مِنْ شَاعِرٍ إِلَى شَاعِرٍ

Wave Image
وَقَــــفْــــتَ تُــــجَـــدِّدُ آثَـــارَهَـــا
وَتُــنْــشِــرُ لِــلْــعُــرْبِ أَشْــعَــارَهَـا
وَتَــرْجِــعُ بَــغْــدَادَ بَــعْــدَ الْـفَـنَـاءِ
تُـــحَــدِّثُ لِــلــنَّــاسِ أَخْــبَــارَهَــا
وَتَــبْــعَــثُ حَــسَّــانَ مِـنْ رَمْـسِـهِ
وَتُــحْــيِــي عُــكَــاظَ وَسُــمَّـارَهَـا
بِـــشِـــعْـــرٍ لَـــهُ نَـــبَـــرَاتٌ تَــهُــزُّ
نِـــيَـــاطَ الْـــقُــلُــوبِ وَأَوْتَــارَهَــا
أَطَـاعَـتْ قَـوَافِـيـهِ بَـعْدَ الشِّمَاسِ
جَــرِيءَ الْــقَــرِيــحَــةِ جَــبَّــارَهَــا
وَنَــظْــمٍ لَــهُ نَــفَــحَـاتُ الـرِّيَـاضِ
إِذَا نَـــقَّـــطَ الـــطَّـــلُّ أَزْهَـــارَهَــا
فَـمِـنْ حِـكْـمَـةٍ عَـلَّـمَـتْـهَـا السِّنُونَ
حِـــوَارَ الـــنُّــفُــوسِ وَإِسْــرَارَهَــا
لَــهَـا صَـفْـحَـةُ الْـكَـوْنِ مَـنْـشُـورَةٌ
يُــتَــرْجِــمُ بِــالـشِّـعْـرِ أَسْـطَـارَهَـا
•••
وَتَــشْـبِـيـبِ لَاهٍ لَـعُـوبِ الـشَّـبَـابِ
يُــنَــاجِــي الــسَّــمَـاءَ وَأَقْـمَـارَهَـا
تَــــرَاهُ وَظِـــلُّ الـــصِّـــبَـــا وَارِفٌ
جَــمُــوحَ الْــعَــرِيــكَــةِ مَــوَّارَهَــا
يُــغَــنِّــي كَــمَــا صَــدَحَـتْ أَيْـكَـةٌ
وَقَــدْ نَــبَّــهَ الــصُّــبْـحُ أَطْـيَـارَهَـا
وَيَـبْـكِـي فَـيُـبْـكِـي رُسُـومَ الدِّيَارِ،
حَـــنَـــانًـــا عَـــلَـــيْــهِ، وَآثَــارَهَــا
وَيَــنْــسَـبُ حَـتَّـى يَـلِـيـنَ الْـهَـوَى
وَتَــقْــضِــي الـصَّـبَـابَـةُ أَوْطَـارَهَـا
وَتَـنْـسَـى الْـكَـوَاعِبُ آيَ الْحِجَابِ
وَتَــبْــكِــي الْــعَــجَـائِـزُ أَعْـمَـارَهَـا
•••
وَتَـصْـوِيـرِ طَـبٍّ صَـنَـاعِ الْـيَـدَيْـنِ
حَــبَــتْــهُ الــطَّــبِــيـعَـةُ أَسْـرَارَهَـا
كَأَنَّ «رُفَـــائِـــيـــلَ» فِـــي كَــفِّــهِ
يُــعِــيــدُ الْــفُــنُــونَ وَأَعْـصَـارَهَـا
يُــرِيــكَ إِذَا خَــطَّ فِــي طِــرْسِــهِ
حَــــيَـــاةَ الْـــقُـــرُونِ وَأَدْوَارَهَـــا
وَيَــرْسُــمُ «أَنْــدَلُــسًــا» بِـالْـيَـرَاعِ
فَـــتَــلْــمِــسُ كَــفُّــكَ أَسْــوَارَهَــا
وَإِنْ وَصَفَ الْحَرْبَ خِلْتَ الْحِرَابَ
تَـــسُــدُّ مِــنَ الْأَرْضِ أَقْــطَــارَهَــا
فَـتُـمْـسِـكُ جَـنْـبَـكَ ذُعْـرًا تَـخَـافُ
قَـــنَـــاهَـــا وَتَـــرْهَــبُ بَــتَّــارَهَــا
أَشَـوْقِـي وَأَنْـتَ طَـبِـيبُ النُّفُوسِ
وَضَــعْــتَ عَـنِ الـنَّـفْـسِ آصَـارَهَـا
•••
نَـصَـرْتَ الْـفَـضِـيـلَـةَ، مِـنْ بَعْدِ أَنْ
طَــوَاهَــا الــزَّمَــانُ، وَأَنْــصَــارَهَـا
وَجِـئْـتَ لِـمِـصْـرَ كَعِيسَى الْمَسِيحِ
تُـــفَـــتِّـــحُ لِــلــنُّــورِ أَبْــصَــارَهَــا
بِآيٍ تُــفَــصِّــلُــهَــا مُــحْــكَــمَــاتٍ
كَأَنَّ مِـــنَ الْـــوَحْـــيِ أَفْــكَــارَهَــا
تَــرُدُّ الــشَّــبِــيــبَـةَ لِـلـصَّـالِـحَـاتِ
وَتَـــرْجِـــعُ لِـــلــدِّيــنِ هَــتَّــارَهَــا
جَــزَيْــتُ بِــشِـعْـرِكَ شِـعْـرًا وَهَـلْ
تُــجَــازِي الْـخَـمَـائِـلُ أَمْـطَـارَهَـا؟
فَـكُـنْـتَ شَـرِيـفَ قَـوَافِـي الْـبَيَانِ
وَكُــنْــتُ بِــفَــضْــلِــكَ مِـهْـيَـارَهَـا
فَـغَـرِّدْ كَـمَـا شِـئْـتَ لَا فُـضَّ فُـوكَ
وَعِــشْ بَــطَـلَ الـضَّـادِ مِـغْـوَارَهَـا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤