صَدَى «أَنَّاتٌ حَائِرَةٌ»

Wave Image
رَحْــمَــتَــا لِــلْــجَــرِيــحِ مِـنْ أَنَّـاتِـهْ
وَلِــسَــمْــعِ الْــوِسَــادِ مِــنْ آهَــاتِـهْ!
غَــرَبَــتْ شَــمْـسُـهُ فَـقَـامَ يُـنَـاجِـي
سَــاهِــدَاتِ الـنُّـجُـومِ فِـي لَـيْـلَاتِـهْ
إِنَّــهَــا بَــيْــنَــهُــنَّ تَــسْــمَــعُ نَـجْـوَا
هُ، وَتَـــبْــكِــي لِــبَــثِّــهِ وَشَــكَــاتِــهْ
أَرْسَــلَــتْ مِـنْ شُـعَـاعِـهَـا ذِكْـرَيَـاتٍ
هَـاجَـتِ الْـكَـامِـنَـاتِ مِـنْ ذِكْـرَيَـاتِهْ
وَلَــهَــا فِــي سَــمَــائِــهَــا خَـفَـقَـاتٌ
أَسْــرَعَــتْ فِــي فُــؤَادِهِ خَـفَـقَـاتِـهْ
سَـبَـحَـتْ فِـي عَـوَالِـمِ النُّورِ «زَيْنٌ»
أَيْـنَ مِـنْـهَـا الْـغَـرِيـقُ فِـي ظُـلُمَاتِهْ؟
كَـمْ يَـمُـدُّ الْـيَـدَيْـنِ أَسْـوَانَ مُـضْنًى
فَــيَــفِــرُّ الـشُّـعَـاعُ مِـنْ قَـبَـضَـاتِـهْ!
وَيَــسُــوقُ الْأَشْــعَــارَ فِــي نَـبَـرَاتٍ
ظَــنَّـهَـا ابْـنُ الْـهَـدِيـلِ مِـنْ نَـبَـرَاتِـهْ
سَــمِــعَ الــدَّوْحُ نَــوْحَـهَـا عَـبْـقَـرِيًّـا
فَــتَــمَـنَّـى لَـوْ نُـحْـنَ فِـي عَـذَبَـاتِـهْ
مُــشْـجِـيَـاتٌ يَـوَدُّ كُـلُّ ابْـنِ غُـصْـنٍ
أَنَّ أَنْــغَــامَــهَــا جَــرَتْ مِـنْ لَـهَـاتِـهْ
قُـلْـتَ شِـعْـرًا فَـلَـمْ يَـكُـنْ غَـيْرَ بَحْرٍ
مِــنْ دُمُــوعٍ طَــفَــا بِــتَـفْـعِـيـلَاتِـهْ
وَبَـعَـثْـتَ الـشُّـجُـونَ فِـي كُلِّ صَدْرٍ
وَأَثَــرْتَ الْــمَــكْـبُـوتَ مِـنْ زَفَـرَاتِـهْ
فَـاقْـتَـسَـمْـنَـا لَـوْعَـاتِ قَلْبِكَ فَانْظُرْ
هَـلْ أَفَـاقَ الْـمِـسْـكِـينُ مِنْ لَوْعَاتِهْ؟
إِنَّ مَـــاءَ الــدُّمُــوعِ أَطْــفَأُ لِــلْــوَجْـ
ـدِ، وَأَشْـفَـى لِـلـصَّـبِّ فِـي خَـلَـوَاتِهْ
فَاسْكُبِ الدَّمْعَ وَابْعَثِ الشِّعْرَ وَامْلَأْ
أُذُنَ الْـــخَـــافِــقَــيْــنِ مِــنْ آيَــاتِــهْ
كُـنْـتَ قَـيْـسًـا بَـكَـى عَـلَـى قَبْرِ لَيْلَا
هُ، وَرَوَّى الــضَّــرِيــحَ مِـنْ عَـبَـرَاتِـهْ
بِــيَ جُــرْحٌ مَــضَــى عَــلَـيْـهِ زَمَـانٌ
حِــرْتُ فِــي أَمْــرِهِ وَأَمْــرِ أُسَــاتِــهْ
كُــلَّــمَــا صَــاحَ نَـادِبٌ هَـاجَ شَـكْـوَا
هُ، وَمَــسَّ الْأَلِــيــمَ مِــنْ نَــدَبَــاتِــهْ
أَنَــا أَبْــكِــي لِــكُــلِّ بَــاكٍ وَنَـفْـسِـي
حَــسَــرَاتٌ تَــذُوبُ فِـي حَـسَـرَاتِـهْ
بَـائِـعَ الـصَّـبْـرِ، إِنْ يَـكُـنْ عُشْرُ مِثْقَا
لٍ بِأَغْـلَـى مَـا فِـي الْـحَـيَـاةِ فَـهَاتِهْ!
كُــلُّــنَــا مَــسَّــهُ مِــنَ الـدَّهْـرِ ظُـفْـرٌ
آهِ مِــنْ ظُــفْــرِهِ وَمِــنْ فَــتَــكَـاتِـهْ!
وَأَدَتْــــنَــــا بَــــنَــــاتُــــهُ بِـــرَزَايَـــا
هَـا، وَمَـنْ ذَا يَـسْـطِـيـعُ وَأْدَ بَـنَاتِهْ؟
فَــكَــرِهْــنَــا حَــتَّـى الـنَّـعِـيـمَ؛ لِأَنَّـا
قَــدْ رَأَيْــنَــا اجْــتَـمَـاعَـهُ لِـشَـتَـاتِـهْ
لَــذَّةُ الْــمَــرْءِ مِـنْ جَـنَـى أَلَـمِ الْـمَـرْ
ءِ وَتَأْتِــــي الْآلَامُ مِــــنْ لَــــذَّاتِــــهْ!
مَــا حَـيَـاةُ الْـمُـحِـبِّ بَـعْـدَ حَـبِـيـبٍ
قَـبَـسَ الـنُّـورُ وَالْـهَـوَى مِنْ حَيَاتِهْ؟
حَــــسْـــبُـــهُ أَنَّـــهُ إِذَا رَامَ قُـــرْبًـــا
لَـمْ يَـجِـدْ لِـلْـوُصُـولِ غَـيْـرَ مَـمَـاتِـهْ
عِـــشْ أَبَـــا وَاثِـــقٍ لِــوَاثِــقٍ الْــبَــا
كِــي، وَلِــلــثَّــاكِــلَاتِ مِـنْ أَخَـوَاتِـهْ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: بعث الشاعر بهذه القصيدة إلى الأستاذ عزيز أباظة عام ١٩٤٤م حينما كان مديرًا للبحيرة عندما أهدى إليه «أنات حائرة» وهي طائفة من الشعر الحزين في رثاء زوجه.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤