فِطْنَةُ الْحُسْنِ

Wave Image
يَـــا ذَكِـــيَّ الْـــفُـــؤَادِ هَــذَا فُــؤَادِي
انْــتَــجِــعْ فِـيـهِ مِـنْ هَـوًى مَـكْـتُـومِ
وَأَشَــدُّ الْــهَــوَى هَـوًى كَـتَـمَ الـصَّـدْ
رُ فَـأَضْـحَـى كَـالْـمِـرْجَـلِ الْـمَـخْـتُومِ
مَــا تَــرَى فَــرْحَــتِــي إِذَا مَـا تَـرَاءَى
مِـنْـكَ طَـرْفٌ يُـوحِـي لِـقَـلْبِي الْكَلِيمِ
مَـا تَـرَى الـدَّمْـعَ حَـائِـرًا فِي جُفُونِي
حَـيْـرَتِـي فِـي سَـوَادِ حَـظِّـي الْبَهِيمِ
مَــا تَـرَى لَـحْـظَـةً يَـرِقُّ لَـهَـا الـصَّـخْـ
ـرُ كَــسَــهْــمٍ بَــرَاهُ وَقْــعُ الْــهُــمُــومِ
لَــحَــظَــاتٌ فِــي إِثْــرِهَــا لَـحَـظَـاتٌ
هَـائِـمَـاتٌ يَـحْـكِـيـنَ لَـحْـظَ الـسَّقِيمِ
خَـانَ عَـهْـدِي الْـخِلَّانُ حَتَّى لَقَدْ أَصْـ
ـبَــحْــتُ لَا أَرْتَــجِــي إِخَــاءَ كَــرِيـمِ
كَــمْ رَجَـوْتُ الْإِخَـاءَ دَهْـرًا وَكَـمْ أَحْـ
ـبَــبْــتُ، آهٍ لَــقَــلْــبِــيَ الْــمَــكْــلُــومِ
فَــــإِذَا الْـــحُـــبُّ وَالْإِخَـــاءُ سَـــوَاءٌ
خَــدَعَــاتٌ يَــقْـتُـلْـنَ لُـبَّ الْـحَـكِـيـمِ
وَمِــنَ الْــعَــدْلِ أَنْ يُــحِـبَّ صَـبِـيـحٌ
حُــسْــنَــهُ كَــيْ يَـكُـونَ جَـدَّ رَحِـيـمِ
وَلَـــوَ انَّ الْـــقُـــلُـــوبَ تَـــأْلَــمُ لِلْأَحْـ
ـيَــاءِ طُــرًّا مِــنْ أَجْــنَــبٍ وَحَـمِـيـمِ
لَـــرَأَيْــنَ الْــحَــيَــاةَ جَــنَّــاتِ عَــدْنٍ
رَافِـــلَاتٍ فِـــي نَـــضْــرَةٍ وَنَــعِــيــمِ
يَـــا ذَكِـــيَّ الْـــفُـــؤَادِ لُـــبُّــكَ طَــبٌّ
بِــسِــوَى لَـوْعَـتِـي وَحُـبِّـي الْـقَـدِيـمِ
فَــلَــعَــلِّــي أَبْـهَـمْـتُ مِـنْـهُ كَـلُـغْـزِ الْـ
ـعَـيْـشِ وَاسْـتَـعْجَمَتْ حَصَاةُ الْفَهِيمِ
أَمْ شَــقَــائِــي لَــذَاذَةٌ لَــكَ فَــانْــعَـمْ
بِــبُــكَــائِـي وَلَـوْعَـتِـي يَـا ظَـلُـومِـي
وَسَــلِ الــشِّــعْـرَ وَالْأَصَـالَـةَ عَـنْ صَـ
ـبٍّ مُــصِـيـخٍ لِـحُـسْـنِـكَ الْـمَـنْـغُـومِ
مَــتَّ مِــنْ شِــعْــرِهِ إِلَــيْــكَ بِــأَسْـبَـا
بٍ وَمِــنْ قَــلْــبِــهِ بِـدَامِـي الْـكُـلُـومِ
لَــكَ لَــحْــظٌ يَـأْسُـو وَيَـكْـلُـمُ يَـا لَـهْـ
ـفِــي لِآسٍ يَــزِيـدُ سُـقْـمَ الـسَّـقِـيـمِ!
كَمْ طَوَى الدَّهْرُ مِنْ غَرَامٍ وَمِنْ حُسْـ
ـنٍ وَمِـــنْ مُـــغْـــرَمٍ وَحِــبٍّ نَــدِيــمِ
وَمِــنَ الْــخَــطْـبِ أَنْ يَـزُولَ جَـمَـالٌ
كَــــانَ رَيًّــــا وَغُـــلَّـــةً لِلْـــحُـــلُـــومِ
مَــا عَــذَابِــي بِـخَـالِـدٍ فِـيـكَ حَـتَّـى
أَشْــتَــكِـي مِـنْـهُ قَـاتِـلِـي وَغَـرِيـمِـي
فَــلَــئِــنْ مِــتُّ كَـانَ مِـنْـكَ فِـكَـاكِـي
مِــنْ حَــيَــاةٍ كَــحُــرْقَـةِ الْـمَـظْـلُـومِ
نِـعْـمَـةٌ مَـوْتِـيَ الَّـذِي لَـيْـسَ يُـؤْسِـيـ
ـكَ وَمَـا أَنْـتَ كَـالْـحِـمَـامِ حَـمِـيـمِـي
وَلَــئِــنْ عِــشْــتُ فَـالْـحَـيَـاةُ هُـمُـومٌ
لَــسْـتُ فِـيـهَـا بِـزَائِـدٍ مِـنْ هُـمُـومِـي
مَــا شَــقَــائِـي بِـخَـالِـدٍ يَـا حَـبِـيـبِـي
لَا وَلَا حُــسْــنُ وَجْــهِـكَ الْـمَـوْسُـومِ
وَلَــئِــنْ غَــضَّ مِــنْ جَــمَــالِـكَ دَهْـرٌ
لَــمْ يَــبُــخْ حَــرُّ غُــلَّــةِ الْــمَــحْـرُومِ
يَــا ذَكِــيَّ الْـفُـؤَادِ تَـفْـدِيـكَ نَـفْـسِـي
مِـنْ طُـرُوقِ الـرَّدَى وَوَقْـعِ الْـغُـمُـومِ!

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤