أَغْدِقْ عَلَيْهَا سَحَابَا

Wave Image
أَغْـدِقْ عَـلَـيْـهَـا سَـحَـابَـا
وَامْــلَأْ مَــدَاهَــا شَـبَـابَـا
وَافْتَحْ عَلَى النَّاسِ فِيهَا
لِــلْــخَــيْــرِ بَــابًـا فَـبَـابَـا
جُـزْتَ الـطَّرِيقَ فَصَارَتْ
تِــبْــرًا وَكَــانَــتْ تُــرَابَــا
الْــيُــمْـنُ يَـحْـدُو ذَهَـابًـا
وَالـسَّـعْـدُ يَـشْـدُو إِيَـابَـا
وَالـنَّـخْلُ مَاسَتْ وَمَالَتْ
تَــشَــوُّقًــا وَاجْــتِــذَابَــا
قَـدْ هَـزَّهَـا الشَّوْقُ حَتَّى
كَـادَتْ تُـجَـارِي الـرِّكَـابَـا
•••
وَالـزَّهْـرُ يَـنْـضَـحُ عِـطْرًا
بَــيْــنَ الــرُّبَــى وَمَــلَابَـا
لَــهُ ابْــتِــسَــامُ حَـبِـيـبٍ
أَنْـسَـى الْـمُـحِـبَّ الْعِتَابَا
يَــرْنُـو فَـيُـرْخِـي حَـيَـاءً
مِــنَ الْــكِــمَــامِ نِــقَــابَـا
رَأَى شَــبَــابًــا وَضِــيـئًـا
عَــمَّ الْــقُـرَى وَالـرِّحَـابَـا
رَأَى خَــــلَائِــــقَ زُهْـــرًا
كَـالْـمِـسْكِ طَابَتْ وَطَابَا
•••
تَــطَــامَــنَـتْ هَـضَـبَـاتٌ
مَــاذَا أَصَـابَ الْـهِـضَـابَـا
كَـانَـتْ تُـسَـامِـي الـثُّـرَيَّا
وَالْـيَـوْمَ تَـحْـنِـي الرِّقَابَا
رَأَتْ جَـــلَالًا مَـــهِــيــبًــا
فَــمَــا وَنَــتْ أَنْ تَــهَـابَـا
وَهَــالَــهَــا مِــنْــكَ عَـزْمٌ
لَـوْ لَامَـسَ الـصَّـخْـرَ ذَابَا
•••
وَالْـبَـحْـرُ يَـدْنُـو وَيَـعْـلُو
تَـــطَــلُّــعًــا وَارْتِــقَــابَــا
لَـــمَّــا تَــلَــقَّــاكَ قُــلْــنَــا
لَاقَـى الْـعُـبَـابُ الْـعُـبَـابَا
«فَـارُوقُ» أَعْـظَـمُ نَـفْسًا
مِــنْـهُ وَأَسْـخَـى جَـنَـابَـا
يُـزْجِـي الـسَّـحَـابَ ثِقَالًا
وَأَنْــتَ تُـزْجِـي الـرِّغَـابَـا
•••
وَالـنِّـيـلُ يَـنْـسَـابُ تِـيهًا
بَـيْـنَ الْـمُـرُوجِ انْـسِـيَـابَا
كَـالْـخَـوْدِ ضَـمَّـتْ ثِـيَـابًا
عُــجْـبًـا وَأَرْخَـتْ ثِـيَـابَـا
صَــفَــا لُــجَــيْـنًـا نَـقِـيًّـا
وَمَـــاجَ تِـــبْــرًا مُــذَابَــا
أَلْـقَـى الـدَّرَاهِـمَ بُـشْـرَى
بِــكُــمْ فَـكَـانَـتْ حَـبَـابَـا
تَــوَثَّــبَ الْــمَــوْجُ فِــيـهِ
لِـــنَـــظْـــرَةٍ ثُـــمَّ ثَــابَــا
جَـــرَى ذَلُــولًا بِــمَــلْــكٍ
مَــاضٍ أَذَلَّ الــصِّــعَــابَـا
إِذَا رَأَى كَــــانَ حَــــقًّــــا
أَوْ قَـــالَ كَــانَ صَــوَابَــا
•••
وَالـنَّـاسُ مِـنْ كُلِّ صَوْبٍ
تَـهْـوِي إِلَـيْـكَ انْـصِـبَـابَـا
جَـاءُوا شُـعُـوبًـا شُـعُوبًا
حَـتَّـى أَسَـالُـوا الـشِّـعَابَا
يَــرْجُــونَ مِــنْــكَ دُنُــوًّا
فَــيَــرْجِـعُـونَ اهْـتِـيَـابَـا
وَالـشَّـمْـسُ أَعْـلَى مَكَانًا
مِــنْ أَنْ تُــنَـالَ اقْـتِـرَابَـا
لَــهُــمْ دُعَــاءٌ أَمَــاطَــتْ
لَــهُ الـسَّـمَـاءُ الْـحِـجَـابَـا
إِنْ تَـلْـقَـهُـمْ تَـلْـقَ مَـوْجًا
إِنْ قَـــارَبَ الــشَّــطَّ آبَــا
تَـلْـقَـى عَـجِـيجًا وَشَوْقًا
وَزَفْــرَةً وَاصْــطِــخَــابَـا
قُــلُـوبُـهُـمْ فِـي يَـدَيْـهِـمْ
تُـهْـدَى إِلَـيْـكَ احْـتِـسَابَا
وَحُــبُّــهُــمْ فِــي وُجُـوهٍ
فَــاقْــرَأْهُ فِـيـهَـا كِـتَـابَـا
لَاحَ الـسَّـفِـيـنُ فَـهَـامَـتْ
«رَشِــيـدُ» تَـعْـدُو وِثَـابَـا
وَأَقْــبَــلَـتْ وَهْـيَ تَـرْنُـو
مَآذِنًـــــا وَقِـــــبَـــــابَــــا
تَـــوَدُّ خَـــوْضًـــا إِلَــيْــهِ
لَـوِ اسْـتَـطَـاعَـتْ ذَهَـابَـا
وَالـشَّـوْقُ إِنْ غَـالَ نَفْسًا
لَا تَــسْــتَــطِــيـعُ غِـلَابَـا
أَعْــلَامُــهَــا خَــافِــقَـاتٌ
كَــمَـا هَـزَزْتَ الْـقِـضَـابَـا
قَـدْ زَارَهَـا مِـنْـكَ غَـيْـثٌ
فَـانْـهَـلَّ فِـيـهَـا انْـسِكَابَا
وَلُـحْـتَ فِـيـهَـا فَصَارَتْ
خِـصْـبًـا وَكَـانَـتْ يَـبَـابَـا
الـــلـــهُ أَكْـــبَـــرُ عَــادَتْ
بَـعْـدَ الْـمَـشِـيـبِ كَـعَـابَـا
إِنْ سُـوئِـلَـتْ عَـنْ سِنِيهَا
قَـالَـتْ نَـسِـيتُ الْحِسَابَا
فِــيــهَــا نُـهًـى ثَـاقِـبَـاتٌ
كَــمَــا أَضَأْتَ الــثِّــقَـابَـا
كَــالــتِّــبْـرِ غَـطَّـاهُ تُـرْبٌ
وَالـدُّرِّ فِـي الْـبَـحْـرِ غَابَا
كَــمْ عَــامِــرَاتِ عُــقُـولٍ
تَأْوِي الــدِّيَـارَ الْـخْـرَابَـا!
صَـحِـبْـتُ فِـيـهَـا شَبَابِي
فَـمَـا ذَمَـمْـتَ الـصِّـحَـابَا
سَــقْــيًـا لِـمَـلْـعَـبِ أُنْـسٍ
شَــابَ الــزَّمَــانُ وَشَـابَـا
إِنْ يَجْرِ فِي الْوَهْمِ يَوْمًا
جَـرَتْ دُمُـوعِـي اكْـتِئَابَا
مَــنْ غَـاضَ مَـاءُ صِـبَـاهُ
رَأَى الْــحَــيَــاةَ سَــرَابَــا
أَبُــوكَ رَاشَ جَــنَــاحِــي
حَـتَّـى لَـمَـسْـتُ السَّحَابَا
وَكَـانَ يُـصْـغِـي لِـشِعْرِي
وَكَــانَ شِـعْـرِي عُـجَـابَـا
•••
«رَشِـيـدُ» لَاقَـتْ رَشِـيدًا
شَـهْـمًـا مُـجِـيـبًـا مُـجَابَا
سَــــوَّاهُ مَــــوْلاهُ نُـــورًا
صِــرْفًـا، وَمَـجْـدًا لُـبَـابَـا
نَــالَــتْ بِــيُــمْــنِ سَـنَـاهُ
مِـصْـرُ الْـمُـنَـى وَالطِّلَابَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: نظَم الشاعر هذه القصيدة في شهر نوفمبر سنة ١٩٣٦م يُحيِّي فيها «الملك فاروق» حينما زارَ مدينة رشيد بلد الشاعر بالمرور عليها بسفينته.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المجتث
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤