خِزَانَةُ الْأَوْقَافِ

Wave Image
لِـلْـمُـسْـلِـمِـيـنَ عَـلَـى نُـزُورَةِ وَفْرِهِمْ
كَــنْـزٌ يَـفِـيـضُ غِـنًـى مِـنَ الْأَوْقَـافِ
كَـنْـزٌ لَـوِ اسْـتَـشْـفَـوْا بِـهِ مِـنْ دَائِـهِمْ
لَــتَــوَجَّــرُوا مِـنْـهُ الـدَّوَاءَ الـشَّـافِـي
وَلَـوِ ابْـتَـغَـوْا لِـلـنَّـشْءِ فِـيـهِ ثَـقَـافَةً
لَــتَــثَــقَّــفُــوا مِــنْـهُ بِـخَـيْـرِ ثِـقَـافِ
وَلَـوِ ارْتَـقَـوْا بِـجَـنَـاحِهِ فِي عَصْرِهِمْ
لَأَطَـــارَهُـــمْ بِـــقَــوَادِمٍ وَخَــوَافِــي
لَــكِــنَّــهُــمْ قَــدْ أَهْـمَـلُـوهُ وَأَعْـمَـلُـوا
فِــي جَــانِــبَــيْــهِ عَــوَامِـلَ الْإِتْـلَافِ
فَإِذَا نَــظَــرْتَ رَأَيْــتَ ثَــمَّــةَ أَرْضَــهُ
تَـجْـرِي الـرِّيَـاحُ بِـهَـا وَهُـنَّ سَـوَافِـي
قَـدْ تَـابَـعُـوا الْـمَوْتَى عَلَيْهِ وَمَا وَقَوْا
أَهْــلَ الْــحَــيَـاةِ بِـهِ مِـنَ الْإِجْـحَـافِ
وَقَـفُـوا بِـهِ عِـنْـدَ الـشُّـرُوطِ لِـوَاقِـفٍ
وَتَــغَــافَـلُـوا عَـنْ حِـكْـمَـةِ الْإِيـقَـافِ
تَـرَكُـوا لَـهُ فِـي الْـعَـصْـرِ نَفْعًا ظَاهِرًا
وَتَــعَــامَــلُــوا فِــيــهِ بِـنَـفْـعٍ خَـافِـي
لَـمْ يَـسْـتَـجِـدُّوا فِـيـهِ شَيْئًا وَاكْتَفَوْا
فِــي كُـلِّ حَـالٍ مِـنْـهُ بِـالـسَّـفْـسَـافِ
قُــلْ لِــلَّــذِيــنَ تَـقَـيَّـدُوا بِـشُـرُوطِـهِ
مَـاذَا الـتَّـوَقُّـفُ عِـنْـدَ رَسْـمٍ عَـافِي؟
غَـرَسُـوهُ غَـرْسًـا مُـثْـمِـرًا لَـكِنْ جَرَتْ
غِـيَـرُ الـزَّمَـانِ فَـعَـادَ كَـالـصَّـفْـصَافِ
هَـلْ بَـيْـنَ شَـرْطِ الْـوَاقِفِينَ وَبَيْنَ مَا
نَــفَـعَ الْـعُـمُـومَ تَـنَـاقُـضٌ وَتَـنَـافِـي؟
أَنُــرِيــدُ أَنْ يَــقْـفُـو الـزَّمَـانُ أُمُـورَنَـا
وَأُمُــورُنَــا هِــيَ لِــلـزَّمَـانِ قَـوَافِـي؟
الْأَرْضُ مَـسْـجِـدُنَـا فَـفِـيـمَ مَـسَـاجِدٌ
أَمْـــسَـــتْ تُــعَــدُّ الْــيَــوْمَ بِــالْآلَافِ
كَــانَ الــصَّــلَاةُ بِـمَـسْـجِـدٍ وَبِـغَـيْـرِهِ
فِـي الْـحُـكْـمِ وَاحِـدَةً لَدَى الْأَسْلَافِ
هَــلَّا جُــعِــلْــنَ مَــدَارِسًــا فَـيَّـاضَـةً
مِــنْ كُــلِّ عِــلْـمٍ بِـالـزُّلَالِ الـصَّـافِـي
يَــنْــتَــابُـهَـا أَبْـنَـاؤُكُـمْ كَـيْ يَأْخُـذُوا
مِــنْ كُــلِّ فَـنٍّ بِـالـنَّـصِـيـبِ الْـوَافِـي
فَـيَـفِـيـضُ فَيْضُ الْعِلْمِ حَتَّى يَرْتَوِي
مِـــنْــهُ بَــنُــو الْأَمْــصَــارِ وَالْأَرْيَــافِ
إِنْ لَـمْ يَـكُـنْ شَـرَفُ الْـبِـلَادِ مُـحَصَّنًا
بِــالْــعِــلْــمِ كَــانَ مُــهَــدَّدَ الْأَطْـرَافِ
وَإِذَا الـنُّـفُـوسُ تَـسَـافَـلَتْ مِنْ جَهْلِهَا
لَــمْ يُــعْــلِــهَــا شَـمَـمٌ عَـلَـى الْآنَـافِ
هَـذِي الْـخِـزَانَـةُ أُنْـشِـئَـتْ فَـبِـنَـاؤُهَا
لِـــلْأَمْـــرِ فِـــيـــهِ تَــدَارُكٌ وَتَــلَافِــي
أَيَـــظُـــنُّ ذُو عَــقْــلٍ بِأَنَّ بِــنَــاءَهَــا
أَمْــرٌ لِــشَــرْطِ الْــوَاقِـفِـيـنَ مُـنَـافِـي
تَــالـلـهِ لَـيْـسَ بِـمُـنْـكِـرٍ تَـشْـيِـيـدُهَـا
إِلَّا امْـــرُؤٌ خَـــالٍ مِـــنَ الْإِنْـــصَــافِ
أَحْـيُـوا بِـهَـا عَـصْـرَ الْـعُـلُـومِ لِـدَوْلَـةٍ
خُــلَــفَــاؤُهَــا مِــنْ آلِ عَـبْـدِ مَـنَـافِ
عَصْرَ الرَّشِيدِ أَبِي الْخَلَائِفِ إِذْ غَدَتْ
بَــغْــدَادُ رَافِــلَــةً بِــمَــجْــدٍ ضَـافِـي
فِـي عَـهْـدِ فَـيْـصَـلِنَا الْمُعَظَّمِ أُنْشِئَتْ
عَــلَــمًــا يُــشِـيـرُ لِأَشْـرَفِ الْأَهْـدَافِ
فَإِذَا هَــتَــفْــتُ بِــحَـمْـدِهِ وَبِـشُـكْـرِهِ
رَدَّ الــصَّــدَى بُــنْــيَــانُـهَـا لِـهُـتَـافِـي
نَــادَيْــتُ طُــلَّابَ الْــعُـلُـومِ مُـؤَرِّخًـا
حُــجُّــوا بِــنَــاءَ خِــزَانَــةِ الْأَوْقَــافِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤