هَاتِ الْحَدِيثَ عَنِ الزَّوْرَاءِ أَوْ هِيتَا

Wave Image
هَـاتِ الْـحَـدِيـثَ عَـنِ الـزَّوْرَاءِ أَوْ هِيتَا
وَمُــوقَــدِ الــنَّــارِ لَا تَـكْـرَى بِـتَـكْـرِيـتَـا
لَــيْــسَــتْ كَــنَــارِ عَــدِيٍّ نَــارُ عَــادِيَـةٍ
بَـاتَـتْ تُـشَـبُّ عَـلَـى أَيْـدِي مَـصَـالِـيـتَا
وَمَــا لُــبَــيْــنَــى وَإِنْ عَــزَّتْ بِــرَبَّـتِـهَـا
لَــكِـنْ غَـذَتْـهَـا رِجَـالُ الْـهِـنْـدِ تَـرْبِـيـتَـا
أَذْكَــتْ سَــرَنْــدِيــبُ أُولَاهَـا وَآخِـرَهَـا
وَعَــوَّذَتْــهَـا بَـنَـاتُ الْـقَـيْـنِ تَـشْـمِـيـتَـا
حَــتَّــى أَتَــتْ وَكَــأَنَّ اللــهَ قَــالَ لَــهَـا
حُـوطِـي الْـمَـمَـالِـكَ تَـمْـكِـيـنًـا وَتَثْبِيتَا
مِــنْ كُــلِّ أَبْــيَــضَ مُــهْــتَــزٍّ ذَوَائِــبُــهُ
يُـمْـسِـي وَيُـصْـبِحُ فِيهِ الْمَوْتُ مَسْئُوتَا
تَــرَى وُجُـوهَ الْـمَـنَـايَـا فِـي جَـوَانِـبِـهَـا
يُــخَــلْــنَ أَوْجُــهَ جِــنَّــانٍ عَــفَــارِيـتَـا
بَـــرٌّ وَبَــحْــرٌ مُــبِــيــدٌ لَا تُــحِــسُّ بِــهِ
ضَــبَّ الْــعَــرَارِ وَلَا ظَــبْـيًـا وَلَا حُـوتَـا
كَــأَنَّ أَهْــلَ قُــرَى نَــمْــلٍ عَـلَـوْنَ قَـرَى
رَمْــلٍ فَــغَــادَرْنَ آثَــارًا مَــخَــافِــيــتَـا
وَحَــفَّــرَتْ فِـيـهِ رُكْـبَـانُ الـرَّدَى فُـقُـرًا
حَــفْــرَ ابْــنِ عَــادٍ لِإِيــرَادٍ هَــرَامِــيـتَـا
كَـــأَنَّـــهُـــنَّ إِذَا عُـــرِّيـــنَ فِـــي رَهَــجٍ
يُــعْــرَيْـنَ بِـالْـوِرْدِ إِرْعَـادًا وَتَـصْـوِيـتَـا
مُــعَــظَّــمَــاتٌ عَـلَـيْـهَـا كَـبْـوَةٌ عَـجَـبٌ
تُـكْـبِـي الْـمُـحَـارِبَ أَوْ تَـثْـنِـيـهِ مَكْبُوتَا
وَأَهْــلِ بَـيْـتٍ مِـنَ الْأَعْـرَابِ ضِـفْـتُـهُـمُ
لَا يَـمْـلِـكُـونَ سِـوَى أَسْـيَـافِـهِـمْ بِـيـتَـا
عَـنْـهَـا الْـحَـدِيثُ إِذَا هُمْ حَاوَلُوا سَمَرًا
وَالــرِّزْقُ مِــنْــهَــا إِذَا حَــلُّـوا أَمَـارِيـتَـا
جِــنٌّ إِذَا اللَّــيْــلُ أَلْـقَـى سِـتْـرَهُ بَـرَزُوا
وَخَفَّضُوا الصَّوْتَ كَيْمَا يَرْفَعُوا الصِّيتَا
وَفِــيـهِـمُ الْـبِـيـضُ أَدْمَـتْـهَـا أَسَـاوِرُهَـا
رَمْــيَ الْأَسَــاوِرِ إِجْــلًا حَــارَ مَـبْـغُـوتَـا
لَـيْـسَـتْ كَـزَعْـمِ جَـرِيـرٍ بَـلْ لَـهَـا مَسَكٌ
يَـرْفَـضُّ عَـنْـهُ ذَكِـيُّ الْـمِـسْـكِ مَـفْتُوتَا
أَلْــقَــتْ جَــرَادَ نُــضَــارٍ فِـي تَـرَائِـبِـهَـا
لَـمْ تَـرْعَ إِلَّا نَـضِـيـرَ الْـحُـسْـنِ تَـنْـبِـيـتَا
يَـا دُرَّةَ الْـخِـدْرِ فِـي لُـجِّ الـسَّـرَابِ أَرَى
مُــقَــلَّــدًا بِــعَــقِـيـقِ الـدَّمْـعِ مَـنْـكُـوتَـا
فَـاضَ الْـجُـمَـانُ لِـطَـيْـرٍ مُـثِّـلَتْ شَبَحًا
مُــخَــوَّلَاتٍ مِــنَ الْأَبْــصَــارِ يَــاقُــوتَــا
أَلِــفْـتِ خُـوصَ الْـمَـطَـايَـا إِنَّ مُـنْـكَـرَةً
إِلْــفُ الْــغَــزَالِ مَــقَــالِـيـتًـا مَـقَـالِـيـتَـا
نَـكَّـسْـتِ قُـرْطَـيْـكِ تَـعْذِيبًا وَمَا سَحَرَا
أَخِــلْــتِ قُــرْطَـيْـكِ هَـارُوتًـا وَمَـارُوتَـا
لَـوْ قُـلْـتِ مَـا قَـالَـهُ فِـرْعَـوْنُ مُـفْـتَـرِيًـا
لَـخِفْتُ أَنْ تُنْصَبِي فِي الْأَرْضِ طَاغُوتَا
فَـــلَـــسْـــتِ أَوَّلَ إِنْــسَــانٍ أَضَــلَّ بِــهِ
إِبْــلِـيـسُ مَـنْ تَـخِـذَ الْإِنْـسَـانَ لَاهُـوتَـا
أَرْوَى الـنِّـيَـاقِ كَـأَرْوَى الـنِّـيقِ يَعْصِمُهَا
ضَـرْبٌ يَـظَـلُّ بِـهِ الـسِّـرْحَـانُ مَـبْـهُـوتَا
وَعَـــمْـــرُ هِـــنْـــدٍ كَـــأَنَّ اللــهَ صَــوَّرَهُ
عَـمْـرَو بْـنَ هِـنْـدٍ يَـسُومُ النَّاسَ تَعْنِيتَا
يَــا عَــارِضًــا رَاحَ تَــحْــدُوهُ بَــوَارِقُــهُ
لِلْـكَـرْخِ سُـلِّـمْـتَ مِـنْ غَـيْـثٍ وَنُـجِّـيـتَا
لَــنَــا بِــبَــغْــدَادَ مَـنْ نَـهْـوَى تَـحِـيَّـتَـهُ
فَــإِنْ تَــحَــمَّــلْــتَــهَــا عَـنَّـا فَـحُـيِّـيـتَـا
اجْــمَــعْ غَــرَائِــبَ أَزْهَــارٍ تَــمُــرُّ بِــهَــا
مِــنْ مُــشْــئِــمٍ وَعِــرَاقِــيٍّ إِذَا جِـيـتَـا
إِلَــى الــتَّــنُــوخِــيِّ وَاسْــأَلْــهُ أُخُـوَّتَـهُ
فَــقَــبْــلَــهُ بِــالْــكِــرَامِ الْـغُـرِّ أُوخِـيـتَـا
فَـذَلِـكَ الـشَّـيْـخُ عِـلْـمًـا وَالْـفَـتَى كَرَمًا
تُــلْــفِـيـهِ أَزْهَـرَ بِـالـنَّـعْـتَـيْـنِ مَـنْـعُـوتَـا
يَـا ابْـنَ الْـمُـحَـسَّـنِ مَـا أُنْسِيتَ مَكْرُمَةً
فَــاذْكُــرْ مَــوَدَّتَـنَـا إِنْ كُـنْـتَ أُنْـسِـيـتَـا
لَــسْــتَ الْــكَــلِـيـمَ وَفِـي دَارٍ مُـبَـارَكَـةٍ
حَــلَلْـتَ وَالْـجَـانِـبَ الْـغَـرْبِـيَّ نُـودِيـتَـا
بَـيْـنِـي وَبَـيْـنَـكَ مِـنْ قَـيْـسٍ وَإِخْـوَتِهَا
فَــوَارِسٌ تَــذَرُ الْــمِــكْــثَــارَ سِــكِّـيـتَـا
وَالــرُّومُ سَــاكِــنَـةُ الْأَطْـرَافِ جَـاعِـلَـةٌ
سِــهَــامَـهَـا لِـوَقُـودِ الْـحَـرْبِ كِـبْـرِيـتَـا
أَثَـــارَنِـــي عَـــنْـــكُـــمُ أَمْــرَانِ وَالِــدَةٌ
لَــمْ أَلْــقَــهَــا وَثَــرَاءٌ عَــادَ مَــسْـفُـوتَـا
أَحْـيَـاهُـمَـا اللـهُ عَـصْرَ الْبَيْنِ ثُمَّ قَضَى
قَـبْـلَ الْإِيَـابِ إِلَـى الـذُّخْـرَيْـنِ أَنْ مُوتَا
لَــوْلَا رَجَــاءُ لِــقَــائِــيــهَـا لَـمَـا تَـبِـعَـتْ
عَـنْـسِـي دَلِـيـلًا كَـسِـرِّ الْـغِـمْـدِ إِصْـلِيتَا
وَلَا صَــحِــبْـتُ ذِئَـابَ الْإِنْـسِ طَـاوِيَـةً
تُـرَاقِـبُ الْـجَدْيَ فِي الْخَضْرَاءِ مَسْبُوتَا
سَــقْــيًــا لِــدِجْــلَـةَ وَالـدُّنْـيَـا مُـفَـرِّقَـةٌ
حَـتَّـى يَـعْـودَ اجْـتِـمَـاعُ النَّجْمِ تَشْتِيتَا
وَبَــعْــدَهَــا لَا أُرِيـدُ الـشُّـرْبَ مِـنْ نَـهَـرٍ
كَــأَنَّــمَــا أَنَــا مِــنْ أَصْـحَـابِ طَـالُـوتَـا
رَحَـــلْـــتُ لَـــمْ آتِ قِــرْوَاشًــا أُزَاوِلُــهُ
وَلَا الْـمُـهَـذَّبَ أَبْـغِـي الـنَّـيْـلَ تَـقْـوِيـتَـا
وَالْـمَـوْتُ أَحْـسَـنُ بِـالـنَّفْسِ الَّتِي أَلِفَتْ
عِــزَّ الْـقَـنَـاعَـةِ مِـنْ أَنْ تَـسْـأَلَ الْـقُـوتَـا
بَــتَّ الــزَّمَـانُ حِـبَـالِـي مِـنْ حِـبَـالِـكُـمُ
أَعْـزِزْ عَـلَـيَّ بِـكَـوْنِ الْـوَصْـلِ مَـبْـتُـوتَـا
ذَمَّ الْـــوَلِــيــدُ ولَــمْ أَذْمُــمْ جِــوَارَكُــمُ
فَـقَـالَ مَـا أَنْـصَـفَـتْ بَـغْـدَادُ حُـوشِـيتَا
فَــإِنْ لَــقِــيـتُ وَلِـيـدًا وَالـنَّـوَى قَـذَفٌ
يَــوْمَ الْـقِـيَـامَـةِ لَـمْ أُعْـدِمْـهُ تَـبْـكِـيـتَـا
أَعُــدُّ مِـنْ صَـلَـوَاتِـي حِـفْـظَ عَـهْـدِكُـمُ
إِنَّ الــصَّــلَاةَ كِــتَــابٌ كَــانَ مَــوْقُـوتَـا
أُهْـدِي الـسَّـلَامَ إِلَـى عَـبْـدِ الـسَّلَامِ فَمَا
يَــزَالُ قَــلْـبِـي إِلَـيْـهِ الـدَّهْـرَ مَـلْـفُـوتَـا
سَــأَلْـتُـهُ قَـبْـلَ يَـوْمِ الـسَّـيْـرِ مَـبْـعَـثَـهُ
إِلَــيْــكَ دِيــوَانَ تَــيْـمِ اللَّاتِ مَـا لِـيـتَـا
هَــذَا لِــتَــعْـلَـمَ أَنِّـي مَـا نَـهَـضْـتُ إِلَـى
قَــضَــاءِ حَـجٍّ فَـأَغْـفَـلْـتُ الْـمَـوَاقِـيـتَـا
أَحْـسَـنْتَ مَا شِئْتُ فِي إِينَاسِ مُغْتَرِبٍ
وَلَـوْ بَـلَـغْـتُ الْـمُـنَـى أَحْسَنْتُ مَا شِيتَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤