أَلَا كَمْ تَيَّمَتْ مِصْرٌ فَرِيدَا

Wave Image
أَلَا كَــمْ تَــيَّــمَــتْ مِـصْـرٌ فَـرِيـدَا
وَوَدَّ الْــقَــلْــبُ فِـيـهَـا أَنْ يَـعُـودَا
فَأَقْــسَــمَ لَا يَــعُــودُ إِلَـى رُبَـاهَـا
إِذَا لَـمْ يَـطْـرَحِ الْـوَطَـنُ الْـجُمُودَا
وَأَنْ يَـغْـشَـى الْـبِلَادَ إِذَا اسْتَقَلَّتْ
وَسَـاعَـدَهَـا الـزَّمَـانُ بِأَنْ تَـسُـودَا
فَـــعَــوْدَتُــهُ إِلَــى الْأَوْطَــانِ فَأْلٌ
بِأَنَّ الــشَّـعْـبَ قَـدْ فَـكَّ الْـقُـيُـودَا
فَـتَـيـهِـي مِـصْرُ بِالْجَسَدِ الْمُفَدَّى
فَـلَـمْ يُخْلِفْ لَدَى الْمَوْتِ الْوُعُودَا
وَحَـلَّ بِأَرْضِـكِ الـنَّـعْـشُ الْـمُـعَلَّى
وَقَـدْ أَدْنَـى الـزَّمَـانُ لَـكِ الْـعُهُودَا
فَـرِيـدٌ فَـخْـرُكِ الْـمَاضِي فَحُضِّي
عَـلَـى اسْـتِـقْـبَـالِ جُـثَّتِهِ الْوُفُودَا
أَحَـبَّـكِ فَـاسْـتَـشَاطَ الدَّهْرُ غَيْظًا
وَكَــانَ الــدَّهْــرُ جَــبَّــارًا عَـنِـيـدَا
فَـكَـمْ عَـكَـسَ الْـمَآرِبَ وَالْأَمَـانِي
وَكَـمْ أَبْـلَـى مِـنَ الْـعَـلْـيَـا جَـدِيدَا
تَـعَـوَّدَ أَنْ يَـغُـولَ ذَوِي الْـمَـعَـالِي
وَأَنْ تَــفْــرِي أَظَـافِـرُهُ الْـحَـدِيـدَا
فَــغَـالَ مُـحَـمَّـدًا لَـمْ يَـرْعَ عَـهْـدًا
وَأَخْـفَـى بَـدْرَ نَـهْـضَـتِـنَا الْمَجِيدَا
وَكَـانَ كَـمَـا عَـلِـمْـنَـا مِـنْـهُ شَـهْـمًا
قَـوِيَّ الْـجَأْشِ مِـقْـدَامًـا جَـلِـيـدَا
فَــيَــا لــلــهِ مِــفْــضَــالٌ مُــفَـدًّى
أَحَـــبَّ بِـــلَادَهُ طِـــفْــلًا وَلِــيــدَا
فَأَنْــفَــقَ مَــالَــهُ عَـمْـدًا لِـتَـحْـيَـا
وَحَـقَّـرَ فِـي مَـحَـبَّـتِـهَـا الْـوُجُودَا
وَقَــالَ فَأَنْــصَــتَ الْأَقْــوَامُ طُـرًّا
وَكَــانَ كَــلَامُــهُ الـدُّرَّ الـنَّـضِـيـدَا
فَـكَـمْ نَـفَـعَ الْـبِـلَادَ وَكَـمْ حَـمَـاهَا
وَكَـمْ أَبْـدَى بِـهَـا الـرَّأْيَ الـسَّـدِيدَا
سَـعَـى فَأَجَـادَ فِـي رَدِّ الْـمَـخَازِي
لِـيَـحْـفَـظَ عِـزَّ مِـصْـرَ وَأَنْ يَـزِيدَا
وَلَـــمَّــا آنَ أَنْ نَــجْــنِــي ثِــمَــارًا
لِـذَاكَ الـسَّـعْـيِ فَـارَقَـنَـا وَحِـيـدَا
فَــحُــبُّ بِــلَادِهِ أَقْــصَــاهُ عَـنْـهَـا
وَمَــاتَ مُــشَــرَّدًا عَـنْـهَـا طَـرِيـدَا
فَــيَــا بِــرْلِـيـنُ أَظْـهَـرْتِ الـرَّزَايَـا
وَأَخْـفَـتْ أَرْضُـكِ الْبَطَلَ الشَّدِيدَا
حَـوَتْ أَرْجَـاكِ أَعْلَى النَّاسِ حِينًا
فَـفَـخْـرُكِ لَـنْ يَـزُولَ وَلَـنْ يَـبِـيدَا
وَلَـوْ بَـقِـيَـتْ رُفَـاتُ الْـمَجْدِ فِيكِ
لَــحَــجَّ إِلَـيْـكِ أَهْـلُـونَـا سُـجُـودَا
وَحَـوَّلْـنَـا الْـوُجُـوهَ إِلَـيْـكِ قَـصْدًا
لَدَى الصَّلَوَاتِ لَا نَخْشَى الْوَعِيدَا
وَلَــكِــنَّ الْــكِــنَــانَــةَ لَـمْ يَـرُقْـهَـا
بَــقَـاءُ عَـمِـيـدِهَـا عَـنْـهَـا بَـعِـيـدَا
وَضَـنَّـتْ أَنْ يَـضُـمَّ الْـغَرْبُ شَهْمًا
وَحِــيــدًا فِــي مَـعَـالِـيـهِ فَـرِيـدَا
فَأَدْنَـتْ جُـثَّـةَ الْـبَـطَـلِ الْـمُـفَـدَّى
لِــتَــبْـقَـى ذُخْـرَ أُمَّـتِـهِ الْـعَـتِـيـدَا
فَـفِـيـهَـا سَـلْـوَةُ الْـمُـضْنَى وَفَخْرٌ
لِــقَـوْمٍ كَـانَ مَـجْـدُهُـمُ الـتَّـلِـيـدَا
فَـقُـومُـوا حَـوْلَ جُـثَّـتِـهِ جَـمِـيعًا
فَـكَـمْ قَـدْ قَـامَ إِذْ كُـنْـتُـمْ قُـعُودَا
وَيَــا ذَاكَ الْــفَــقِـيـدُ حَـبَـاكَ رَبِّـي
مِـنَ الـرَّحَـمَـاتِ وَالْفَضْلِ الْمَزِيدَا
فَـعِـشْ فِـي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ رَغْدًا
فَـكَـمْ أَسْـدَيْـتَ مَـعْـرُوفًا وَجُودَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: عودة جثمان محمد فريد من برلين.
  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

نبوية موسى: رائدةٌ مِصريةٌ بارزةٌ في مجالاتِ التَّعليمِ وحقوقِ المرأة.

وُلِدَتْ «نبوية موسى» في عامِ ١٨٨٦م بقريةِ «مجول» بمحافظةِ «القليوبية»، لأبٍ كانَ يعملُ ضابطًا بالجيشِ المصريِّ أُوفِدَ إلى السودانِ قبلَ ميلادِها بشهرَين، وتُوفِّيَ هناكَ فلمْ تَرَهُ ونشأَتْ يتيمةَ الأب.

شُغِفتْ منذُ صِغرِها بالتعليم، ولكنْ بسببِ التقاليدِ الاجتماعيةِ الصارمةِ السائدةِ آنَذاكَ لمْ يكُنْ يُسمَحُ للفَتياتِ أن يَلْتحقْنَ بالمدارسِ بسُهولة؛ لذلكَ تعلَّمتِ القراءةَ والكتابةَ في البيتِ بمُساعدةِ شقيقِها الأكبر، الذي كانَ كثيرًا ما يَقرأُ عليها دروسَه فتَحْفظُها مِنَ المرَّةِ الأُولى.

عندما بلغَتْ الثالثةَ عشرةَ مِن عمرِها أرادَت أن تَلتحِقَ بالمدرسة، إلا أنَّ أُسرتَها رفَضت بشدة، ولكنها احتالتْ بشتَّى السُّبُلِ لتضمَنَ لنفسِها مَقْعدًا دراسيًّا؛ فاضْطُرَّتْ إلى أن تسرقَ خاتمَ والدتِها لتُزوِّرَ موافقَتَها على الالتِحاق، وبالفعلِ بدأتْ في تَلقِّي الدروسِ ﺑ «المدرسةِ السنيةِ للبنات» لتنالَ شهادةَ التعليمِ الابتدائيِّ بتفوُّقٍ عامَ ١٩٠٣م.

بعدَ أن أتمَّتْ دراستَها بقسمِ المُعلِّماتِ عامَ ١٩٠٦م عُيِّنتْ مُعلِّمةً بمَدْرسة «عباس الابْتدائيَّة للبِنات» بالقاهِرة، ولكنَّها صُدِمَتْ عندما وجدَتْ أنَّ راتبَها نصفُ راتبِ زملائِها خرِّيجِي «مدرسةِ المُعلِّمين العُلْيا»، فتقدَّمتْ بشَكوى لوزارةِ المَعارف، التي رَدَّتْ بدَوْرِها بأنَّ سببَ ذلكَ هو حصولُ زملائِها الرجالِ على درجةِ «البكالوريا»، فقرَّرتْ أن تَدْرسَ لِنَيلِها بنفسِها؛ حيثُ لم يكُنْ هناكَ وقتَها مدارسُ فَتياتٍ للبكالوريا، فكانتْ هيَ أولَ فتاةٍ مِصريةٍ تَحصُلُ على هذهِ الشهادةِ عامَ ١٩٠٧م.

كانت قد بدأتْ في ذلكَ الوقتِ في كتابةِ مَقالاتٍ صحفيةٍ تتناولُ موضوعاتٍ تعليميةً واجتماعيةً وأدبية، وركَّزتِ اهتمامَها على قَضايا التعليمِ وتربيةِ الفتاةِ وتَثْقيفِها، كما ألَّفتْ بعضَ الكتبِ التي ضمَّتْ آراءَها وأفكارَها.

كانتْ «نبوية موسى» أوَّلَ ناظرةٍ مِصريةٍ لمَدْرسةٍ ابتدائية؛ مَدْرسةِ «المحمَّدية للبنات» بالفيوم، وقد بذلَتْ فيها مَجْهودًا كبيرًا لنَشرِ تعليمِ الفَتيات، وطبَّقتْ أسلوبًا أخلاقيًّا صارمًا ومُنضبطًا لتربيةِ الطالبات؛ لكَي تُشجِّعَ الأُسَرَ على إرسالِ بناتِهم للتعلُّمِ دونَ خوْفٍ عليهِن.

أنشأتْ «نبوية موسى» مطبعةً ومجلةً أُسبوعيةً نسائيةً باسمِ «الفتاة»، كما شارَكَتْ في العديدِ مِنَ المؤتَمراتِ التربويةِ والنِّسائية، وتُوفِّيتْ عامَ ١٩٥١م بعدَ حياةٍ حافِلةٍ بالعَطاء.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤