اقْبِسِ النُّورَ مِنْ شُعَاعِ الرَّاحِ

Wave Image
اقْــبِــسِ الــنُّــورَ مِــنْ شُــعَـاعِ الـرَّاحِ
وَالْـثِـمِ الْـحُـسْـنَ فِـي جَـبِـينِ الصَّبَاحِ
وَابْـعَـثِ الـلَّـحْـنَ مِـنْ سَـمَـائِكَ يَا شِعْـ
ـرُ وَنَـــافِـــسْ بِـــهِ ذَوَاتِ الْــجَــنَــاحِ
وَانْـهَـبِ الْـحُـسْـنَ مِنْ خُدُودِ الْعَذَارَى
وَاسْـرِقِ الـسِّـحْـرَ مِـنْ عُـيُـونِ الْـمِلَاحِ
وَتَــنَــقَّــلْ بَــيْــنَ الْــخَــمَــائِـلِ جَـذْلَا
نَ طَــلِــيـقَ الْـهَـوَى جَـمِـيـمَ الْـمِـرَاحِ
وَاسْــقِــنَــا مِـنْ سُـلَافِـكَ الْـعَـذْبِ إِنَّـا
قَـــدْ سَـــئِـــمْـــنَـــا مَـــرَارَةَ الْأَقْــدَاحِ
كَــمْ ثَــمِـلْـنَـا بِـرَشْـفَـةٍ مِـنْـكَ يَـا شِـعْـ
ـرُ فَـــصِـــرْنَـــا رُوحًـــا بِــلَا أَشْــبَــاحِ
وَرَأَيْــنَــا مِــنَ الْــحَــقَــائِــقِ مَــا عَــزَّ
عَــــلَــــى كُــــلِّ بَــــاحِــــثٍ كَــــدَّاحِ
وَقَـــرَأْنَـــا فِـــي كُــلِّ شَــيْءٍ رُمُــوزًا
فَــوْقَ طَــوْقِ الْــبَــيَــانِ وَالْإِيــضَـاحِ
وَرَسَــمْــنَــا بَــدَائِــعَ الْــكَـوْنِ فِـي لَـوْ
حٍ تَـــعَـــالَــى عَــنْ جَــفْــوَةِ الْأَلْــوَاحِ
وَفَــهِــمْــنَـا لُـغَـى الـطُّـيُـورِ وَأَصْـغَـيْـ
ـنَــا لِـهَـمْـسِ الْـغُـصُـونِ فِـي الْأَدْوَاحِ
وَرَأَيْــنَـا الْـبُـرُوقَ تَـضْـحَـكُ فِـي الـرَّوْ
ضِ فَــتَــهْــفُـو لَـهَـا ثُـغُـورُ الْأَقَـاحِـي
إِيـهِ يَـا شِـعْـرُ أَنْـتَ سَـلْـوَايَ فِـي الدُّنْـ
ـيَــا إِذَا ضَــاقَ بِــي فَـسِـيـحُ الْـبَـرَاحِ
كَــمْ عَــنَــاءٍ كَــشَــفْــتَ بَـعْـدَ نِـضَـالٍ
وَجَــبِــيــنٍ مَــسَــحْــتَ بَـعْـدَ كِـفَـاحِ!
لَا تَـدَعْـنِـي يَـا شِـعْـرُ فِـي لَـيْـلَـةِ الذِّكْـ
ـرَى وَأَطْـلِـقْ إِلَـى الْـخَـيَـالِ سَـرَاحِـي
غَــنِّــنِــي بِــالْــمُــنَــى تَــرِفُّ حَــنَـانًـا
بَـــعْـــدَ نَأْيٍ وَبَـــعْــدَ طُــولِ جِــمَــاحِ
غَــنِّــنِــي بِــالــلِّــقَــاءِ بَــعْــدَ شَـتَـاتٍ
وَبِــعَــطْــفِ الــزَّمَــانِ بَــعْــدَ شِــيَـاحِ
غَـنِّـنِـي بِـالـرَّبِـيـعِ يَـخْـطِـرُ فِـي الـرَّوْ
ضِ وَيَـــعْـــطُـــو بِــمِــئْــزَرٍ وَوِشَــاحِ
غَــنِّــنِــي غَــنِّــنِــي فَـقَـدْ عَـيَّ نَـايِـي
وَنَـــبَـــا مِـــزْهَـــرِي عَــنِ الْإِفْــصَــاحِ
كَـيْـفَ تَـحْـوِي الْأَوْتَـارُ مَـا يَـغْـمُرُ الْقَلْـ
ـبَ وَيَـــطْـــفُـــو بِــهِ مِــنَ الْأَفْــرَاحِ؟
غَــنِّ فِــي لَــيْــلَـةِ الْـبَـشَـائِـرِ يَـا شِـعْـ
ـرُ وَغَـــرِّدْ بِـــصَـــوْتِـــكَ الـــصَّـــدَّاحِ
وَخُــذِ الْــفَــنَّ مِــنْ تَــرَانِــيـمِ إسْـحَـا
قَ وَبُــعْــدَ الْــمَــدَى عَــنِ ابْــنِ رَبَــاحِ
وَامْـــلَأِ الْأُفْـــقَ بِــالــنَّــشِــيــدِ تُــرَدِّدْ
رَجْــعَ أَنْــغَــامِــهِ جَــمِـيـعُ الـنَّـوَاحِـي
مَـاسَـتِ الْـبَـاسِـقَـاتُ فِـي ضِـفَّـةِ الْـوَا
دِي وَأَرْخَــتْ شُــعُــورَهــا لِــلــرِّيَــاحِ
وَرَنَــا الــزَّهْــرُ بَــاسِـمًـا يَـنْـشُـرُ الـنُّـو
رَ وَيَـــهْـــفُـــو بِـــثَـــغْـــرِهِ الْـــفَــوَّاحِ
أَسْـكَـرَتْـهُ الـذِّكْـرَى فَأَصْـغَـى وَأَصْغَى
يَـمْـلَأُ الـسَّـمْـعَ وَهْـوَ نَـشْـوَانُ صَـاحِي
مَــالَ تِــيــهًــا كَـمَـا تَـمِـيـلُ الْـعَـذَارَى
هَـلْ عَلَى الزَّهْرِ فِي الْهَوَى مِنْ جُنَاحِ؟
•••
إِنَّ ذِكْــرَى الــزِّفَــافِ أَسْــعَــدُ ذِكْــرَى
تَــمْــلَأُ الـنَّـفْـسَ مِـنْ مُـنًـى وَارْتِـيَـاحِ
سَــعِــدَتْ مِــصْــرُ بِـالْـمَـلِـيـكَـةِ فِـيـهِ
وَاسْــتَــنَــارَتْ بِــنُــورِهَــا الْــوَضَّــاحِ
شَــرَفٌ بَــاذِخٌ يَــتِــيــهُ عَــلَــى الـدُّنْـ
ـيَـا وَمَـجْـدٌ مِـنَ الـصَّـمِـيـمِ الـصُّـرَاحِ
نَـبَـتَـتْ فِـي مَـنَـابِـتٍ أَرْضُـهَـا الْـمِـسْـ
ـكُ وَفِــــي ظِــــلِّ عِـــزَّةٍ وَسَـــمَـــاحِ
وَبَــدَتْ دُرَّةً مِــنَ الــنُّــبْــلِ وَالْــمَــجْـ
ـدِ فَـغَـضَّـتْ مِـنَ الـدَّرَارِي الـصِّـحَـاحِ
فَــهَــنَــاءً فَــارُوقُ يَــا مَــوْئِــلَ الـنِّـيـ
ـلِ وَيَـــا يُــمْــنَ نَــجْــمِــهِ الــلَّــمَّــاحِ
أَنْـتَ أَنْـهَـضْـتَ مِـصْـرَ تَـسْـتَبِقُ الْخَطْ
ـوَ وَتَـــمْــضِــي بِــعَــزْمَــةٍ وَطِــمَــاحِ
وَبَــعَــثْــتَ الْآمَــالَ فِــي كُــلِّ قَــلْـبٍ
وَغَــرَسْــتَ الْإِحْــسَـانَ فِـي كُـلِّ رَاحِ
ذَاكَ سِــرُّ الْــبَـيْـتِ الْـكَـرِيـمِ وَفَـيْـضٌ
مِــنْ عَــطَــاءِ الْــمُــهَــيْــمِـنِ الْـفَـتَّـاحِ
آلَ بَــيْــتِ الْــمُــلْــكِ الْــمُـؤَثَّـلِ أَنْـتُـمْ
شَــرَفٌ مُــشْــرِقُ الْأَسَـارِيـرِ ضَـاحِـي
عَــجَــزَ الــشِّــعْــرُ أَنْ يَــنَـالَ مَـدَاكُـمْ
وَكَــبَــتْ دُونَ وَصْــفِــكُــمْ أَمْـدَاحِـي
كَــتَــبَ الــلــهُ فِـي الْـخُـلُـودِ عُـلَاكُـمْ
مَـا لِـمَـا خُـطَّ فِـي الـسَّـمَـوَاتِ مَـاحِي
جَـــدُّكُـــمْ أَنْـــقَــذَ الْــبِــلَادَ وَأَعْــلَــى
رَايَــةَ الــدِّيــنِ بِــالــظُّــبَــا وَالـرِّمَـاحِ
حِــكْــمَــةٌ تَأْسِــرُ الْــقُــلُـوبَ بِـصَـفْـحٍ
وَإِبَــاءٌ يَــغْــشَــى الْــوَغَــى بِـصِـفَـاحِ
كَــمْ تَــغَــنَّــى بِــفَـضْـلِـهِ كُـلُّ مَـغْـدًى
وَسَـــــرَى ذِكْــــرُهُ بِــــكُــــلِّ مَــــرَاحِ
عَــاشَ فَــارُوقُ وَالْــمَــلِــيـكَـةُ ذُخْـرًا
وَمَــــنَــــارًا لِــــلْــــبِــــرِّ وَالْإِصْــــلَاحِ
وَلْــتَــعِــشْ قُــرَّةُ الْــبَــصَــائِــرِ فِـرْيَـا
لُ حَــــيَــــاةُ الـــنُّـــفُـــوسِ وَالْأَرْوَاحِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: بمناسبة ذكرى زواج ملك مصر السابق فاروق إلى الملكة السابقة فريدة يناير ١٩٣٩م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤