ابْنُ جُبْرَانَ

Wave Image
مَـنْ سَـامِـعٌ قِـصَّـةً لِـي كُـنْتُ شَاهِدَهَا
عَـلَـى الـرُّبَـا الْـخُـضْـرِ مِنْ جَنَّاتِ لُبْنَانِ
فَــقَــدْ رَأَيْــتُ غُـلَامًـا صِـيـغَ مُـنْـفَـرِدًا
بِـالْـحُـسْـنِ يَـصْـبُـو إِلَـيْـهِ كُـلُّ إِنْـسَـانِ
الْـبَـدْرُ يَـبْـدُو حَـقِـيـرًا عِـنْـدَ طَـلْـعَـتِـهِ
وَالـشَّـمْـسُ تَـعْـنُـو لِـوَجْـهٍ مِنْهُ نُورَانِي
فِــي عَــيْـنِـهِ حَـوَرٌ فِـي ثَـغْـرِهِ شَـنَـبٌ
يَــفْـتَـرُّ عَـنْ عِـقْـدِ دُرٍّ وَسْـطَ مَـرْجَـانِ
إِذَا رَنَـــا نَــاظِــرًا يَــرْنُــو بِــسَــاحِــرَةٍ
أَوِ انْـثَـنَـى يَـنْـثَـنِـي مِنْ عِطْفِ نَشْوَانِ
عَــلَــيْـهِ ثَـوْبٌ بَـدِيـعُ الـنَّـسْـجِ طُـرَّتُـهُ
مِـنْ صِـبْـغَـةِ الْـمَـجْـدِ قَدْ زِينَتْ بِأَلْوَانِ
فِـي جَـانِـبٍ مِـنْـهُ تَـلْـقَى الدُّرَّ مُنْتَظِمًا
وَالـدُّرَّ مُـنْـتَـثِـرًا فِـي الْـجَـانِـبِ الثَّانِي
وَلِــلْــعَــوَاطِــفِ فِــي أَثْــنَــائِــهِ صُـوَرٌ
جَــادَتْ بِــهَــا رِيـشَـةٌ فِـي كَـفِّ فَـنَّـانِ
تَــفَــاوَحَ الـطِّـيـبُ مِـنْ أَرْدَانِـهِ عَـبِـقًـا
كَـــمَـــا تَـــفَــاوَحُ أَزْهَــارٌ بِــبُــسْــتَــانِ
تَسْتَخْلِصُ النَّفْسُ مِنْ فَحْوَى مَلَامِحِهِ
أَنَّ الْــغَـرَامَ الَّـذِي يُـخْـفِـيـهِ رُوحَـانِـي
أَبْــصَــرْتُــهُ وَاقِــفًــا يَـبْـكِـي وَأَدْمُـعُـهُ
تُـوحِـي إِلَـى كُـلِّ قَـلْـبٍ وَحْـيَ أَحْزَانِ
يَـبْـكِـي وَأَلْـحَـانُ مُـوسِـيـقَاهُ مُشْجِيَةٌ
تَــــهْــــفُــــو بِأَفْـــئِـــدَةٍ مِـــنَّـــا وَآذَانِ
يَـبْـكِـي وَأَنْـغَـامُ مُـوسِـيـقَـاهُ مُـطْـرِبَـةٌ
تَـــهْـــتَـــزُّ مِـــنْـــهُـــنَّ أَرْوَاحٌ بِأَبْـــدَانِ
يَـبْـكِـي فَـيَـرْفَـضُّ عِـقْدُ الدَّمْعِ مُنْتَثِرًا
بِـــغَــيْــرِ وَزْنٍ وَأَحْــيَــانًــا بِــمِــيــزَانِ
لَـمَّـا أَرَانِـي جَـلَالَ الْـحُـسْـنِ مُـمْـتَزِجًا
بِـرَوْعَـةِ الْـحُـزْنِ أَشْـجَـانِـي فَأَبْـكَـانِي
فَــقُــمْـتُ بَـيْـنَ أُنَـاسٍ حَـوْلَـهُ وَقَـفُـوا
مُــسْــتَــعْــبِــرِيــنَ وَكُــلٌّ نَــحْـوَهُ رَانِ
وَكُـلُّـهُـمْ وَقَـفُـوا مُـسْـتَـسْـلِـمِـيـنَ إِلَـى
تَـــــنَـــــهُّـــــدَاتٍ وَآهَـــــاتٍ وَإِرْنَــــانِ
حَـتَّـى سَأَلْـتُ عَـنِ الْـبَـاكِـي وَقِـصَّـتِـهِ
فَـقِـيـلَ هَـذَا هُـوَ الـشِّـعْـرُ ابْـنُ جُـبْرَانِ
أَبُــوهُ جُــبْــرَانُ أَفْــنَــاهُ الـرَّدَى فَـغَـدَا
مِـنْ بَـعْـدِهِ رَهْـنَ يُـتْـمٍ حِـلْـفَ أَشْجَانِ
فَــقُــلْـتُ لَـمْ يَـفْـنَ جُـبْـرَانٌ بِـمِـيـتَـتِـهِ
مَـنْ خَـلَّـفَ ابْـنًـا كَـهَـذَا لَـيْـسَ بِالْفَانِي
بَــلْ أَصْـبَـحَـتْ بِـابْـنِـهِ ذِكْـرَاهُ خَـالِـدَةً
مَـــا دَامَ لُـــبْــنَــانُ مَأْهُــولًا بِإِنْــسَــانِ
إِنِّـــي أَرَى رُوحَ جُــبْــرَانٍ مُــرَفْــرِفَــةً
عَـلَـى الـرُّبَـا الْـخُـضْـرِ مِنْ جَنَّاتِ لُبْنَانِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤