الْهِلَالُ الْأَحْمَرُ

Wave Image
يَـــا قَـــوْمَ عُـــثْــمَــانَ وَالــدُّنْــيَــا مُــدَاوَلَــةٌ
تَــعَــاوَنُــوا بَــيْــنَــكُــمْ يَــا قَــوْمَ عُــثْــمَــانَـا
كُــونُــوا الْــجِــدَارَ الَّـذِي يَـقْـوَى الْـجِـدَارُ بِـهِ
فَـــالـــلـــهُ قَــدْ جَــعَــلَ الْإِسْــلَامَ بُــنْــيَــانَــا
أَمْـسَـى الـسَّـبِـيـلُ لِـغَـيْـرِ الْـمُـحْـسِـنِـيـنَ دَمًـا
فَــــشَأْنُــــكُــــمْ وَسَـــبِـــيـــلًا نُـــورُهُ بَـــانَـــا
الْـــبِــرُّ مِــنْ شُــعَــبِ الْإِيــمَــانِ أَفْــضَــلُــهَــا
لَا يَـــقْـــبَـــلُ الـــلـــهُ دُونَ الْـــبِـــرِّ إِيــمَــانَــا
هَــلْ تَــرْحَــمُــونَ لَــعَــلَّ الــلــهَ يَــرْحَــمُـكُـمْ
بِــالْــبِــيــدِ أَهْــلًا وَبِــالــصَّــحْـرَاءِ جِـيـرَانَـا؟
فِــــي ذِمَّــــةِ الــــلـــهِ أَوْفَـــى ذِمَّـــةٍ نَـــفَـــرٌ
عَــلَــى طَــرَابُــلُــسٍ يَــقْــضُــونَ شُــجْـعَـانَـا
إِنْ سَــالَ جَــرْحَــاهُــمُ مِــنْ غُــرْبَــةٍ وَوَغًــى
بَــاتُــوا عَــلَــى الْــجَــمْــرِ أَرْوَاحًــا وَأَبْــدَانَــا
هَــذَا يَــحِــنُّ إِلَــى الْــبُـوسْـفُـورِ مُـحْـتَـضَـرًا
وَذَاكَ يَــبْــكِــي الْــغَــضَـا وَالـشِّـيـحَ وَالْـبَـانَـا
يُــــوَدِّعُــــونَ عَــــلَــــى بُــــعْـــدٍ دِيَـــارَهُـــمُ
وَيَـــنْـــشُـــدُونَ بُـــنَـــيَّـــاتٍ وَصِـــبْـــيَـــانَــا
أَذَنْـــبُـــهُـــمْ عِـــنْـــدَ هَـــذَا الـــدَّهْــرِ أَنَّــهُــمُ
يَــحْــمُــونَ أَرْضًــا لَــهُــمْ دِيــسَـتْ وَأَوْطَـانَـا
مَــاتُــوا وَعِــرْضُــهُــمُ الْــمَــوْفُــورُ بَــعْـدَهُـمُ
وَالْــعِــرْضُ لَا عِــزَّ فِــي الــدُّنْــيَــا إِذَا هَــانَــا
قَوْمِي — وَجَلَّتْ وُجُوهُ الْقَوْمِ — مِصْرُ بِكُمْ
أَلْــقَــتْ عَــلَــى كُــرَمَــاءِ الــدَّهْــرِ نِــسْــيَـانَـا
لَا تَــــسْأَلُـــونَ عَـــنِ الْأَعْـــوَانِ إِنْ قَـــعَـــدُوا
وَتَــنْــهَــضُــونَ إِلَــى الْــمَــلْــهُــوفِ أَعْــوَانَــا
أَكُــــلَّــــمَــــا هَــــزَّكُـــمْ دَاعٍ لِـــصَـــالِـــحَـــةٍ
قُــمْــتُــمْ كُــهُــولًا إِلَــى الــدَّاعِــي وَفِـتْـيَـانَـا
لَـــوْ صُـــوِّرَ الـــشَّـــرْقُ إِنْــسَــانًــا أَخَــا كَــرَمٍ
لَـــكُـــنْـــتُـــمُ الــرُّوحَ وَالْأَقْــوَامُ جُــثْــمَــانَــا
إِذَا هُــزِزْتُــمْ تَــلَاقَــى الــسَّــيْــفُ مُـنْـصَـلِـتًـا
وَالـــرِّيـــحُ مُــرْسَــلَــةً وَالْــغَــيْــثُ هَــتَّــانَــا
إِذَا الْــمَــكَــارِمُ فِــي الــدُّنْــيَــا أُشِــيــدَ بِــهَـا
كَـــانَــتْ كِــتَــابًــا وَكُــنَّــا نَــحْــنُ عُــنْــوَانَــا
إِنَّ الْــــحَـــيَـــاةَ نَـــهَـــارٌ أَوْ سَـــحَـــابَـــتُـــهُ
فَـــعِـــشْ نَـــهَـــارَكَ مِــنْ دُنْــيَــاكَ إِنْــسَــانَــا
أَرَى الْـــكَـــرِيـــمَ بِـــوِجْـــدَانٍ وَعَـــاطِـــفَـــةٍ
وَلَا أَرَى لِـــبَـــخِـــيـــلِ الْـــقَـــوْمِ وِجْـــدَانَـــا
•••
هَـــذَا الْــهِــلَالُ الَّــذِي تُــحْــيُــونَ لَــيْــلَــتَــهُ
أَبْـــهَـــى الْأَهِـــلَّـــةِ عِـــنْـــدَ الـــلـــهِ أَلْــوَانَــا
أَرَاهُ مِـــنْ بَـــيْـــنِ أَعْــلَامِ الْــوَغَــى مَــلَــكًــا
وَمَـــا سِـــوَاهُ مِـــنَ الْأَعْـــلَامِ شَـــيْـــطَـــانَــا
قَــانٍ فَــفِــيــهِ مِــنَ الْــجَــرْحَــى مُــشَـاكَـلَـةٌ
حَــتَّــى إِذَا قِــيــلَ مَــاتُــوا اخْـضَـرَّ رَيْـحَـانَـا
لِـــحَـــامِـــلِــيــهِ جَــلَالٌ مِــنْــهُ مُــقْــتَــبَــسٌ
كَأَنَّــــمَــــا رَفَــــعُــــوا لِــــلـــنَّـــاسِ قُـــرْآنَـــا
كَأَنَّ مَــــا احْـــمَـــرَّ مِـــنْـــهُ حَـــوْلَ غُـــرَّتِـــهِ
دَمُ الْـــبَـــرِيءِ ذَكِــيِّ الــشَّــيْــبِ عُــثْــمَــانَــا
كَأَنَّ مَـــا ابْـــيَـــضَّ فِـــي أَثْــنَــاءِ حُــمْــرَتِــهِ
نُــورُ الــشَّــهِــيــدِ الَّــذِي قَــدْ مَــاتَ ظَــمْآنَــا
كَأَنَّـــهُ شَـــفَـــقٌ تَـــسْـــمُـــو الْـــعُــيُــونُ لَــهُ
قَـــدْ قَـــلَّـــدَ الْأُفْـــقَ يَــاقُــوتًــا وَمَــرْجَــانَــا
كَأَنَّـــهُ مِـــنْ دَمِ الْـــعُـــشَّـــاقِ مُــخْــتَــضَــبٌ
يُـــثِـــيــرُ حَــيْــثُ بَــدَا وَجْــدًا وَأَشْــجَــانَــا
كَأَنَّـــــهُ مِـــــنْ جَـــــمَـــــالٍ رَائِــــعٍ وَهُــــدًى
خُـــدُودُ يُـــوسُـــفَ لَـــمَّـــا عَـــفَّ وَلْـــهَــانَــا
كَأَنَّـــــــهُ وَرْدَةٌ حَـــــــمْــــــرَاءُ زَاهِــــــيَــــــةٌ
فِـي الْـخُـلْـدِ قَـدْ فُـتِـحَـتْ فِـي كَـفِّ رِضْـوَانَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: كانت جماعة الهلال الأحمر المصرية قد أحيت ليلة تجمع بها التبرعات لإعانة المقاتلين في طرابلس الغرب من الجيش العثماني حين أغارت إيطاليا عليها، فقال أحمد شوقي هذه القصيدة.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤