فَتَاةَ الْقَرِيضِ اهْبِطِي مِنْ عَلِ

Wave Image
فَـتَـاةَ الْـقَـرِيضِ، اهْبِطِي مِنْ عَلِ
مَــدَدْتُ يَــدَيَّ، فَــلَا تَــبْــخَــلِــي
كَـبَـا بِـفَـتَى الشِّعْرِ طُولُ الصُّعُودِ
فَــإِنْ كُــنْــتِ رَاحِــمَــةً فَـانْـزِلِـي
يَـحِـنُّ إِلَـيْـكِ حَـنِـيـنَ الْـمَـشِـيبِ
إِلَـى ضَـحِـكَـاتِ الـصِّـبَا الْمُخْضِلِ
سَـــلَا بِــكِ لَــيْــلَــى وَأَتْــرَابَــهَــا
وَنَـــامَ عَـــنِ الْــعَــذْلِ وَالْــعُــذَّلِ
شَـغَـلْـتِ فَـتَـاكِ بِـسِـحْـرِ الْـبَـيَـانِ
وَلَــوْلَا عُــيُــونُــكِ لَــمْ يُــشْــغَـلِ
يَـــرَاكِ مِـــنَ اللَّــيْــلِ فِــي بَــدْرِهِ
وَفِـي شَـعْـرِهِ الْـفَـاحِـمِ الْـمُـسْـبَلِ
وَفِـــي كُــلِّ آهٍ رَمَــاهَــا الْــهَــوَى
عَــلَــى شَـطِّ مَـدْمَـعِـهِ الْـمُـرْسَـلِ
وَيَـلْـقَـاكِ فِـي كُـلِّ وَجْـهٍ صَـبِـيحٍ
بِــغَــيْــرِ الْــمَــلَاحَـةِ لَـمْ يُـصْـقَـلِ
وَمِنْ فِيكِ يَسْمَعُ نَجْوَى الْغُصُونِ
وَيُـصْـغِـي إِلَـى هَـمْـسَـةِ الْجَدْوَلِ
تَـعِـيـشِـيـنَ فِـي زَاخِـرٍ مِنْ ضِيَاءٍ
يُــصَــفِّــقُ بِــالْأَمَــلِ الْــمُــقْــبِــلِ
تَــحُــومُ الْــمَــلَائِــكُ مِـنْ فَـوْقِـهِ
كَــمَــا حَــامَ طَـيْـرٌ عَـلَـى مَـنْـهَـلِ
رَوِيــنَــا بِــهِ فَـنَـسِـيـنَـا الْـحَـيَـاةَ
وَمَـا دِيـفَ فِـيـهَـا مِـنَ الْـحَـنْـظَلِ
وَذُقْــنَــا سُــلَافًــا أَبَــتْ أَنْ تَـرِفَّ
بِــكَــفِّ الــنُّــوَاسِــيِّ وَالْأَخْــطَـلِ
إِذَا قُــتِـلَـتْ أَحْـيَـتِ الـشَّـارِبِـيـنَ
فَــكَــيْــفَ إِذَا هِــيَ لَــمْ تُــقْــتَـلِ
كَــأَنَّ الْــحَــبَــابَ عَـلَـى وَجْـهِـهَـا
وُعُــودٌ حَــصَــلْـنَ وَلَـمْ تَـحْـصُـلِ
عِـدِيـنِـي عِـدِيـنِـي فَتَاةَ الْقَرِيضِ
وَإِيَّـــاكِ إِيَّـــاكِ أَنْ تَـــمْـــطُـــلِــي
تَــعَــالَــيْ نُــقَـبِّـلُ وَجْـهَ الـرَّبِـيـعِ
بَـشِـيـرِ الْـمُـنَـى وَمُـنَـى الْمُجْتَلِي
وَنَــجْــمَــعُ مِـنْ زَهْـرِهِ مَـا نَـشَـاءُ
وَنَــرْفُــلُ فِــي ثَـوْبِـهِ الْـمُـخْـمَـلِ
تَــعَــالَـيْ نَـطِـيـرُ بِـرِيـشِ الْأَثِـيـرِ
وَنَــعْــلُــو بِـهِ حَـيْـثُـمَـا يَـعْـتَـلِـي
نَــمُــرُّ كَـمَـا مَـرَّ طَـيْـفُ الْـخَـيَـالِ
أَلَـــمَّ لِـــمَـــامًـــا وَلَـــمْ يَـــحْــلُلِ
فَــبَـيْـنَـا نُـحَـدِّثُ أَهْـلَ الْـحِـجَـازِ
إِذَا صَـوْتُـكِ الْـعَذْبُ فِي الْمَوْصِلِ
نُـحَـيِّـي بَـنِـي الْـعَـرَبِ الْأَوْفِـيَـاءَ
وَنُــسْــمِــعُــهُــمْ غَــرَدَ الْــبُــلْـبُـلِ
أُولَــئِــكَ قَــوْمِـي بُـنَـاةُ الْـفَـخَـارِ
وَزَيْــنُ الْــمَـحَـافِـلِ وَالْـجَـحْـفَـلِ
وَلَــوْلَا الْإِذَاعَــةُ عَــاشَ الْــكِــرَامُ
حُــمَــاةُ الْــعُــرُوبَــةِ فِـي مَـعْـزِلِ
•••
أَدَارَ الْإِذَاعَـــةِ مِـــنْ مُـــخْــلِــصٍ
عَــنِ الْــوُدِّ وَالْــعَــهْـدِ لَـمْ يَـنْـكُـلِ
هَــنَــاءً بِـأَعْـوَامِـكِ الْـمُـشْـرِقَـاتِ
وَأَيَّـــامِ نَـــهْــضَــتِــكِ الْــحُــفَّــلِ
وُلِــــدْتِ وَلِلْــــعِــــلْـــمِ أَسْـــرَارُهُ
وَقَـدْ كُـنْـتِ مِـنْ سِـرِّهِ الْـمُـعْـضَلِ
بَــذَلْــتِ الــثَّـقَـافَـةَ لِلـظَّـامِـئِـيـنَ
وَلَـــوْلَا يَـــمِــيــنُــكِ لَــمْ تُــبْــذَلِ
وَنَـبَّـهْـتِ وَسْـنَـانَ جَـفْـنِ الصَّبَاحِ
بِـــآيٍ مِـــنَ الْـــكَــلِــمِ الْــمُــنْــزَلِ
وَغَـنَّـيْـتِ حَـتَّـى تَـعَـزَّى الْـحَزِينُ
وَقَــرَّ الــشَّــجِـيُّ وَهَـامَ الْـخَـلِـي
تَـرَانِـيـمُ مَـا سَـمِـعَـتْـهَـا الْـفُـنُـونُ
بِــــأَوْتَـــارِ إِسْـــحَـــاقَ أَوْ زُلْـــزُلِ
وَكَـمْ قَـدْ هَـزَلْتِ لِتَشْفِي النُّفُوسَ
فَــكَــانَ مِــنَ الْــجِـدِّ أَنْ تَـهْـزِلِـي
•••
مَـضَـتْ مِصْرُ تَصْعَدُ نَحْوَ السَّمَاءِ
وَتَـسْـمُـو عَـلَـى مَـسْـبَـحِ الْأَجْدَلِ
وَأَضْـحَـتْ مِـنَ الْـعِلْمِ فِي رَوْضَةٍ
وَمِــنْ عِـزَّةِ الْـمُـلْـكِ فِـي مَـعْـقِـلِ
تَــتِــيــهُ بِــتَــارِيــخِ أَمْــجَــادِهَـا
وَتُـــزْهَـــى بِـــفَــارُوقِــهَــا الْأَوَّلِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أُذيعَتْ هذه القصيدة في ٣١ من مايو سنة ١٩٣٨م، حينما احتفلَت دار الإذاعة بانتهاء العام الرابع من إنشائها.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤