جَفَا الرَّوْضَ مُغْبَرَّ الْأَسَارِيرِ مَاطِرُهْ

Wave Image
جَـفَـا الـرَّوْضَ مُـغْـبَـرَّ الْأَسَـارِيـرِ مَاطِرُهْ
وَغَـــادَرَهُ قَــفْــرَ الْــخَــمَــائِــلِ طَــائِــرُهْ
ذَوَى نَــبْـتُـهُ بَـعْـدَ الْـبَـشَـاشَـةِ وَارْتَـمَـتْ
مُــــصَــــوِّحَــــةً أَثْــــمَــــارُهُ وَأَزَاهِـــرُهْ
تَــلَــفَّــتُّ: أَيْــنَ الــرَّوْضُ أَيْــنَ مَــكَـانُـهُ
وَأَيْـــنَ مَـــجَــالِــيــهِ وَأَيْــنَ بَــوَاكِــرُهْ؟
وَأَيْــنَ الَّــذِي لَــمْ يَــطْـرُقِ الْأُذْنَ مِـثْـلُـهُ
إِذَا صَـدَحَـتْ فَـوْقَ الْـغُـصُـونِ مَزَاهِرُهْ؟
حَــمَــائِـمُ أَلْـهَـاهَـا الـنَّـعِـيـمُ عَـنِ الْـبُـكَـا
وَأَذْهَـلَـهَـا عَـنْ عَـابِـسِ الْـعَـيْـشِ نَاضِرُهْ
إِذَا أَرْسَــلَــتْ أَلْــحَــانَـهَـا فِـي خَـمِـيـلَـةٍ
تَــوَثَّــبَ زَهْـرُ الـرَّوْضِ وَاهْـتَـزَّ عَـاطِـرُهْ
لَــهَــا صَــوْتُ دَاوُدٍ وَحُــسْــنُ رَنِــيــنِــهِ
إِذَا مَــا عَـلَـتْ مَـتْـنَ الـنَّـسِـيـمِ مَـزَامِـرُهْ
إِذَا بَـــدَأَتْ أَشْـــجَـــاكَ أَوَّلُ صَـــوْتِــهَــا
وَإِنْ سَــكَــتَــتْ أَعْــيَــا بَــيَــانَـكَ آخِـرُهْ
وَإِنْ هَــتَــفَــتْ فِـي الـدَّوْحِ مَـالَ كَأَنَّـمَـا
يُــسَــايِــرُهَــا فِــي لَـحْـنِـهَـا وَتُـسَـايِـرُهْ
تَـحَـدَّتْ فُـنُـونَ الـمَـوْصِـلِـيِّ وَطَـوَّحَـتْ
بأَنْــفَــسِ مَــا ضُـمَّـتْ عَـلَـيْـهِ بَـنَـاصِـرُهْ
أُولَــــئِــــكَ أَوْتَـــارُ الْإِلَـــهِ وَصُـــنْـــعُـــهُ
إِذَا عَــزَفَـتْ فَـلْـيُـسْـكِـتِ الْـعُـودَ وَاتِـرُهْ
أَلَــمَّــتْ بِأَسْـرَارِ الـنُّـفُـوسِ فَـتَـرْجَـمَـتْ
كَـمَـا فَـسَّـرَ الْـحُـلْـمَ الـمُـحَـجَّـبَ عَـابِـرُهْ
يُــصِــيـخُ إِلَـيْـهَـا أَسْـوَدُ الـلَّـيْـلِ بَـاسِـمًـا
فَــتَـفْـتَـرُّ عَـنْ زُهْـرِ الـنُّـجُـومِ مَـشَـافِـرُهْ
يَــوَدُّ لَــوَ انَّ الْـغِـيـدَ ضَـمَّـتْ شُـعُـورَهَـا
إِلَـى شَـعْـرِهِ الـدَّاجِـي فَـطَـالَـتْ غَـدَائِرُهْ
وَيَــرْجُــو لَـوَ انَّ الْـفَـجْـرَ عُـوِّقَ خَـطْـوُهُ
وَطَــاشَ بِــهِ نَــائِـي الـطَّـرِيـقِ وَجَـائِـرُهْ
وَزَلَّـــتْ بِـــشُــطْآنِ الْــمَــجَــرَّةِ رِجْــلُــهُ
فَــطَــوَّحَــهُ فِــي غَــمْــرَةِ الْـيَـمِّ زَاخِـرُهْ
سَـلِ الـرَّوْضَ إِنْ أَصْـغَـتْ إِلَـيْكَ رُسُومُهُ
مَــــتَــــى رُوِّعَــــتْ أَطْـــلَاؤُهُ وَجَآذِرُهْ؟
وَأَيْــنَ الْــغَــدِيــرُ الْـعَـذْبُ طَـابَ وُرُودُهُ
لِـذِي الْـغُـلَّـةِ الـصَّادِي وَطَابَتْ مَصَادِرُهْ؟
إِذَا فَــاضَ بَــيْــنَ الــزَّهْـرِ تَـحْـسَـبُ أَنَّـهُ
يَــمَــانِــيُّ بُــرْدٍ أَذْهَــلَ الــتَّـجْـرَ نَـاشِـرُهْ
تَأَزَّرَ مِــنْ أَثْــوَابِــهِ الــرَّوْضُ وَاكْـتَـسَـى
فَــرَقَّــتْ حَــوَاشِــيــهِ، وَطَــالَـتْ مَآزِرُهْ
تَـــدُورُ بِــهِ جَــمَّ الْــبَــلَابِــلِ مُــطْــرِقًــا
وَلَـــمْ تَـــدْرِ أَنَّ الـــدَّهْــرَ دَارَتْ دَوَائِــرُهْ
وَتُـصْـغِـي فَـلَا يَـجْـتَـازُ سَـمْـعَـكَ نَـغْـمَةٌ
سِـوَى أَنَّـةٍ يُـلْـهِـي بِـهَـا الْـحُـزْنَ قَـاهِـرُهْ
وَتَـدْعُـو، فَـلَا تَـلْـقَى مُجِيبًا سِوَى النَّوَى
تُــطَــارِحُ مَــطْــوِيَّ الْأَسَــى وَتُــحَـاوِرُهْ
وَقَــفْــتُ بِـهِ وَالْـقَـلْـبُ يَـحْـبِـسُ وَجْـدَهُ
فَـيَـطْـغَـى وَدَمْـعُ الْـعَـيْـنِ يَـنْـهَـلُّ بَـادِرُهْ
وَمَـا وَقْـفَـتِـي بَـيْـنَ الـرِّيَاضِ وَقَدْ عَفَتْ
سِـوَى حَـاجَـةٍ يَـقْـضِـي بِـهَا الْحَقَّ نَاذِرُهْ
أَرَى! مَــــــا أَرَى إِلَّا غُـــــبَـــــارًا أَثَـــــارَهُ
خَـمِـيـسُ الـلَّـيَـالِـي حِـيـنَـمَـا ثَـارَ ثَـائِرُهْ
مَـضَـى الـطَّائِرُ الصَدَّاحُ فَالْأُفْقُ مُوحِشٌ
حَـزِيـنُ الـنَّـوَاحِـي عَابِسُ الْوَجْهِ بَاسِرُهْ
وَأَوْدَى «الزَّهَاوِي» فَانْتَهَى مَلْعَبُ النُّهَى
وَأُطْــفِــئَــتِ الْأَنْــوَارُ وانْـفَـضَّ سَـامِـرُهْ
أَقَــامَ عَــلَــى رَغْــمِ الــنُّــبُـوغِ بِـحُـفْـرَةٍ
وَسَـارَتْ عَـلَـى رَغْـمِ الْـمَـنُـونِ سَـوَائِـرُهْ
وَغَـــادَرَ عَـــرْشَ الـــلَّـــوْذَعِـــيَّـــةِ رَبُّــهُ
وَخَــلَّــى نَــدِيَّ الْــعَــبْــقَــرِيَّــةِ شَـاعِـرُهْ
دَعُــوا ذِكْــرَ إِعْــجَــازِ الْــبَــيَــانِ وَسِـرِّهِ
فَـقَـدْ غَـابَ عَـنْـهُ طِـيـلَـةَ الدَّهْرِ سَاحِرُهْ
لَـهُ خَـاطِـرٌ لَـوْ سَـابَـقَ الْبَرْقَ فِي الدُّجَى
لَـجَـلَّـى عَـلَـى بَـرْقِ الـسَّـمَـوَاتِ خَـاطِرُهْ
تَــمَــلَّــكَ حُــرَّ الــشِّــعْــرِ سِــنُّ يَــرَاعِــهِ
فَــيَــا عَــجَــبًــا أَنْ حَـرَّرَ الـشِّـعْـرَ آسِـرُهْ
تَــمَــنَّــى الْــعَــذَارَى لَــوْ تَــقَــلَّــدْنَ دُرَّهُ
وَرَفَّــتْ عَــلَــى أَجْــيَــادِهِــنَّ جَـوَاهِـرُهْ
وَيُـزْهِـي الْـعُـيُـونَ الـدُّعْـجَ أَنَّ سَـوَادَهَـا
شَــبِــيـهٌ بِـمَـا ضُـمَّـتْ عَـلَـيْـهِ مَـحَـابِـرُهْ
وَمَــا جَــاشَــتِ الــصَّــهْــبَــاءُ إِلَّا لِأَنَّــهَـا
وَقَــدْ صَـفَّـقُـوا مَـشْـمُـولَـهَـا لَا تُـنَـاظِـرُهْ
تَــمُــرُّ بِــهِ مَــرًّا فَــيَــسْــبِــيـكَ بَـعْـضُـهُ
وَتَــقْــرَؤُهُ أُخْــرَى فَــيَـسْـبِـيـكَ سَـائِـرُهْ
تَــرَى فِــيـهِ هَـذَا الْـكَـوْنَ صُـورَةَ حَـاذِقٍ
أَحَــاطَــتْ بِأَسْــرَارِ الْــحَـيَـاةِ بَـصَـائِـرُهْ
وَتَــلْــمَــحُ فِـيـهِ الـرَّأْيَ فِـي بُـعْـدِ غَـوْرِهِ
كَـمَـا غَـاصَ تَـحْـتَ الْـمَـاءِ لِـلـدُّرِّ ذَاخِـرُهْ
وَتَـــلْـــقَـــى بِـــهِ الْآذِيَّ فِـــي ثَـــوَرَانِــهِ
إِذَا عَــقْــلُــهُ الْــجَــبَّــارُ مَــارَتْ مَـوَائِـرُهْ
لَــهُ قَــلَــمٌ لَــوْ لَامَــسَ الــطِّــرْسَ مَــرَّةً
تَــدَانَـى لَـهُ صَـعْـبُ الْـقَـرِيـضِ وَنَـافِـرُهْ
لَـقَـدْ كَـانَ مِـنْـظَـارَ الـنُّـفُـوسِ فَلَمْ يَجُلْ
بِــنَــفْــسٍ هَــوًى إِلَّا وَطَــرْفُــكَ نَـاظِـرُهْ
يَــلُــوحُ بَــعِــيـدُ الـرَّأْي خَـلْـفَ زُجَـاجِـهِ
وَحَــاضِــرُ تَــارِيــخِ الْــحَــيَـاةِ وَغَـابِـرُهْ
بَـــرَاهُ إِلَـــهُ الْـــخَــلْــقِ عَــزْمًــا وَجُــرْأَةً
تَـــهَــابُ الــرَّوَاسِــي حَــدَّهُ وَتُــحَــاذِرُهْ
وَصَـــوَّرَهُ عَـــضْـــبًـــا تَـــفِـــرُّ لِــهَــوْلِــهِ
ذِئَــابُ الــدَّنَــايَــا شُــرَّدًا وَهْـوَ شَـاهِـرُهْ
كَأَنَّ عَــصَــا مُــوسَــى أُعِــيـدَتْ بِـكَـفِّـهِ
يُــصَــاوِلُ مَــنْ يَــرْمِــي بَـهَـا وَيُـغَـاوِرُهْ
يَــقُــولُ جَــرِيــئًــا مَــا يُــرِيــدُ وَرُبَّــمَــا
يَــقُــولُ الْــفَـتَـى مَـا لَـمْ تُـرِدْهُ سَـرَائِـرُهْ
وَكَـمْ مِـنْ فَـتًـى يَـقْضِي بِنَفْسَيْنِ عَيْشَهُ
مَــظَــاهِــرُهُ نَــفْـسٌ، وَنَـفْـسٌ مَـخَـابِـرُهْ
تَــرَاهُ مَــعَ الــنُّــسَّــاكِ فِــي خَــلَـوَاتِـهِـمْ
وَفِـي الْـحَـانِ قَـدْ نَـمَّـتْ عَـلَـيْـهِ سَتَائِرُهْ
لِــسَــانٌ كَــمَــا طَــالَ الْـجَـرِيـرُ مُـسَـبِّـحٌ
رِيَــاءً، وَمِــنْ خَــلْـفِ الـلِّـسَـانِ جَـرَائِـرُهْ
إِذَا لَـمْ يَـكُـنْ فِـي الْـحَـرْبِ قَـلْـبُـكَ بَاتِرًا
فَـمَـاذَا يُـفِـيـدُ الْـمَرْءَ فِي الْحَرْبِ بَاتِرُهْ؟
حَـنَـانًـا لَـهُ! كَـيْـفَ اسْـتَـقَرَّتْ بِهِ النَّوَى؟
وَكَــيْــفَ ثَـوَى بَـعْـدَ الـتَّـلَـهُّـفِ حَـائِـرُهْ؟
وَهَــلْ بَــعْـدَ لَـيْـلٍ فِـي الْـحَـيَـاةِ مُـؤَرِّقٍ
كَـثِـيـرِ الـتَّـظَـنِّـي أَبْصَرَ الصُّبْحَ سَاهِرُهْ؟
•••
شَـقَـقْـتُ إِلَـيْـكَ الـطُّـرْقَ وَالـقَلْبُ خَافِقٌ
تُـــــرَاوِحُـــــهُ آلَامُـــــهُ وَتُــــبَــــاكِــــرُهْ
تَــــذَكَّــــرَ أُلَّافًــــا أَلَـــمُّـــوا فَـــوَدَّعُـــوا
كَــطَــيْــفِ خَــيَــالٍ أَرَّقَ الــصَّـبَّ زَائِـرُهْ
وَنَــحْــنُ حَــيَــاةٌ، وَالْـحَـيَـاةُ إِلَـى مَـدًى
وَلَــوْلَا الْـمُـنَـى لَـمْ يَـبْـذُرِ الْـحَـبَّ بَـاذِرُهْ
وَإِنَّ الْـمُـهُـودَ الـزَّهْـرَ — لَـوْ عَـلِمَ الْفَتَى
وَفَــكَّــرَ فِــي غَــايَــاتِــهِـنَّ — مَـقَـابِـرُهْ
سَـمَـوْتُ إِلَـى بَـغْـدَادَ وَالـشَّـوْقُ نَـحْـوَهَا
يُــسَــاوِرُنِــي حِــيــنًـا وَحِـيـنًـا أُسَـاوِرُهْ
كِـــلَانَـــا نَأَى عَـــنْ أَهْــلِــهِ وَعَــشِــيــرِهِ
لِــيَــلْــقَــاهُ فِــيــهَــا أَهْــلُــهُ وَعَـشَـائِـرُهْ
حَــبِـيـبٌ إِلَـى نَـفْـسِـي الْـعِـرَاقُ وَأَهْـلُـهُ
وَسَـالِـفُـهُ الـزَّاهِـي الْـمَـجِـيـدُ وَحَـاضِرُهْ
دِيَـــارٌ بِـــهَـــا الْإِسْــلَامُ أَرْسَــلَ ضَــوْءَهُ
فَـسَـارَ مَـسِيرَ الشَّمْسِ فِي الْأُفْقِ سَائِرُهْ
وَمَــدَّتْ بِــهَـا الْآدَابُ ظِـلًّا عَـلَـى الْـوَرَى
تَـــسَـــاوَتْ بِـــهِ آصَـــالُـــهُ وَهَــوَاجِــرُهْ
تَــجَــلَّــى بِــهَــا عَــهْـدُ الـرَّشِـيـدِ وَعِـزُّهُ
وَزَاهِــرُ مُــلْــكِ الْــفَــاتِــحِـيـنَ وَبَـاهِـرُهْ
إِذَا شِـئْـتَ مَـجْـدَ الْـعُـرْبِ فِـي عُـنْفُوَانِهِ
فَــهَــذِي مَــغَــانِــيــهِ، وَهَــذِي مَــنَـائِـرُهْ
أَطَـلَّـتْ عَـلَـى الـدُّنْـيَـا فأَبْـصَـرَتِ الْهُدَى
كَــمَـا لَـمَـعَـتْ فِـي جُـنْـحِ لَـيْـلٍ زَوَاهِـرُهْ
تُــفَــاخِــرُ بِــالْــغَــازِي الَّـذِي سَـارَ ذِكْـرُهُ
وَدَوَّتْ بِآفَـــاقِ الْـــبِـــلَادِ مَـــفَـــاخِـــرُهْ
هُـوَ الْمَلْكُ أَمْضَى مِنْ شَبَا السَّيْفِ عَزْمُهُ
وَأَغْــزَرُ مِــنْ مَــاءِ الـسَّـحَـائِـبِ هَـامِـرُهْ
نَــمَــاهُ بُــنَــاةُ الْــمَــجْـدِ مِـنْ آلِ هَـاشِـمٍ
فَــجَـلَّـتْ مَـرَامِـيـهِ وَطَـابَـتْ عَـنَـاصِـرُهْ
أَعَــادَ إِلَــى عَــهْــدِ الْــبَــيَــانِ شَــبَــابَــهُ
فَــهَــبَّ فَــتِـيًّـا يَـنْـفُـضُ الـتُّـرْبَ دَاثِـرُهْ
يُــرِيــكَ بِــهِ الْـمَـنْـصُـورَ مَأْثُـورُ حَـزْمِـهِ
وَتُـــذْكِـــرُكَ الْـــمَـــهْــدِيَّ فِــيــهِ مَآثِــرُهْ
ذَكَـرْنَـا اسْـمَـهُ طُـولَ الـطَّـرِيـقِ فَـذُلِّـلَتْ
مَــصَـاعِـبُ مَـتْـنَـيْـهِ وَضَـاءَتْ دَيَـاجِـرُهْ
•••
جَــمِــيــلُ، نِـدَاءٌ مِـنْ أَخٍ يَـقْـدُرُ الـنُّـهَـى
وَإِنْ لَــمْ يُــمَــتَّــعْ بِــاجْـتِـلَائِـكَ نَـاظِـرُهْ
عَــرَفْــتُــكَ فِــي آثَــارِكَ الْــغُـرِّ مِـثْـلَـمَـا
تُــنَــبِّــئُ عَــنْ وَجْـهِ الـصَّـبَـاحِ بَـشَـائِـرُهْ
عَـرَفْـتُ «جَـمِـيـلًا» فِـي جَـمِـيـلِ بَـيَـانِهِ
يُـــشَــاطِــرُنِــي وِجْــدَانَــهُ وَأُشَــاطِــرُهْ
تُــجَــاوِرُنِـي فِـي دَوْحَـةِ الـنِّـيـلِ رُوحُـهُ
وَرُوحِــي بِــدَوْحِ الــرَّافِــدَيْـنِ تُـجَـاوِرُهْ
إِذَا اجْــتَــمَــعَ الْـقَـلْـبَـانِ فَـالْـكَـوْنُ كُـلُّـهُ
مَــكَـانٌ، وَإِنْ شَـقَّـتْ وَطَـالَـتْ مَـعَـابِـرُهْ
لَـنَـا نَـسَـبٌ فِـي الْـمَـجْـدِ يَـجْـمَـعُ بَـيْـنَنَا
تَــعَــالَــتْ أَوَاسِــيــهِ، وَشُــدَّتْ أَوَاصِـرُهْ
أَلَـسْـنَـا حُـمَـاةَ الْـقَـوْلِ فِـي كُـلِّ مَـحْفِلٍ
تَــتِــيــهُ بِــنَــا فِـي كُـلِّ أَرْضٍ مَـنَـابِـرُهْ؟
•••
صَـبَـبْـتُ عَـلَـيْـكَ الدَّمْعَ سَحًّا، وَمَدْمَعِي
عَـــزِيـــزٌ، وَلـــكِــنْ أَجْــوَدُ الــدُّرِّ نَــادِرُهْ
وَأَرْسَـلْـتُ فِـيـكَ الـشِّـعْـرَ لَـوْعَـةَ مُـوجَعٍ
تَــئِــنُّ قَــوَافِــيــهِ وَتَــبْــكِــي صَـدَائِـرُهْ
عَــلَــيْــكَ سَــلَامُ الــلــهِ نُــورًا وَرَحْـمَـةً
وَغَــادَتْــكَ مِـنْ سَـيْـبِ الْإِلَـهِ مَـوَاطِـرُهْ!

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أقامت الحكومة العراقية حفلًا جامعًا لتأبين شاعرها الكبير «جميل صدقي الزهاوي» دعت إليه شعراء الأقطار العربية ومن بينهم الشاعر. وقد أُلقيت هذه القصيدة ببغداد في ١٢ من فبراير سنة ١٩٣٧م.
  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤