السَّفَرُ فِي التَّوْمَبِيل

Wave Image
وَفَــدْفَــدٍ قَــائِــمِ الْأَعْــمَــاقِ مُــتَّـسِـعٍ
طَــوَيْــتُ أَجْــوَازَهُ طَـيَّ الْـمَـكَـاتِـيـبِ
بِـتَـوْمَـبِـيلٍ جَرَى فِي الْأَرْضِ مُنْسَرِحًا
كَـمَـا جَـرَى الْمَاءُ مِنْ سَفْحِ الْأَهَاضِيبِ
يَـنْـسَـابُ مِـثْـلَ انْـسِيَابِ الْأَيْمِ تَحْمِلُهُ
عَـــوَامِــلٌ عَــجِــلَاتٌ مِــنْ دَوَالِــيــبِ
كَأَنَّــهَــا وَهْــيَ بِــالْــمَــطَّـاطِ مُـنْـعَـلَـةٌ
تَــمْـشِـي بِأَخْـفَـافِ أَنْـوَاقٍ مَـطَـارِيـبِ
يَــمُــرُّ كَــالــرِّيـحِ لَـمْ تَـسْـمَـعْ لِأَرْجُـلِـهِ
سِـوَى حَـفِـيـفٍ كَـنَـفْـخٍ فِـي الْأَنَابِيبِ
وَتُـنْـكِـرُ الْـخَـيْـلُ إِنْ جَـارَتْـهُ فِي سَنَنٍ
مَـا تَـعْـرِفُ الْـخَيْلُ مِنْ حُضْرٍ وَتَقْرِيبِ
تُـــظِـــلُّـــهُ قُـــبَّـــةٌ فِــيــهِ مُــنَــجَّــدَةٌ
قَـدْ زَانَـهَـا حُـسْـنُ تَـنْـجِـيـدٍ وَتَـقْـبِيبِ
يَـخَـالُ مَـنْ حَـلَّ فِـيـهَـا نَـفْـسَـهُ مَـلِكًا
يُـزْهَـى بِـتَـاجٍ عَلَى الْفَوْدَيْنِ مَعْصُوبِ
رَكِــبْـتُـهُ وَبَـيَـاضُ الـصُّـبْـحِ تَـحْـسَـبُـهُ
صَـدْرَ الْـمَـلِـيـحَـةِ مَـكْشُوفَ التَّلَابِيبِ
وَالْـبَـدْرُ فِـي الْأُفُـقِ الْـغَـرْبِـيِّ مُـمْـتَـقِعٌ
يَـرْنُـو إِلَـى الْـفَجْرِ فِي أَلْحَاظِ مَرْعُوبِ
وَلِــلــنُّــجُــومِ بَــقَــايَــا فِـي جَـوَانِـبِـهِ
كَـالْـعِـقْـدِ مُـنْـفَـرِطًـا مِـنْ جِيدِ رُعْبُوبِ
وَلِــلــنَّــسِــيـمِ هُـبُـوبٌ فِـي مَـدَارِجِـهِ
مَـا يُـنْعِشُ الرُّوحَ مِنْ نَشْرٍ وَمِنْ طِيبِ
فَــطَــارَ مِــنْ غَـيْـرِ تَـحْـلِـيـقٍ بِـرَاكِـبِـهِ
بَـلْ مَـرَّ يَـمْـطُـرُ مَـطْـرًا فَـوْقَ مَلْحُوبِ
وَسَــارَ سَــيْــرًا دِرَاكًــا مِـلْءَ مَـهْـيَـعِـهِ
كَـالْـوَيْـلِ يُـتْـبِـعُ شُـؤْبُـوبًـا بِـشُـؤْبُـوبِ
فَـكُـنْـتُ أُبْـصِـرُ حَـوْلِي الْأَرْضَ جَارِيَةً
كَـمِـثْـلِ تَـيَّـارِ بَـحْـرٍ وَهْـوَ يَـجْـرِي بِـي
يَـلُـوحُ فَـصْـلُ الـرُّبَـى وَصْلًا فَأَحْسَبُهَا
مِـنْ سُـرْعَـةِ الْـمَـرِّ قَـدْ صُـفَّتْ بِتَرْتِيبِ
مَا زَالَ يَجْتَازُ بِي مَا فِي الْبَسِيطَةِ مِنْ
سَـهْـلٍ وَمِـنْ جَـبَـلٍ عَـالِـي الشَّنَاخِيبِ
حَـتَّـى بَـلَـغْتُ بِهِ أَقْصَى مَدًى عَجَزَتْ
عَـنْـهُ الْـعِـتَـاقُ مِـنَ الْـجُرْدِ السَّرَاحِيبِ
وَكَــمْ عَــلَا بِــيَ أَنْــشَــازًا تَــسَــلَّـقَـهَـا
وَشَـابَ فِـي الـسَّيْرِ تَصْعِيدًا بِتَصْوِيبِ
لَا يَــعْــرِفُ الْأَيْـنُ مِـنْـهُ أَيْـنَ مَـوْقِـعُـهُ
وَلَـــوْ يُـــوَاصِـــلُ إِدْلَاجًـــا بِــتَأْوِيــبِ
وَكَـيْـفَ يَـتْـعَـبُ مَـا لَا حِـسَّ يَـتْـبَـعُـهُ
وَلَا يَــسِــيــرُ عَـلَـى سَـاقٍ وَظُـنْـبُـوبِ
وَإِنَّــمَــا هُــوَ يَــجْــرِي فِـي مَـسَـالِـكِـهِ
دَفْــعًــا بِــقُــوَّةِ غَــازٍ فِـيـهِ مَـشْـبُـوبِ
•••
جَــرَّبْــتُــهُ هَــابِــطًــا أَجْــزَاعَ أَوْدِيَــةٍ
وَطَــالِـعًـا فِـي الـثَّـنَـايَـا وَالْـعَـرَاقِـيـبِ
وَمُـلْـهِـبًـا فِـي سُـهُـولِ الْأَرْضِ يَـنْـهَبُهَا
نَــهْــبًــا وَيَــخْــلِــطُ أُلْـهُـوبًـا بِأُلْـهُـوبِ
فَــكَــانَ أَسْــبَــقَ مَــرْكُــوبٍ لِـغَـايَـتِـهِ
وَكُــنْــتُ أَقْــرَبَ طَــلَّابٍ لِــمَــطْـلُـوبِ
تِــلْـكَ الْـمَـطِـيَّـةُ لَا عَـوْجَـاءَ يَـذْكُـرُهَـا
أَدِيــبُ ذُبْـيَـانَ مِـنْ عَـيْـرَانَـةِ الـنِّـيـبِ
لَــوِ امْــتَـطَـاهَـا لَـبِـيـدٌ قَـبْـلُ تَـاهَ بِـهَـا
عَـلَـى الْـحَـوَاضِـرِ قِـدْمًـا وَالْأَعَـارِيـبِ
وَلَـمْ يَـهِـمْ لَـوْ رَأَى ابْـنُ الْـعَبْدِ مَنْظَرَهَا
مِـنْ وَصْـفِ عَـوْجَـائِهِ فِي كُلِّ أُسْلُوبِ
وَلَا أَطَـالَ ابْـنُ حُـجْـرٍ وَصْـفَ مُـنْجَرِدٍ
عَـالِـي الـسَّـرَاةِ كُـمَـيْـتِ اللَّوْنِ يَعْبُوبِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤