إِلَى حُمَاةِ الْأَطْفَالِ

Wave Image
دَارُ الــسَّــلَامِ تَــفَــاخَــرَتْ بِـرِجَـالِ
قَــامُــوا بِأَمْــرِ حِــمَـايَـةِ الْأَطْـفَـالِ
وَعُـنُـوا بِـتَـرْبِـيَـةِ الْـبَـنِـيـنَ عِـنَـايَةً
زَادُوا بِـهَـا شَـمَـمًـا عَـلَـى الْأَجْـبَـالِ
وَبَــنَــوْا لَــهُـمْ دَارًا بِـمَـا جَـادَتْ بِـهِ
أَيْـــدِي أَكَــارِمِــهِــمْ مِــنَ الْأَمْــوَالِ
صَـانُـوا بِـهَـا الْأَنْـسَالَ مِنْ أَمْرَاضِهَا
وَمِـنَ الْـحُـقُـوقِ صِـيَـانَـةُ الْأَنْـسَالِ
دَارٌ تَــعِــيــهِــمْ بِــالْأَوَاقِـي كُـلَّ مَـا
يُـخْـشَـى مِـنَ الْأَوْجَـاعِ وَالْأَوْجَـالِ
ضَـمِـنَـتْ لِأَيْـتَـامِ الْأَرَامِـلِ طِـبَّـهُـمْ
وَغِـــذَاءَهُـــمْ وَبَــشَــائِــرَ الْأَبْــلَالِ
لَـمْ يَـخْـشَ فَتْكَ السُّقْمِ فِيهَا رُضَّعٌ
فِـي الْـبُـؤْسِ قَدْ وُلِدُوا مِنَ الْأَفْلَالِ
لــلــهِ تِــلْــكَ الــدَّارُ مِــنْ مُــتَــبَــوَّأٍ
بَــذَّ الــنُّـجُـومَ بِـقُـدْرَةِ الْـمُـتَـعَـالِـي
هِـيَ مَـفْـزَعٌ لِـلْـمُـعْـسِـرِيـنَ وَمَـلْجَأٌ
يَأْتِــيــهِ مَـنْ ضَـنَّـى مِـنَ الْأَطْـفَـالِ
أَحُــمَــاةَ أَطْــفَــالِ الْأَيَـامَـى إِنَّـكُـمْ
جُــدَرَاءُ بِــالــتَّــعْـظِـيـمِ وَالْإِجْـلَالِ
مَـرَّتْ لَـكُـمْ تِـلْـكَ الـسِّـنُـونَ وَكُـلُّـهَا
غُـــرَرٌ تُـــزَانُ بِأَنْـــفَـــعِ الْأَعْـــمَــالِ
كَــافَــحْـتُـمُ الْأَدْوَاءَ فِـي أَيْـتَـامِـنَـا
دَأْبًـــا بِـــغَـــيْـــرِ كَـــلَالَــةٍ وَمَــلَالِ
فِـي حَوْمَةِ الْإِحْسَانِ طَالَ صِيَالُكُمْ
حَــقًّــا فَأَنْــتُــمْ أَشْــرَفُ الْأَبْــطَـالِ
سَـيَـدُومُ مَـسْـعَـاكُـمْ وَيَبْقَى دَأْبُكُمْ
فِــي الــدَّهْــرِ غَــيْـرَ مُـهَـدَّدٍ بِـزَوَالِ
وَلَـسَـوْفَ يَـذْكُرُكُمْ وَيَشْكُرُ سَعْيَكُمْ
مَـنْ سَـوْفَ يَـخْـلُـفُكُمْ مِنَ الْأَجْيَالِ
لِــلَّــهِ أَنْــتُــمْ مِـنْ أَفَـاضِـلَ خُـلَّـصٍ
فَــاقُــوا الْأَنَـامَ بِأَشْـرَفِ الْإِفْـضَـالِ
إِنِّــي أُحَـاوِلُ أَنْ أَكُـونَ مُـعِـيـنَـكُـمْ
لَــوْلَا مَــوَانِـعُ يَـعْـتَـرِضْـنَ حَـوَالِـي
لَوْ أَنَّ ذَاتَ يَدِي اسْتَطَاعَتْ رِفْدَكُمْ
مَــا فَــاقَ نَـوْلُ الـرَّافِـدَيْـنِ نَـوَالِـي
وَلَـوَ انَّ أَيَّـامِـي تَـجُـودُ بِـصِـحَّـتِي
مَـا جَـالَ أَقْـوَى الْـعَـامِـلِينَ مَجَالِي
إِنْ لَــمْ أُعِـنْـكُـمْ بِـالْـفِـعَـالِ فَإِنَّـنِـي
مَــا زِلْـتُ مِـنْ أَعْـوَانِـكُـمْ بِـمَـقَـالِـي
فَإِلَــيْــكُــمُ هَــذَا الــثَّـنَـاءَ مُـخَـلَّـدًا
مِـنْ مَـادِحٍ فِـي الْـمَـدْحِ غَـيْرِ مُغَالِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: اعتزمت جمعية حماية الأطفال إقامة مهرجان كبير، وقد حاولت أن يكون الأول من نوعه، فأرسل الشاعر معروف الرصافي هذه القصيدة، ووعد أن يلقيها بنفسه ولكن عاجلته الوفاة، رحمه الله.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤