ذِكْرَى الْكَاظِمِيِّ

Wave Image
لَـيْـسَ فِـي غَـايَـةِ الْـحَـيَـاةِ الْـبَقَاءُ
فَـلِـذَا خَـابَ فِـي الْـخُـلُـودِ الرَّجَاءُ
غَـيْـرَ أَنَّ الْـحَـيَـاةَ بِـالْـعِـزِّ عِـنْدَ الرَّ
جُــــلِ الْــــحُـــرِّ غَـــايَـــةٌ غَـــرَّاءُ
أَيُّ فَــخْــرٍ لِــلـنَّـاعِـمِـيـنَ بِـعَـيْـشٍ
لَـــمْ تُــجَــلِّــلْــهُ عِــزَّةٌ قَــعْــسَــاءُ
حَـسْـبُ مَنْ رَامَ فِي الْحَيَاةِ خُلُودًا
أَنَّـــهُ بَـــعْـــدَ مَـــوْتِـــهِ عَـــلْـــوَاءُ
وَكَـفَـى الْـمَـرْءَ بَـعْـدَ مَـوْتٍ حَـيَـاةً
أَنَّ ذِكْـــرَاهُ حُـــلْـــوَةٌ حَـــسْــنَــاءُ
قَـدْ قَـضَـى الْـكَـاظِمِيُّ وَهْوَ جَدِيرٌ
أَنْ تُــعَــزَّى فِـي مَـوْتِـهِ الـشُّـعَـرَاءُ
عَــاشَ مَــنْــسِـيَّ عَـارِفِـيـهِ وَلَـمَّـا
مَــاتَ فَــاضَــتْ بِـنَـعْـيِـهِ الْأَنْـبَـاءُ
ذَكَـــرَتْـــهُ نُـــعَـــاتُـــهُ بِـــنُــعُــوتٍ
قَــبْــلَــهُ حَـازَ مِـثْـلَـهَـا الْـعُـظَـمَـاءُ
فَــلَــئِــنْ كَـانَ مَـا يَـقُـولُـونَ حَـقًّـا
إِنَّــهُــمْ بِــالَّــذِي نَــسُــوا لُــؤَمَــاءُ
كَـيْـفَ يَـنْـسَـوْنَ فِـي الْحَيَاةِ أَدِيبًا
عَـــبْــقَــرِيًّــا عَــنَّــتْ لَــهُ الْأُدَبَــاءُ
أَفَــيُــنْـسَـى حَـيًّـا وَيُـذْكَـرُ مَـيْـتًـا
إِنَّ هَــذَا مَــا تُــنْــكِــرُ الْــعُــقَــلَاءُ
إِنَّ هَـــذَا أَمْـــرٌ يَـــتِـــيــهُ ضَــلَالًا
فِـي بَـوَادِي تَـفْـسِـيـرِهِ الْـحُـكَـمَـاءُ
ضَـحِـكـوا مِنْهُ فِي الْحَيَاةِ وَمُذْ مَا
تَ تَــعَــالَـى نَـحِـيـبُـهُـمْ وَالْـبُـكَـاءُ
أَيُّــهَــا الــنَــادِبُــونَ غَـيْـرِيَ غُـرُّوا
بَــرِحَ الْــيَــوْمَ لِــلَّـبِـيـبِ الْـخَـفَـاءُ
يُـكْـرَمُ الْـمَـيْـتُ بِـالـثَّـنَـاءِ وَتَـحْـيَـا
عِـنْـدَكُـمْ فِـي الْـمَـهَـانَـةِ الْأَحْـيَـاءُ
كُـلُّ مَـنْ يَـخْـبُـرُ الْأَنَـاسِـيَّ خُـبْرِي
لَا يُــبَــالِـي أَأَحْـسَـنُـوا أَمْ أَسَـاءُوا
أَنَـا جَـرَّبْـتُـهُـمْ إِلَـى أَنْ تَـسَـاوَى الْـ
ـيَـوْمَ عِـنْـدِي سِـبَـابُـهُـمْ وَالـثَّـنَـاءُ
غُــرِيَ الــنَّـاسُ بِـالْـهَـوَى فَـضَـلَالٌ
كُـــلُّ مَــا يَــفْــعَــلُــونَــهُ أَوْ رِيَــاءُ
قَـدْ تَـمَـادَى فِـي الْـقَـائِـلِـيـنَ غُـلُـوٌّ
وَتَــوَالَــى فِــي الْـفَـاعِـلِـيـنَ رِيَـاءُ
أَيُّـهَـا الْـكَـاظِـمِـيُّ نَـمْ مُـسْـتَـرِيـحًا
حَــيْــثُ لَا مُــبْــغِــضٌ وَلَا إِيــذَاءُ
عِـشْـتَ فِـي مِـصْـرَ بِاحْتِرَامٍ يُؤَدِّيـ
ـهِ إِلَــيْــكَ الْأَمَــاثِــلُ الْــفُــضَــلَاءُ
إِنَّ لِــلــنِّـيـلِ مِـنْ جَـرَائِـكَ شُـكْـرًا
سَــتُــؤَدِّيــهِ دِجْــلَــةُ الــلَّــسْــنَـاءُ
لَـمْ تَـعِـشْ عِـيـشَـةَ الـرَّفَـاهَ وَلَـكِـنْ
لَــكَ فِــي الْــعَــيْـشِ عِـزَّةٌ وَعَـلَاءُ
أَيُّ حُـرٍّ فِـي الـشَّـرْقِ عَاشَ سَعِيدًا
لَـمْ تَـشُـبْ صَـفْـوَ عَـيْـشِـهِ الْأَقْذَاءُ
وَهَـنِـيـئًـا أَنْ لَمْ تَعِشْ فِي الْعِرَاقَيْـ
ـنِ مُــضَــاعًــا تَــنْــتَــابُـكَ الْأَرْزَاءُ
مِـنْ شَـقَـاءِ الْـعِـرَاقِ أَنَّ ذَوِي الـنِّعْـ
ـمَـــةِ فِـــيـــهِ أَجَـــانِــبٌ غُــرَبَــاءُ
إِنْ جَــفَــتْـنَـا بِـلَادُنَـا فَـهْـيَ حِـبٌّ
وَمِــنَ الْــحِـبِّ يُـسْـتَـلَـذُّ الْـجَـفَـاءُ
لَـمْ نَـحُـلْ عَـنْ عُـهُـودِنَا مُذْ جَفَتْنَا
بَــلْ لَــهَــا الْـوُدُّ عِـنْـدَنَـا وَالْـوَفَـاءُ
قَـدْ بَـكَـيْـنَـا شَـجْـوًا عَـلَـيْهَا وَمِنْهَا
وَعَــنَــانَــا سَــقَــامُــهَـا وَالـشَّـقَـاءُ
كَـمْ أَرَدْنَـا سُـخْـطًـا عَـلَـيْـهَـا وَلَكِنْ
غَـلَبَ السُّخْطَ فِي الْقُلُوبِ الرِّضَاءُ
إِنَّــــمَـــا هَـــذِهِ الْـــمَـــوَاطِـــنُ أُمٌّ
مُــسْــتَــحَـقٌّ لَـهَـا عَـلَـيْـنَـا الْـوَلَاءُ
إِنْ خَــدَمْــنَــا فَــلَا نُــرِيــدُ جَـزَاءً
وَمِــــنَ الْأُمِّ هَــــلْ يُـــرَادُ جَـــزَاءُ
إِنَّــمَـا نَـحْـنُ مُـصْـلِـحُـونَ وَمَـا إِنْ
غَــايَـةُ الْـمُـصْـلِـحِـيـنَ إِلَّا الـرِّفَـاءُ
نَـحْـنُ كَـالشَّمْعِ حِينَ ذَابَ اشْتِعَالًا
فَـهَـدَى الْـمُـظْـلِـمِـيـنَ مِـنْهُ الضِّيَاءُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤