مَرْحَبًا بِالْهِلَالِ

Wave Image
الْــعَــامُ أَقْــبَــلَ قُــمْ نُــحَـيِّ هِـلَالَا
كَـالـتَّـاجِ فِـي هَـامِ الْـوُجُـودِ جَـلَالَا
طُـغْـرَى كِـتَـابِ الْـكَـائِـنَـاتِ لِـقَـارِئٍ
يَـــزِنُ الْــكَــلَامَ وَيَــقْــدُرُ الْأَقْــوَالَا
مَـلَـكَ الـسَّـمَـاءَ فَـكَـانَ فِي كُرْسِيِّهِ
بَــيْــنَ الْــمَـلَائِـكِ وَالْـمُـلُـوكِ مِـثَـالَا
تَــتَــنَــافَــسُ الْآمَــالُ فِــيــهِ كَأَنَّـهُ
ثَــغْــرُ الْــعِــنَـايَـةِ ضَـاحَـكَ الْآمَـالَا
وَالـشَّـمْـسُ تُـزْلِـفُ عِـيـدَهَـا وَتَزُفُّهُ
بُـشْـرَى بِـمَـطْـلَـعِـهِ الـسَّـعِـيدِ وَفَالَا
عِـيـدُ الْـمَـسِـيـحِ وَعِيدُ أَحْمَدَ أَقْبَلَا
يَـــتَـــبَــارَيَــانِ وَضَــاءَةً وَجَــمَــالَا
مِــيــلَادُ إِحْـسَـانٍ وَهِـجْـرَةُ سُـؤْدُدٍ
قَـدْ غَـيَّـرَا وَجْـهَ الْـبَـسِـيـطَـةِ حَـالَا
•••
قُــمْ لِـلْـهِـلَالِ قِـيَـامَ مُـحْـتَـفِـلٍ بِـهِ
أَثْـنَـى وَبَـالَـغَ فِـي الـثَّـنَـاءِ وَغَـالَـى
نُـورُ الـسَّـبِـيـلِ هَـدَى لِـكُـلِّ فَضِيلَةٍ
يَـهْـدِي الْـحَـكِـيـمُ لَـهَـا وَسَنَّ خِلَالَا
مَــا بَــيْــنَ مَـوْلِـدِهِ وَبَـيْـنَ بُـلُـوغِـهِ
مَـــلَأَ الْـــحَـــيَــاةَ مَآثِــرًا وَفِــعَــالَا
مُــتَــوَاضِــعٌ وَالــلــهُ شَـرَّفَ قَـدْرَهُ
بِــالــشَّــمْــسِ نِــدًّا وَالْـكَـوَاكِـبِ آلَا
مُــتَــوَدِّدٌ عِــنْــدَ الْــكَـمَـالِ تَـخَـالُـهُ
فِــي رَاحَــتَــيْــكَ وَعَـزَّ ذَاكَ مَـنَـالَا
وَافٍ لِــجَــارَةِ بَــيْـتِـهِ يَـرْعَـى لَـهَـا
عَــهْــدَ الـسَّـمَـوْءَلِ عُـرْوَةً وحِـبَـالَا
عَـوْنُ الـسُّرَاةِ عَلَى تَصَارِيفِ النَّوَى
أَمِــنُــوا عَــلَــيْــهِ وَحْـشَـةً وَضَـلَالَا
وَيُـصَـانُ مِـنْ سِـرِّ الـصَّـبَـابَـةِ عِنْدَهُ
مَــا بَــاتَ عِــنْــدَ الْأَكْـثَـرِيـنَ مُـذَالَا
وَيُـشَـكُّ فِـيـهِ فَـلَا يُـكَـلِّـفُ نَـفْـسَهُ
غَــيْــرَ الــتَّــرَفُّــعِ وَالْـوَقَـارِ نِـضَـالَا
سَاءَتْ ظُنُونُ النَّاسِ حَتَّى أَحْدَثُوا
لِـلـشَّـكِّ فِـي الـنُّـورِ الْـمُـبِينِ مَجَالَا
وَالـظَّـنُّ يَأْخُـذُ فِـي ضَمِيرِكَ مَأْخَذًا
حَـتَّـى يُـرِيـكَ الْـمُـسْـتَـقِـيمَ مُحَالَا
وَمِـنَ الْـعَـجَـائِـبِ عِـنْدَ قِمَّةِ مَجْدِهِ
رَامَ الْــمَــزِيــدَ فَــجَــدَّ فِـيـهِ فَـنَـالَا
يَـطْـوِي إِلَـى الْأَوْجِ الـسَّمَوَاتِ الْعُلَا
وَيَـشُـدُّ فِـي طَـلَـبِ الْـكَـمَـالِ رِحَالَا
وَيَـفُـلُّ مِـنْ هُـوجِ الـرِّيَـاحِ عَـزَائِـمًا
وَيَــدُكُّ مِــنْ مَـوْجِ الْـبِـحَـارِ جِـبَـالَا
وَيُـضِـيءُ أَثْـنَـاءَ الْـخَـمَائِلِ وَالرُّبَى
حَــتَّــى تَــرَى أَسْــحَــارَهَــا آصَـالَا
وَيَـجُـولُ فِـي زُهْـرِ الـرِّيَـاضِ كَأَنَّـهُ
صَـيْـبُ الـرَّبِـيـعِ مَـشَـى بِهِنَّ وَجَالَا
•••
أُمَــمَ الْـهِـلَالِ، مَـقَـالَـةً مِـنْ صَـادِقٍ
وَالــصِّـدْقُ أَلْـيَـقُ بِـالـرِّجَـالِ مَـقَـالَا
مُـتَـلَـطِّـفٍ فِي النُّصْحِ غَيْرِ مُجَادِلٍ
وَالـنُّـصْـحُ أَضْـيَـعُ مَـا يَكُونُ جِدَالَا
مِــنْ عَـادَةِ الْإِسْـلَامِ يَـرْفَـعُ عَـامِـلًا
وَيُــسَــوِّدُ الْــمِــقْــدَامَ وَالْــفَــعَّــالَا
ظَــلَــمَـتْـهُ أَلْـسِـنَـةٌ تُـؤَاخِـذُهُ بِـكُـمْ
وَظَـلَـمْـتُـمُـوهُ مُـفَـرِّطِـيـنَ كَـسَـالَى
هَــذَا هِــلَالُــكُــمُ تَــكَـفَّـلَ بِـالْـهُـدَى
هَـلْ تَـعْـلَـمُـونَ مَـعَ الْـهِـلَالِ ضَـلَالَا
سَـرَتِ الْـحَـضَارَةُ حِقْبَةً فِي ضَوْئِهِ
وَمَــشَـى الـزَّمَـانُ بِـنُـورِهِ مُـخْـتَـالَا
وَبَــنَــى لَـهُ الْـعَـرَبُ الْأَجَـاوِدُ دَوْلَـةً
كَـالـشَّـمْـسِ عَـرْشًا وَالنُّجُومِ رِجَالَا
رَفَـعُـوا لَـهُ فَـوْقَ الـسِّـمَـاكِ دَعَـائِمًا
مِـنْ عِـلْـمِـهِـمْ وَمِـنَ الْـبَـيَـانِ طِوَالَا
الــلــهُ جَــلَّ ثَــنَــاؤُهُ بِــلِــسَــانِـهِـمْ
خَــلَــقَ الْــبَــيَــانَ وَعَـلَّـمَ الْأَمْـثَـالَا
وَتَـخَـيَّـرَ الْأَخْـلَاقَ أَحْـسَـنَـهَـا لَـهُـمْ
وَمَــكَــارَمُ الْأَخْــلَاقِ مِـنْـهُ تَـعَـالَـى
كَـالـرُّسْـلِ عَـزْمًـا وَالْـمَـلَائِكِ رَحْمَةً
وَالْأُسْــدِ بَأْسًــا وَالْــغُــيُــوثِ نَـوَالَا
عَـدَلُـوا فَـكَـانُـوا الْـغَـيْثَ وَقْعًا كُلَّمَا
ذَهَـبُـوا يَـمِـيـنًـا فِـي الْوَرَى وَشِمَالَا
وَالْـعَـدْلُ فِـي الـدَّوْلَاتِ أُسٌّ ثَـابِـتٌ
يُـفْـنِـي الـزَّمَـانَ وَيُـنْـفِـدُ الْأَجْـيَـالَا
أَيَّـامَ كَـانَ الـنَّـاسُ فِـي جَـهَـلَاتِـهِـمْ
مِــثْــلَ الْــبَـهَـائِـمِ أُرْسِـلَـتْ إِرْسَـالَا
مِـنْ جَـهْـلِـهِـمْ بِـالـدِّينِ وَالدُّنْيَا مَعًا
عَــبَـدُوا الْأَصَـمَّ وَأَلَّـهُـوا الـتِّـمْـثَـالَا
ضَـلُّـوا عُـقُـولًا بَـعْـدَ عِـرْفَانِ الْهُدَى
وَالْـعَـقْـلُ إِنْ هُـوَ ضَـلَّ كَـانَ عِـقَـالَا
حَـتَّـى إِذَا انْـقَـسَمُوا تَقَوَّضَ مُلْكُهُمْ
وَالْــمُــلْـكُ إِنْ بَـطَـلَ الـتَّـعَـاوُنُ زَالَا
لَــوْ أَنَّ أَبْـطَـالَ الْـحُـرُوبِ تَـفَـرَّقُـوا
غَـلَـبَ الْـجَـبَـانُ عَـلَى الْقَنَا الْأَبْطَالَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤