ مَحْطُوطَةُ الْمَتْـ
ـنَــيْــنِ خَــوْدٌ رَجْــرَاجَـةٌ وَرْكَـانَـة
خَـدْلَـةٌ سَـاقُـهَـا، مُـهَـفْـهَـفَةُ الْخَصْـ
ـرِ كَـــعَــابٌ بَــرَّاقَــةٌ سَــيْــفَــانَــة
ذَاتُ وَجْـــــهٍ كَأَنَّـــــهُ بَــــدْرُ تِــــمٍّ
وَقَــــوَامٍ كَأَنَّــــهُ خُـــوطُ بَـــانَـــة
لَـوْ رَآهَـا كِـسْـرَى الْـمُـلُـوكِ لَـخَـلَّـى
مُـــلْـــكَــهُ تَــارِكًــا لَــهَــا إِيــوَانَــهْ
عَــقَـصَـتْ شَـعْـرَهَـا وَقَـدْ زَيَّـنَـتْـهُ
بِــحُــلًــى مِــنْ نَــقَـارِسٍ مُـزْدَانَـة
فَـحَـكَـى شَـعْرُهَا عَلَى الرَّأْسِ تَاجًا
وَحَــكَــتْ فِـي جَـلَالِـهَـا خَـاقَـانَـهْ
وَتَــدَلَّــى قُــرْطٌ بِــسَــالِــفَــتَـيْـهَـا
رُصِّــعَــتْ فِـيـهِ مَـاسَـةٌ بِـجُـمَـانَـة
فَـحَـكَـى قُـرْطُـهَـا بِـقُـرْبِ الْـمُـحَيَّا
زُهْــرَةَ الْــجَــوِّ قَـارَنَـتْ زِبْـرِقَـانَـهْ
وَأَظَــلَّــتْ جَـبِـيـنَـهَـا وَهْـوَ صُـبْـحٌ
طُـــرَّةٌ غَـــيْــهَــبِــيَّــةٌ فَــيْــنَــانَــة
فَــكَأَنَّ الْــجَــبِــيــنَ بَـاقَـةُ نِـسْـرِيـ
ـنٍ تَــدَلَّـتْ مِـنْ فَـوْقِـهَـا رَيْـحَـانَـة
•••
وَقَــفَــتْ لِــي عُــرْيَـانَـةً فَـتَـقَـدَّمْـ
ـتُ إِلَــيْــهَــا بِــذِلَّــةٍ وَاسْــتِـكَـانَـة
فَــتَــمَــشَّــتْ تَــخَــلُّــعًـا وَتَـثَـنَّـتْ
وَتَـــلَـــوَّتْ كَأَنَّـــهَـــا خَـــيْــزُرَانَــة
ثُـــمَّ صَـــدَّتْ فَأَدْبَــرَتْ عَــنْ دَلَالٍ
ثُـمَّ عَـادَتْ فَأَقْـبَـلَـتْ عَـنْ مَـجَـانَة
وَلَـــقَـــدْ رَاعَـــنِـــي وَزَادَ فُــؤَادِي
وَلَــهًــا مَــا رَأَيْـتُ تَـحْـتَ الْـمَـانَـة
رَكَـبًـا كَـعْـثَـبًـا عَـضُـوضًـا مَصُوصًا
نَـــاشِـــزًا ذَا بَــضَــاضَــةٍ وَرَزَانَــة
مُـشْـرِفَ الـسَّطْحِ رَابِئًا ذَا انْتِصَابٍ
حَــامِـيَ الْـجَـوْفِ ضَـنْـكَـهُ رَيَّـانَـهْ
قَـدْ حَـكَـى كَـوْمَةً مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْـ
ـبِ وَإِنْ كَــانَ فَــائِــقًــا أَثْــمَــانَــهْ
نِـعْـمَـةُ الْـعَـيْـشِ أَتْـرَفَـتْـهُ وَأَخْـلَتْ
أَسْــكَــتَــيْـهِ مِـنَ الْأَذَى وَعِـجَـانَـهْ
عَـطِـرُ الـرِّيـحِ قَـدْ تَـشَـمَّـمْـتُ مِـنْهُ
إِذْ تَــشَــمَّــمْــتُــهُ شَـذَا أُقْـحُـوَانَـة
وَشَـرِبْـتُ الـرَّحِـيـقَ وَهْـوَ تُـجَاهِي
جَــاثِــمٌ فَــاتَّــخَــذْتُــهُ فِــنْـجَـانَـهْ
لَــوْ رَآهُ الْــعِـنِّـيـنُ يَـوْمًـا لَأَمْـسَـى
مُــبْــرَءًا مِــنْ رَخَــاوَةٍ وَعَــنَــانَــة
•••
شَـغَـفَـتْـنِـي تِـلْـكَ الْـمَـلِـيحَةُ حَتَّى
عَـلَـمَّـتْـنِـي بِـكْـرَ الْـهَـوَى وَعَـوَانَـهْ
سَـلِـسَـتْ فِـي انْقِيَادِهَا بَعْدَ أَنْ قَدْ
أَظْــهَـرَتْ لِـي تَـمَـنُّـعًـا وَحَـصَـانَـة
فَــدَعَــتْـنِـي إِلَـى الْـكِـفَـاحِ بِـغَـمْـزٍ
كَــرَّرَتْــهُ مِـنْ عَـيْـنِـهَـا الْـوَسْـنَـانَـة
فَــتَــعَــرَّيْــتُ مِـثْـلَـهَـا ثُـمَّ أَشْـرَعْـ
ـتُ إِلَــى الـطَّـعْـنِ صَـعْـدَةً مُـرَّانَـة
فَــرَمَــتْ كَـفَّـهَـا عَـلَـى ذَلِـكَ الـدَّوْ
سَــرِ كَـيْـمَـا تَـشُـوصَـهُ بِـالْـبَـنَـانَـة
وَغَــدَتْ فِــي تَـجَـضُّـمٍ وَاعْـتِـلَاجٍ
بِـــشِـــفَـــاهٍ وَرْدِيَّــةٍ غَــيْــسَــانَــة
وَاضِــعًــا فَـايَ فَـوْقَ فِـيـهَـا وَكُـلٌّ
قَـدْ أَمَـصَّ الـضَّـجِـيـعَ مِـنْـهُ لِسَانَهْ
فَـالْـتَـصَـقْـنَـا صَـدْرًا بِـصَدْرٍ وَبَطْنًا
فَــوْقَ بَــطْـنٍ وَعَـانَـةً فَـوْقَ عَـانَـة
فَــغَــدَتْ فِــي ارْتِـهَـازِهَـا تَـتَـلَـكَّـا
بِـــكَـــلَامٍ لَا تَــسْــتَــتِــمُّ بَــيَــانَــهْ
ثُـمَّ قَـالَـتْ وَقَـدْ ذَوَتْ مُـقْـلَـتَـاهَـا
وَشَــكَـتْ مِـنْ فُـؤَادِهَـا خَـفَـقَـانَـهْ
أَطْـعَـنُ الـطَّاعِنِينَ لِلضَّادِ مَنْ بِالضَّـ
ـادِ قَـــدْ أَنْــطَــقَ الْإِلَــهُ لِــسَــانَــهْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤