الْمَجْلِسُ الْعُمُومِيُّ

Wave Image
يَـا شَـرْقُ بُـشْـرَاكَ أَبْـدَى شَـمْـسَكَ الْفَلَكُ
وَزَالَ عَــنْــكَ وَعَــنْ آفَــاقِــكَ الْــحَــلَـكُ
أَضْـحَـى بِـكَ الْقَوْمُ أَحْرَارًا قَدِ اعْتَصَمُوا
مِــنَ الــنَّــجَــاةِ بِـحَـبْـلٍ لَـيْـسَ يَـنْـبَـتِـكُ
نَــادٍ بِــهِ الْــقَـوْلُ مِـنْ أَهْـلِـيـهِ مُـسْـتَـمَـعٌ
وَالْـــحَــقُّ مُــتَّــبَــعٌ وَالْأَمْــرُ مُــشْــتَــرَكُ
نَـــادٍ إِذَا نَـــفَـــرَتْ عَـــنَّـــا الْأُمُـــورُ بِـــهِ
لَــهُــنَّ يَـمْـتَـدُّ مِـنْ نَـسْـجِ الـنُّـهَـى شَـرَكُ
يُـصْـطَـادُ فِـيـهِ شُـرُودُ الْـحَـقِّ عَـنْ كَثَبٍ
كَـالْـمَـاءِ يُـصْطَادُ فِي ضَحْضَاحِهِ السَّمَكُ
إِنَّ الــسَّــحَــائِــبَ لَــمْ تَـظْـهَـرْ بَـوَارِقُـهَـا
مَــا لَــمْ يَـكُـنْ لِـلْـقُـوَى فِـيـهِـنَّ مُـعْـتَـرَكُ
وَلِــلــتَّــدَابِــيــرِ حَــرْبٌ لَا يَـخِـيـبُ بِـهَـا
قَــوْمٌ بِــمُــسْــتَــنْــقَـعِ الْآرَاءِ قَـدْ بَـرَكُـوا
هَـذَا هُـوَ الْـمَجْلِسُ الرَّحْبُ الَّذِي وَسِعَتْ
أَحْـكَـامُـهُ الـنَّاسَ مَنْ عَاشُوا وَمَنْ هَلَكُوا
هُـوَ الـسَّـمَـاءُ الَّـتِـي نَـعْـلُـو الـسَّـمَـاءَ بِـهَا
تَــبْــدُو مِـنَ الْـعَـدْلِ فِـي آفَـاقِـهَـا حُـبُـكُ
دَارَتْ بِـهَـا شَـمْـسُ عِـزِّ الْـمُـلْكِ حَيْثُ لَهَا
حُــرِّيَّــةُ الْــعَـيْـشِ بُـرْجٌ وَالـنُّـهَـى فَـلَـكُ
قَــدْ أَصْــبَـحَ الْأَمْـرُ شُـورَى بَـيْـنَـنَـا فَـبِـهِ
عَــلَــى الــرَّعِــيَّــةِ لَا يَــسْــتَأْثِـرُ الْـمَـلِـكُ
وَأَصْـبَـحَ الـنَّـاسُ فِـي قُـرْبَى وَإِنْ بَعُدَتْ
أَدْيَــانُــهُــمْ، مَـا بِـهِـمْ حِـقْـدٌ وَلَا حَـسَـكُ
هَـذَا الَّـذِي جَـاءَنَـا الـدِّيـنُ الْـحَـنِـيـفُ بِهِ
وَحْــيًــا مِـنَ الـلـهِ مَـبْـعُـوثًـا بِـهِ الْـمَـلَـكُ
هَــذَا بِــهِ نَــهَــضَ الْإِسْــلَامُ نَــهْــضَــتَـهُ
مِـنْ قَـبْـلُ إِذْ قَـامَ يَـسْـتَـوْلِـي وَيَـمْـتَـلِكُ
يَـا قَـوْمُ قَـدْ حَـانَ حِـيـنٌ تَـسْـخَـرُونَ بِهِ
مِـمَّـنْ بِـكُـمْ سَخِرُوا مِنْ قَبْلُ أَوْ ضَحِكُوا
مَــاتَ الـزَّمَـانُ الَّـذِي مِـنْ قَـبْـلُ كَـانَ بِـهِ
يَـحْـيَـا امْـرُؤٌ لَمْ يَكُنْ فِي السَّعْيِ يَنْهَمِكُ
هَـلَّا نَـظَـرْتُـمْ لِـمَـا فِـي الْـغَـرْبِ مِنْ سَنَنٍ
كُــلٌّ بِــهِ سَــائِــرٌ طَــلْــقًــا وَمُــنْــسَــلِـكُ
لَـمْ تَـلْـقَ لِـلْـحَـقِّ وَجْـهًـا فِـيـهِ مُـحْـتَـقَرًا
وَلَــمْ تَــجِــدْ حُــرْمَــةً لِـلْـعِـلْـمِ تُـنْـتَـهَـكُ
فِـي الْـغَـرْبِ أَصْـوَاتُ عِـلْـمٍ يَـبْـعَثُونَ بِهَا
مَـنْ فِـي الْـقُبُورِ فَهَلْ فِي سَمْعِكُمْ سَكَكُ
فَـشَـمِّـرُوا يَـا رِجَـالَ الـشَّـرْقِ عَـنْ هِـمَـمٍ
حِـجَـابُـهَـا عِـنْـدَ أَهْـلِ الْـغَـرْبِ مُـنْـتَـهَـكُ
وَلَـسْـتُ أَطْـلُـبُ مِـنْـكُـمْ فِـعْـلَ مَـا فَعَلُوا
وَلَا أُحَــاوِلُ مِــنْــكُــمْ تَــرْكَ مَــا تَــرَكُـوا
بَـلْ فَـاذْكُـرُوا أَوَّلِـيـكُـمْ كَـيْـفَ قَدْ سَلَفُوا
ثُـمَّ اسْـلُـكُـوا فِـي الْـمَـعَـالِـي أَيَّـةً سَلَكُوا
وَاسْـتَـخْلِصُوا عَسْجَدَ الْمَجْدِ الَّذِي بَلَغُوا
سَـبْـكًـا عَـلَـى قَـالَـبِ الْـعِلْمِ الَّذِي سَبَكُوا
لَا عُــذْرَ لِــلـشَّـرْقِ عِـنْـدَ الْـغَـرْبِ بَـعْـدَئِـذٍ
إِنْ لَـــمْ يَـــتِـــمَّ لَـــهُ مِـــنْ شَأْوِهِ الــدَّرَكُ
وَاسْـتَـنْـجِـدُوا الْـعِـلْـمَ إِنَّ الْـعِـلْـمَ شِكَّتُهُ
فِـي حَـوْمَـةِ الْـعَيْشِ تَبْلَى دُونَهَا الشِّكَكُ
أَمَّــا الْــمَــدَارِسُ فَــلْــتُـرْفَـعْ قَـوَاعِـدُهَـا
حَـتَّـى تَـقُـومَ وَطَـوْدُ الْـجَـهْـلِ مُـؤْتَـفِـكُ
مَــنَــابِـعُ الْـعِـلْـمِ إِنْ غَـاضَـتْ بِـمَـمْـلَـكَـةٍ
فَـاضَـتْ بِـسَـيْـلِ الـدَّوَاهِـي حَـوْلَـهَا بِرَكُ
مَــنْ شَــادَ مَــدْرَسَــةً لِــلْــعِـلْـمِ هَـدَّ بِـهَـا
سِجْنًا لِمَنْ أَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ فَتَكُوا
وَكَـمْ أَثَـارَتْ رِيَـاحُ الْـجَـهْـلِ مِـنْ سُـحُبٍ
تَــهْــطَـالُـهُـنَّ دَمٌ فِـي الْأَرْضِ مُـنْـسَـفِـكُ
فَـالْـعِـلْـمُ وَالْـجَـهْـلُ كُـلُّ الْـبَـوْنِ بَـيْـنَـهُمَا
هَــذَا الْــفُـسُـوقُ وَذَاكَ الْـفَـوْزُ وَالـنُّـسُـكُ
ضِـدَّانِ مَـا اسْـتَـوَيَـا يَـوْمًـا وَلَا اجْـتَـمَعَا
وَهَــلْ تُـرَى يَـتَـسَـاوَى الْـنُّـورُ وَالْـحَـلَـكُ
نَــادُوا الْــبِــدَارَ الْــبِــدَارَ الْــيَــوْمَ إِنَّــكُـمُ
يَـا قَـوْمُ سَـاهُـونَ حَـيْـثُ الْأَمْـرُ مُـرْتَـبِكُ
كَــمْ رُدِّدَتْ كَـلِـمَـاتُ الـنَّـاصِـحِـيـنَ لَـكُـمْ
حَـتَّـى لَـقَـدْ مَـلَّ مِـنْ مَـضْـغٍ لَـهَـا الْحَنَكُ
يَـا قَـوْمُ قَـدْ طَـلَـعَـتْ شَمْسُ الْهُدَى وَبِهَا
لِـلـنَّـاسِ قَـدْ وَضَحَتْ مِنْ رُشْدِهِمْ سِكَكُ
وَأَنْــشَــدَ الــشَّــرْقُ مَــسْـرُورًا يُـؤَرِّخُـهَـا
«حُـرِّيَّـةُ الْـمُـلْـكِ أَهْـدَى شَـمْسَهَا الْفَلَكُ»

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤