الشَّاعِرُ

Wave Image
يَـرَى مِـنْ سُـتُـورِ الْـغَـيْـبِ حَـتَّى كَأَنَّمَا
يُــطَـالِـعُ فِـي سِـفْـرٍ جَـلِـيـلِ الْـمَـرَاقِـمِ
لَــهُ خَــاطِــرٌ يَــقْــظَـانُ لَـيْـسَ بِـنَـائِـمٍ
يَــجِـيـشُ بِأَصْـدَافِ الـلَّآلِـي الْـكَـرَائِـمِ
صَـقِـيـلٌ كَـخَـدِّ الـصُّـبْـحِ سَـمْحٌ كَنُورِهِ
نَــقِــيٌّ كَـصَـوْبِ الْـعَـارِضِ الْـمُـتَـرَاكِـمِ
وَرُوحٌ كَأَنَّ الْـكَـوْنَ مِـنْ فَـرْطِ رُحْـبِـهَـا
بِــهَــا قَــطْــرَةٌ فِــي زَاخِــرٍ مُــتَـلَاطِـمِ
وَلَــحْــظٌ كَأَنَّ الْــبَـرْقَ رِيـشَ سِـهَـامُـهُ
يُــضِــيءُ حَــوَاشِــي كُـلِّ أَغْـبَـرَ قَـاتِـمِ
وَلَفْظٌ كَضَوْءِ الشَّمْسِ فِي مِثْلِ سَيْرِهَا
يَـسُـحُّ بِـفَـيْـضِ الْـعَـقْـلِ سَـحَّ الْـغَمَائِمِ
كَأَنَّ رِيَــاضًــا فِــي مَــثَــانِـي حُـرُوفِـهِ
أَرِجْــنَ بِأَنْــفَــاسِ الــثُّـغُـورِ الْـبَـوَاسِـمِ
يُــحَــمِّــلُ خَـفَّـاقَ الـنَّـسِـيـمِ حَـدِيـثَـهُ
وَيُــرْكِــبُــهُ ظَــهْــرَ الـرِّيَـاحِ الْـهَـوَاجِـمِ
فَـتُـجْـرِيـهِ فِـي أَفْـوَافِ كُـلِّ خَـمِـيـلَـةٍ
وَتُــنْــشِــدُهُ بَــيْـنَ الـرُّبَـى وَالْـمَـخَـارِمِ
وَتُـلْـقِـيـهِ أَنْـدَاءً عَـلَـى الـزَّهْـرِ سَـحْـرَةً
وَتُـوحِـيـهِ سَـجْـعًا فِي صُدُورِ الْحَمَائِمِ
وَتُــرْسِــلُــهُ فِـي الْـجَـوِّ صَـرْخَـةَ آيِـسٍ
يُـجَـاوِبُـهَـا قَـصْـفُ الـرُّعُـودِ الْـغَـوَاشِمِ
وَتُـطْـلِـعُـهُ فَـجْـرًا عَـلَى النَّاسِ وَاضِحًا
يُـرِيـهِـمْ سَـبِـيـلَ الْـحَـقِّ بَـادِي الْـمَعَالِمِ
وَمَـا الـشِّـعْـرُ إِلَّا صَـرْخَـةٌ طَـالَ حَبْسُهَا
يَـرِنُّ صَـدَاهَـا فِـي الْـقُـلُـوبِ الْـكَـوَاتِـمِ
يُــرَقْــرِقُ أَنْـدَاءَ الْـعَـزَاءِ عَـلَـى الْأَسَـى
وَيُــضْــرِمُ طَــوْرًا خَـامِـدَاتِ الْـعَـزَائِـمِ
فَـيَـا رَوْضَـةَ الْـحُبِّ الَّتِي طَلَّهَا نَدَى الْـ
ـجَــمَــالِ وَوَشَّــاهَــا بِـنُـورِ الْـمَـبَـاسِـمِ
دَعِــيـنِـيَ أَنْـشَـقْ فِـي ظِـلَالِـكِ عَـرْفَـهُ
فَإِنَّ حَــيَــاتِــي مِــلْــؤُهُ لِــلْــخَــيَـاشِـمِ
وَإِنَّ شِــفَــائِــي عَــبْــرَةٌ لَــوْ هَـرَقْـتُـهَـا
وَلَـكِـنَّ جَـفْـنِـي كَـالْـبُـطُـونِ الْـعَـقَـائِـمِ
فَإِنْ لَـمْ «يُـغِـثْـنِ» الـلـهُ فِـيكِ بِسَجْعَةٍ
شَـقِـيـتُ بِـجَـمَّـاتِ الْـعُـيُـونِ الـظَّـوَالِمِ
وَفِـي الـشِّـعْـرِ لِـلْـمَـفْـئُـودِ سَـلْوَى وَإِنَّهُ
لَـيُـغْـنِـيهِ عَنْ صَوْبِ الدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إبراهيم عبد القادر المازني: شاعرٌ وروائيٌّ وناقدٌ وكاتبٌ مصريٌّ مِن رُوَّادِ النهضةِ الأدبيةِ العربيةِ في العصرِ الحديث. استَطاعَ أن يجدَ لنفسِه مَكانًا مُتميِّزًا بين أقطابِ مُفكِّري عَصرِه، وأسَّسَ معَ كلٍّ مِن عباس العَقَّاد وعبد الرحمن شُكري «مدرسةَ الديوانِ» التي قدَّمتْ مفاهيمَ أدبيةً ونَقديةً جديدة، استوحَتْ رُوحَها مِن المدرسةِ الإنجليزيةِ في الأدَب.

وُلدَ «إبراهيم محمد عبد القادر المازني» في القاهرةِ عامَ ١٨٩٠م، ويَرجعُ أصلُه إلى قريةِ «كوم مازن» بمُحافظةِ المُنوفية. تخرَّجَ مِن مَدرسة المُعلِّمين عامَ ١٩٠٩م، وعملَ بالتدريسِ لكنه ما لبثَ أنْ ترَكَه ليَعملَ بالصحافة، حيثُ عملَ بجريدةِ الأخبار، وجريدةِ السياسةِ الأُسبوعية، وجريدةِ البلاغ، بالإضافةِ إلى صُحفٍ أُخرى، كما انتُخبَ عُضوًا في كلٍّ مِن مجمعِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرةِ والمجمعِ العِلميِّ العربيِّ بدمشق، وساعَدَه دُخولُه إلى عالمِ الصحافةِ على انتشارِ كتاباتِه ومقالاتِه بينَ الناس.

قرَضَ في بدايةِ حياتِه الأدبيةِ العديدَ من دواوينِ الشعرِ ونَظْمِ الكلام، إلا أنه اتَّجهَ بعدَ ذلك إلى الكتابةِ النَّثريةِ واستغرقَ فيها، فقدَّمَ تُراثًا غَزيرًا من المقالاتِ والقصصِ والرِّوايات. عُرِفَ ناقدًا مُتميِّزًا، ومُترجِمًا بارعًا، فترجمَ مِنَ الإنجليزيةِ إلى العربيةِ العديدَ مِن الأعمالِ كالأَشعارِ والرواياتِ والقصص، وقالَ العقادُ عنه: «إنَّني لمْ أَعرفْ فيما عرفتُ مِن ترجماتٍ للنَّظمِ والنثرِ أديبًا واحدًا يفوقُ المازنيَّ في الترجمةِ مِن لغةٍ إلى لغةٍ شِعرًا ونثرًا.»

تميَّزَ أُسلوبُه سواءٌ في الكتابةِ الأدبيةِ أو الشِّعريةِ بالسخريةِ اللاذعةِ والفكاهة، واتَّسمَ بالسلاسةِ والابتعادِ عَنِ التكلُّف، كما تميَّزتْ موضوعاتُه بالعمقِ الذي يدلُّ على سعةِ اطِّلاعِه، ولا ريبَ في ذلك؛ فقد شملَتْ قراءاتُه العديدَ مِن كُتبِ الأدبِ العربيِّ القديم، والأدبِ الإنجليزيِّ أيضًا، هذا بالإضافةِ إلى قراءتِه الواسعةِ في الكُتبِ الفلسفيةِ والاجتماعية. وعمَدَ المازنيُّ في مدرستِه الأدبيةِ إلى وصفِ الحياةِ كما هي، دونَ إقامةِ معاييرَ أخلاقية، فكانَ في بعض كتاباتِهِ خارجًا عن التقاليدِ والأَعرافِ السائدةِ والمُتداوَلة.

وقد رحلَ المازنيُّ عن عالَمِنا في شهرِ أغسطس من عامِ ١٩٤٩م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤