صُورَةٌ

Wave Image
زَهْـــرَةٌ قَــدْ بَــدَتْ مِــنَ الْأَكْــمَــامِ
فَـتَـجَـلَّـى مِـنْـهَـا الْـجَـمَالُ السَّامِي
وَتَـرَاءَتْ فِـيـهَـا الْـحَـقِـيـقَـةُ حُسْنًا
لَـــمْ يُــدَنِّــسْــهُ طَــائِــفُ الْأَوْهَــامِ
إِنَّ تَـجْـرِيـدَهَـا مِـنَ الـثَّوْبِ يَحْكِي
أَنْـــفُـــسًـــا جُـــرِّدَتْ مِـــنَ الْآثَــامِ
هِــيَ كَــانَـتْ قَـبْـلَ الـتَّـجَـرُّدِ مِـنْـهُ
كَـــوْكَـــبًـــا غُـــمَّ نُــورُهُ بِــغَــمَــامِ
إِنَّ قُـدْسَ الْأَقْدَاسِ يَغْضَبُ مِنْ أَنْ
تَـــتَـــوَارَى وَسَـــامَـــةُ الْأَجْــسَــامِ
وَأَشَــدُّ الْــكُــفْــرِ الَّـذِي هُـوَ رِجْـسٌ
كُــفْــرُ هَــذَا الْــجَــمَــالِ بِـالْأَهْـدَامِ
ضَـــلَّــةٌ جَــاهِــلِــيَّــةٌ أَنْــكَــرَتْــهَــا
رُسُــلُ الْــفَــنِّ فِــي هُـدَى الْإِسْـلَامِ
•••
انْـظُـرِ الـصُّـورَةَ الَّـتِـي انْـتَـزَعَـتْـهَـا
مِــنْ يَــدِ الْــعُــرْيِ رِيـشَـةُ الـرَّسَـامِ
تَـلْـقَ فِـيهَا الْجَمَالَ يَضْحَكُ ضِحْكًا
يَـمْـتَـرِي الـدَّمْـعَ مِـنْ عُـيُونِ الْغَرَامِ
وَتَــرَى نَــفْـسَـكَ الْـكَـئِـيـبَـةَ مِـنْـهَـا
فِــي سُــرُورٍ مُــهَــاجِــمٍ مُـتَـرَامِـي
أَنْـتَ مِـنْـهَـا فِـي نَـشْـوَةِ الْمُتَحَسِّي
بِــنْــتَ كَــرْمٍ وَلَـوْعَـةَ الْـمُـسْـتَـهَـامِ
مَــنْــظَــرٌ يَــتْــرُكُ الْــجَـوَانِـحَ مِـنَّـا
فِــي هِــيَــاجٍ مِـنَ الْـهَـوَى وَهُـيَـامِ
وَيَــرُدُّ الْــوُجُــوهَ مُــسْــتَــبْـشِـرَاتٍ
وَيَـــرُدُّ الــثُّــغُــورَ ذَاتَ ابْــتِــسَــامِ
يُــبْـهِـجُ الـنَّـفْـسَ إِذْ يُـحَـرِّكُ مِـنْـهَـا
وَتَــرَ الــشِّــعْــرِ مُــطْــرِبَ الْأَنْـغَـامِ
•••
خَــلَـعَـتْ ثَـوْبَـهَـا وَأَغْـضَـتْ حَـيَـاءً
فَأَرَتْــنَــا خَــلَاعَــةً فِــي احْـتِـشَـامِ
جَـلَـسَـتْ جِـلْـسَـةَ الْـحَـيِيِّ وَأَبْدَتْ
بِــالــتَّــعَـرِّي بَـدَاعَـةً فِـي الْـوَسَـامِ
مَــا أُحَــيْـلَـى إِغْـضَـاءَةً جَـعَـلَـتْـهَـا
كَـــغَـــرِيــقٍ فِــي لُــجَّــةِ الْأَحْــلَامِ
يَــتَـعَـامَـى عَـنْـهَـا الْـحَـيَـاءُ حَـيَـاءً
لِــيَــرَاهَــا بِــحِــيــلَـةِ الْـمُـتَـعَـامِـي
لِــسُـقُـوطِ الـرِّدَاءِ عَـنْ مَـنْـكِـبَـيْـهَـا
نَــهَــضَ الْــفَــنُّ قَــائِـمًـا بِـاحْـتِـرَامِ
وَغَــدَا الْــحُـبُّ رَاقِـصًـا بِـابْـتِـهَـاجٍ
وَجَـرَى الـشِّـعْـرُ شَـادِيًـا بِـانْـسِجَامِ
•••
إِنَّ هَـذَا الْـجَـمَـالَ شَـيْءٌ عَـجِـيـبٌ
حَــيْــرَةٌ فِــي الْــعُـقُـولِ وَالْأَفْـهَـامِ
بَــيْــنَ أَلْــوَانِــهِ وَبَـيْـنَ قُـلُـوبِ الـنَّـ
ـاسِ جَــذْبٌ ذُو حُـرْقَـةٍ وَاحْـتِـدَامِ
وَهْوَ فِي الْحُبِّ صَادِقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْـ
ـيِ مُـطَـاعٌ فِـي الـنَّـقْـضِ وَالْإِبْـرَامِ
إِنْ يَــشَأْ فَــالــصِّـغَـارُ غَـيْـرُ صِـغَـارٍ
وَعِــظَــامُ الــرِّجَــالِ غَــيْـرُ عِـظَـامِ
هُـوَ نُـورٌ يُـضِـيءُ فِـي أَوْجُـهِ الْـحُـ
ـبِّ وَيَــهْــدِي إِلَـى طَـرِيـقِ الْـغَـرَامِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤