الْبَطَلُ الْمُنْتَظَرُ

Wave Image
عَــلِــيــمٌ بِأَسْــرَارِ الْــقُــلُـوبِ خَـبِـيـرُ
تُــنَــاجِــيــهِ مِــنَّــا أَنْـفُـسٌ وَضَـمِـيـرُ
فَـيَـحْـكُـمُـهَـا حُـكْـمَ الْـمُـطَـرِّبِ عُودَهُ
أَمِـيـنٌ عَـلَـى وَحْـيِ الـنُّـفُـوسِ أَمِـيـرُ
وَقَـدْ كَـانَ سِـرًّا فِـي الـطَّـبِـيعَةِ كَامِنًا
فَـقَـدْ حَـانَ مِـنْ ذَاكَ الْـكَـمِـيـنِ ظُهُورُ
وَهَـلْ مُـخْـبِـرٌ عَـنْ نَـابِـغٍ كَـيْفَ خَلْقُهُ
فَــذَلِــكَ سِــرٌّ فِــي الْـوُجُـودِ سَـتِـيـرُ
تَـــمُـــرُّ دُهُـــورٌ وَالْـــحَـــيَــاةُ كَآجِــنٍ
أَمَـــرَّ وَقِـــدْمًــا كَــانَ وَهْــوَ طَــهُــورُ
إِلَـى أَنْ يَـحُـلَّ الْـغَـيْـثُ حَـبْـوَةَ مَـائِهِ
فَـــيَــتْــرَعَ مِــنْــهُ جَــدْوَلٌ وَغَــدِيــرُ
كَـذَلِـكَ حَـالُ الـنَّـاسِ فَـالـنَّـاسُ آجِنٌ
مَــرِيــرٌ، وَمَــاءُ الــنَّــابِــغِــيـنَ نَـمِـيـرُ
وَبَــارِقَــةٍ تَــجْـلُـو الـظَّـلَامَ وَصَـاعِـقٍ
يَــشِــبُّ لَــهِــيــبًــا، وَالْأَنَــامُ قُــشُـورُ
فَـيَـضْـطَـرِمُ الْـقَـلْبُ الَّذِي كَانَ خَامِدًا
وَيُـصْـبِـحُ رَوْضُ الـنَّـفْسِ وَهْوَ نَضِيرُ
لِــذَاكَ يُــرَجَّــى بَـيْـنَـهُـمْ كُـلَّ حِـقْـبَـةٍ
بَــشِــيـرٌ لِـمَـنْ يَـبْـغِـي الْـعُـلَا وَنَـذِيـرُ
لِـيُـصْـبِـحَ عَـزْمُ الـنَّـاسِ وَهْـنًـا بِعَزْمِهِ
فَــيُــحْــمَــدُ مِــنْــهُــمْ آسِــرٌ وَأَسِـيـرُ
وَقَـدْ كَـانَ مَزْجُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ بَاعِثًا
يَــجِــدُّ بِــهَــا نَــحْــوَ الْـعُـلَا وَيَـسِـيـرُ
كَأَنَّ نُـفُـوسَ الـنَّـاسِ طَـيْـرٌ تَـشَـرَّدَتْ
وَلِـلـطَّـيْـرِ مِـنْ نَـفْـسِ الْـعَـظِيمِ وُكُورُ
فَيَا سَاكِنًا فِي الْغَيْبِ هَلْ أَنْتَ مُسْعِدٌ
أَمَـا آنَ مِـنْ خَـلْـفِ الْـغُـيُـوبِ سُفُورُ؟
فَإِنَّ نُـفُـوسَ الـنَّـاسِ قَـدْ مَاتَ جَدُّهَا
وَلَـــيْــسَ لَــهَــا إِلَّا لَــدَيْــكَ نُــشُــورُ!
وَصَـارَتْ حَـيَـاةُ الْـقَـوْمِ مَزْحَةَ عَابِثٍ
وَقَــوْلُــكَ طِــبٌّ لِــلــنُّـفُـوسِ قَـدِيـرُ!

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤